Page 69 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 69

‫في الس ّنة الأولى للزواج‪ ،‬تظهر بين الزوج والزوجة آرا ٌء (متّى ‪ )38 :10‬يعني المتز ّوجين أول ًا‪ ،‬بمعنى أ ّن من يتز ّوج‬
‫مختلفة وتبرز تص ّرفات لم تكن متوقّعة من ك ّل منهما‪ .‬يحمل صليب الح ّب‪ ،‬وهكذا يتط ّور الحب وينضج ويثمر‪،‬‬
‫يتفاجأ الزوج أو الزوجة بأفعال ور ّدات أفعال لم يختبراها فيستح ّق فرح الحياة‪ .‬يعرّب العالِم د‪ .‬كارل ج‪ .‬يونج‬

‫في فترة الخطوبة‪ .‬وهنا تتأ ّكد المقولة المشهورة‪" :‬الزواج (‪ )Carl G. Jung‬في كتابه ذكريات وأحلام وتأملات‪" :‬من‬

‫صندوق مس ّكر"‪ .‬فأحيانًا كثيرة ننسى أ ّن الإنسان يحمل النادر‪ ،‬أو قد لا يحدث على الإطلاق‪ ،‬أن يتط ّور الزواج إلى‬

‫تاريخه الشخص ّي في العلاقات منذ نعومة أظافره‪ ،‬وهذا علاقة شخص ّية بهدوء ولطف من دون أزمة‪ .‬لا يأتي الإنسان‬
‫التاريخ رمّبا كان قد س ّبب له جرو ًحا نفسيّة كامنة في إلى الوعي والإدراك من دون ألم"‪ .‬ولك ّن الر ّب يسوع يح ّول‬
‫ضميره الواعي‪ ،‬وخ ْد ُش هذه الجروح‪ ،‬في ظروف مفاجئة‪ ،‬الألم إلى فرح وراحة فيقول‪" :‬تعالَوا إل ّي يا جميع المت َعبين‬
‫يُس ّبب ردو ًدا غير مرغوب فيها روح ًّيا ونفسيًّا وجسديًّا‪ .‬والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (متّى ‪ .)28 :11‬وهنا يعرّب‬
‫وهذه الردود تُفاجئ الآخر (الزوج أو الزوجة)‪ ،‬وتخ ّيب الشيخ إيميليانوس من دير سيمونوبتراس في جبل آثوس‬
‫نظرته إلى الحياة الزوج ّية التي يحلم بها‪ .‬وهنا‪ ،‬يبدأ الزوج فيقول‪" :‬الزواج هو طريق فيه الأحزان والأفراح‪ .‬عندما‬
‫والزوجة‪ ،‬بسبب هذه الخيبة‪ ،‬بمراجعة رؤيتهما للح ّب تجتاحك الأحزان عليك أن تتذكّر أ ّن الله معك‪ .‬هو من‬
‫وكيف ّية إظهاره‪ :‬كيف ينموان من ح ّب الذات الطفول ّي سيحمل صليبك‪ .‬هو من وضع الإكليل على رأسك‪ .‬ولكن‪،‬‬
‫والأنان ّي‪ ،‬إلى ح ّب الآخر الناضج المضح ّي والصبور؟ فاذا عندما نسأل الله من أجل مشاكلنا‪ ،‬لا يُرسل لنا دائمًا الح ّل‬
‫كانا يفهمان الح ّب كموضوع محصور بانجذاب عاطف ّي بشكل سريع‪ .‬إنّه يقودنا إلى الأمام بتم ّهل‪ .‬أحيانا يأخذنا‬
‫ُمتبا َد ٍل يضمن ال ِانسجام والسعادة أو إرضا ًء رومانسيًّا لسنوات‪ .‬يجب أن نختبر الألم‪ ،‬وإاّل فالحياة لا معنى لها‪.‬‬
‫من ِقبَل ك ّل واحد لمل ّذات الآخر‪ ،‬لن يتو ّصلا الى حلول ولكن ل َن ِثق بالر ّب‪ ،‬لأن الر َّب يتألّم معنا‪ ،‬والروح القدس‬

       ‫ُمرضية تفتح لهما باب التفاهم‪ .‬إذ إن ك ّل محطّة على يشفع فينا "بأنّات لا توصف" (رومية ‪.")26 :8‬‬

‫طريق الحياة لها مفاجآتها التي تزعزع ثبات التفاهم بين يشير العالم أريك فروم (‪ ،)Erich Fromm‬في كتابه "فن‬

‫الزوجين‪ ،‬وتشعل نار غضب الاختلاف بوجهات النظر‪ ،‬الح ّب" إلى أ ّن "الح ّب قرار" ويشرح قائاًل‪" :‬إ ّن ح ّب شخص‬
‫كمثل متطلّبات عمل جديد‪ ،‬أو ضرورات لتغيّير السكن‪ ،‬ما ليس شعو ًرا قويًّا‪ ،‬إنه قرار‪ ،‬إنّه حكم‪ ،‬إنّه وعد"‪ .‬أ ّما‬
‫أو للسفر خارج البلد‪ .....‬إلخ‪ .‬أ ّما إذا التقيا حول روح المسيح فيوضح أ ّن الح ّب قرا ٌر بحمل الصليب‪" :‬ليس لأحد‬
‫الصليب‪ ،‬أي حول إفراغ الذات من الأنانيّة من أجل الآخر‪ ،‬ح ٌّب أعظ ُم من هذا‪ :‬أن يضع نفسه لأجل أحبّائه" (يوح ّنا‬
‫وضبط النفس‪ ،‬والصبر‪ ،‬وتف ّهم الآخر‪ ،‬واحترام ك ّل منهما ‪ .)13 :15‬وهذا يعني أ ّن ال ِانسان يستعمل قراره الشخص ّي‬
‫ح ّريّ َة شريكه‪ ،‬وحول القبول الطوع ّي المُتبا َدل للآ َخر رغم وح ّريّته وإرادته للسير في طريق صليب الح ّب المض ّحي‪.‬‬
‫اكتشاف عاّلته المخفيّة والصعبة العلاج‪ ،‬واض َعين رجا َءهما يبقى أن نتّخذ من يساعدنا في السير بالاِتّجاه الصحيح‬
‫باللّه وحده‪ ،‬فيبدأ هنا َسي ُرهم في طريق التفاهم‪ ،‬ويستم ّر على هذه الطريق‪ ،‬أي كاه َن الرع ّية أو الأ َب الروح ّي الذي‬
‫مدى الحياة رغم مط ّباتها‪ ،‬وينمو ح ّبهما ويصبح "قويًّا يرشدنا إلى الغفران والمسامحة‪ ،‬إلى طاعة المسيح المصلوب‬
‫كالموت" (نشيد الأنشاد ‪ ،)6 :8‬ليقتحم باب فرح القيامة‪ .‬وحبّه القائم‪ ،‬إلى الحياة الزوج ّية المبا َركة‪ ،‬وإلى القداسة‬

                                  ‫لع ّلقولالر ّب‪":‬منلايحم ُلصلي َبهويتبعنيفلايستح ّقني" والخلاص‪.‬‬

‫العدد ‪٢٠٢٤ - 4‬‬  ‫‪68‬‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74