Page 63 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 63
معه فاعليّة مختلفة وتأثي ًرا عمي ًقا يطال جوهر الأمور الصورة الإلهيّة تمنح البشر جميعاً مساوا ًة ،بعضهم
لا عوارضها .وتُع ّمق الكنيسة الأرثوذكسية ،في رؤيتها ببعض من جهة ،وتضعهم في بوتقة الهدف الواحد في
المتج ّددة بالروح للحياة ،ارتباطها بس ّيدها ورأسها ،الر ِّب الوجود ،من جهة أخرى ،أي أن يكونوا على مثال الله.
يسوع المسيح ،تط ّبق وصاياه ،تع ّمق ،بخبرتها التاريخيّة ،بهذا الشكل لا يكون الآخر ن ًّدا وإنما شري ًكا في الأصل
أصالة الحياة المستنيرة فيه ،ومن هذا المنطلق بالتحديد ،والهدف .لا يمكن لهذه الشراكة أن تجد طريقها إلى النمو
تعالج مشاكل الإنسان والعال ِم الذي يعيش فيه .ترى إاّل وسط روح السلام والوداعة .وهذا يرتبط ،بالأصل،
الكنيسة أ ّن اهتمامها الأ ّول وشغفها بالسماويّات مع حقيقة بن ّوة الإنسان لله حسبما تقول تطويبة
ينعكس إيجابًا على رؤيتها للحياة وللإنسان بشكل المسيح لفاعلي السلام "لأنّهم أبناء الله يُد َعون( ".متّى
.)9:5هذه الشراك ُة ،الإنسان ّي ُة، صحيح .هي ،في الوقت ذاته،
في منطلقها الذي هو طبيعة بعيدة عن روح العالم ولك ّنها،
البشر الواحدة ،قائم ٌة كذلك َعب َر علاقتها بالمسيح وخبرتها
على السلام الذي صنعه للحياة فيه ،تُش ِرُك الإنسان في
المسيح بدمه الكريم وعمله رؤية متج ّددة لذاته ولحياته
الفدائ ّي لأجل الإنسان .ج َم َع ولهدفه من الوجود في العالم،
أبناء الله المتف ّرقين إلى واحد، وبهذا الشكل هي قريبة ج ًّدا
وأعطى للجميع شرف أن من الإنسان الذي يحيا في
ينادوا الآب السماو ّي فيقولون العالم .بكلمات أخرى ،تُش ِرك
"أبانا الذي في السماوات". الإنسان في معاينتها الجوهريّة
للحياة ،هذه المعاين ِة التي
أ ٌب واح ٌد ليست من هذا العالم ولا هي
يضع الر ّب يسوع ،في صلاة أسيرته ،كي تستطيع ،بأفضل
"أبانا الذي في السماوات"، طريقة ،أن تتعامل مع مسيرة
وع َي الإنسان أمام واقعٍ كيان ٍّي مختلف وفه ٍم أكثرَ عمقاً الحياة بمختلف معطياتها ومحطّاتها.
ووضوحاً لماهيّة علاقة الإنسان مع الله وعلاقة الإنسان عائل ٌة واحدة
مع الإنسان ،كما ولعلاقته مع ذاته .إ ّن المكسب الأ ّول
تع ّمق الكنيس ُة ،في اهتمامها الأوحد بالإنسان ،الشركة في قراءة صحيحة وعميقة للصلاة الربّيّة ليس هو فه َم
الإنسانيّة الإلهيّة والشركة الإنسان ّية برو ٍح واح ٍد .تعرّ ُب بن َّوة الإنسان لله ،بل معرف ُة الطريقة التي يتعاطى بها
الحياة المسيحيّة ،المتأ ّصلة في تعليم المسيح ،عن وحدانيّة الله مع الإنسان من موقع الأب لا من موقع السيد
طبيعة البشر وكرامتهم الواحدة .هذا كلّه ينطلق من المسيطر والمستب ّد .إ ّن إدراك صفة الأب ّوة لدى الله
كون الإنسان ،ك ّل إنسان ،في البدء ،صور َة الله .هذه وإدراك موقفه الوالد ّي تجاه الإنسان ير ّسخان مفهوماً
العدد ٢٠٢٤ - 4 62