Page 64 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 64
جديداً للتعامل مع الله من موقع محبّة وتواضع .الله كخليقة ص َنعها بكلمته الإله ّية بل ،كذلك ،كتعبير عن
الآب هو المح ّب الذي ،رغم ابتعاده الكيان ّي غير المدرك إرادته أن يكونوا ،هم أي ًضا ،واح ًدا في طريقة عيشهم
عن الإنسان ،يتب ّنى الإنسان ويعرّب له عن مح ّبته الأبويّة التي تنسجم مع المحبة وتتكامل بها .بهذا الشكل تكون
ورعايته الوالديّة .هذا يعني ،من النواحي كاف ًة ،التزاماً هذه البن ّوة لله محطّة انطلاق للإنسان نحو تحقيق
إله ًّيا بالعناية بالإنسان واهتماماً خالصاً بحياة الإنسان هدف الله من خلقه إيّاه .من جهة أولى تُظ ِه ُر هذه
البن ّوة لله أ ّن علاقة الإنسان مع الله تمتلك موقعاً حاسماً ومصيره في هذا العالم.
بنا ًء على ما سبق ،لا يعود الله شخ ًصا متعال ًيا لامباليًا وأه ّم ّية مركزيّة في عيش الإنسان للحياة بأبعادها
بالإنسان وإمّنا أ ٌب عطو ٌف ورا ٍع لمخلوقه المحبوب ،الروح ّية الأساس ّية ،وكذلك لضرورة انخراطه في الطاعة
لصورته على الأرض .يعرّب عن عمق التزام الأب السماو ّي الح ّرة لمشيئة الله التي تح ّقق له كينونته حسبما هي
بأب ّوته للإنسان ما يراه المرء في صورة الأب الحنون في مرسومة في صورة الله التي فيه .من جهة أخرى ،تنتج
مثَل الاِبن الشاطر الذي ش ّكلت عودته إلى الحضن عن العلاقة الصحيحة مع الله علاق ٌة صحيح ٌة أيضاً مع
البشر في المجتمع ،وهذا ليس لأ ّن الأبو ّي سبب فرح سماو ٍّي لا
الوجود ضمن المجتمعات البشرية يوصف وإشار ًة أساس ّية إلى عمق
مح ّبة الله للإنسان ،حتّى في أحلك
يُحتّم لقاء الإنسان مع الإنسان، حالاته التي تتمثّل في انغماسه في
بل لأ ّن العلاقة مع الإنسان الآخر
هي البرهان الجوهر ّي على قيام خطاياه وتغ ّربه عن حضن الآب
السماو ّي.
العلاقة مع الله ونوع ّيتها ومدى
تحقيقها لهدفها. لا تُستَهلَ ُك صورة الأب السماو ّي
بهذا الشكل تكون العلاقة في هذا الشرح وإمّنا يُستَ َد ُّلَ ،عب َر
ما سبقت الإشارة إليه ،على أ ّن الأب السماو ّي الواحد الصحيحة مع الله هي الأص َل في العلاقة الصحيحة مع
ينظر إلى ك ّل إنسان بمح ّبة ،وصبر ورعاية واهتمام .الآخرين .من دون تحقيق هذا الأمر تبقى العلاقة مع
هذا يعني أ َّن البشر جميعاً هم في صلب عناية الآب الله أم ًرا نظريًّا لا يمتلك عم َق كيان ّيًا له َعب َر خبرة الحياة
السماو ّي سواسي ٌة .وهذا ما تشرحه الخليقة للإنسان َعب َر اليوم ّية في المجتمع.
نظامها الطبيع ّي الذي يو ّزع الأشيا َء والخيرا ِت ،التي لا إ ّن القبول الطوع ّي لوجود الله كأب في حياة الإنسان
يد للإنسان فيها ،بعدل ومساواة بين جميع الناس دونما هو من العناصر المه ّمة أيضاً بالنسبة لتكوين هذه
البن ّوة مع الله .تبقى أطر العلاقة الإنسانيّة _الإله ّية تمييز ،لأ ّي اعتبار كان.
رهن القبول الح ّر لوجود سلطة الأب السماو ّي في حياة بن ّو ٌة واحد ٌة
الإنسان .من دون قبول ال ِانسان لمشيئة الله في حياته
تأتي بن ّوة البشر لله كنتيج ٍة طبيعيّة لوحدان ّية الآب تبقى خبرة الإيمان بالله خبرة ناقصة وغير مكتملة ،وذلك
السماو ّي الذي يعطيهم وحد ًة لا تظهر فقط في أصلهم بأنها لا تص ّور في مسيرتها انعكاس خبرة طاعة الله ،أي
63 Issue 4 - 2024