Page 67 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 67

‫قبل ك ّل شيء‪ ،‬روح َّي ًة تَس ُمو على نظام العالم وتطلّعاته‪.‬‬  ‫الحقيق ّي والثابﺖ‬
‫إ ّن للتّح ّديات المعاصرة‪ ،‬التي تتعاظم أمام العائلة تصبح العائلة‪ ،‬ضمن حياة الكنيسة‪َ ،‬ماًل ًذا معا ِص ًرا آم ًنا‬
‫المسيحيّة المعاصرة‪ ،‬أُطراً كثير ًة دنيويّ ًة تساهم في تشويه وجب َل تَ َج ٍّل يقدر فيه أعضاؤها على أن يصرخوا نحو‬
‫صورة الإنسان‪ ،‬بني ِة العائلة الأساسية‪ ،‬وتح ّول وعيه الر ّب يسوع ويقولوا‪ :‬يا ر ُّب حس ٌن أن نكون ههنا (متّى‬

                                        ‫الشخص ّي ليكون وع ًيا فرديًّا يجابه به الحياة ضمن ‪.")4 :17‬‬
                                                ‫ُمعطى الأنانية والتف ُّرد والبحث عن خير الفرد المطلق‬

                                          ‫على حساب أ ِّي إنسان آخر‪ .‬هذا يعطي لصورة العائلة خاﺗﻤة‬

‫وعيًا مزيّ ًفا يجعل منها إطا ًرا ُم َؤقَّتًا ضمن حياة الإنسان في الوقت الذي يع ّزز فيه الإنسان وحدته وانعزاله في هذا‬
‫يُسا ِرع المرء كي يتخلّص من أطره بأسرع وق ٍت ممكن‪ ،‬العالم وسط انجذابه نحو الت ّيارات الفلسف ّية والفكريّة‬
‫ليع ّزز ذاته فينعزل‪ ،‬عاطف ًّيا وإنسان ّيًا‪ ،‬عن بقيّة أعضاء المعاصرة المختلفة‪ ،‬ينساق‪ ،‬بدون وع ٍّي منه‪ ،‬نحو بوتق ِة‬
‫عائلته‪ .‬اّلح ًقا يخلق هذا للإنسان أزما ٍت يشهد عليها العزلة عن الآخرين‪ ،‬وينحو تجاه تمزيق أه ّميّة العائلة‬
‫رها ُب الوحدة الذي يظهر في حياة الإنسا ِن‪ -‬الفر ِد في حياته‪ .‬يظ ّن أنه يصبح أكثر استقاًلاًّل كلّما ابتعد‬

‫المنعز ِل عن الآ َخرين والمستق ِّل عنهم عاطفيًّا وروحيًّا‪ .‬عن روح العائلة والتزامه بأعضائها مدى الحياة‪ .‬حتّى‬
‫في الوقت ذاته تُوطِّد عاًلق ُة العائلة الح ّي ُة بالكنيسة الدراسا ُت الحديث ُة وااّلِحصاءا ُت حول العالم تشير إلى‬
‫وااّلِشترا ُك الفاعل بحياتها نو ًعا آخر من العاًلقات بين تعاظم عدد ال ّشابات وال ّشبان الذين اّل يتز ّوجون واّل‬

‫البشر وتخلق عند الناس وع َي المحبة والتواصل بي َنهم‪ .‬يريدون تأسيس عائلة واّل‪ ،‬حتّى‪ ،‬إنجاب أطفال‪ .‬في هذا‬
‫الكنيسة شركة إله ّية بشريّة أساسها ورأسها الر ُّب يسوع الوقت بعينه تع ّزز الكنيسة توجيه وعي البشر نحو‬

‫المسيح وأعضاؤها هم البشر‪ ،‬صور ُة الله المق َّدسة‪ .‬هذا دور العائلة في خاًلص العالم من أزماته التي تنطلق‪ ،‬في‬

‫الكيان المق َّدس يضع البشر ضمن منظومة حيّة تدفع أساسها‪ ،‬من الإنسان‪ .‬تبقى الكنيسة‪ ،‬بطريقة حياتها‪،‬‬
‫بالإنسان نحو تفاعل ح ٍّي مع الله والبشر‪ ،‬نحو احترام ماًل َذ العائلة الحقيق َّي وسط العالم‪ ،‬كي تنجو بأعضائها‬
‫الآخرين ووجودهم‪ ،‬نحو ارتقاء في مستوى المعاملة من أباطيله وتساهم في مخطط الله لخاًلص العالم‪.‬‬

‫مع الآخرين حتّى البلوغ إلى مستوى التضحية والموت بهذا الشكل تتع ّزز أه ّميّة العائلة‪ ،‬التي تحيا المسي َح‬

‫في صياغة وعي الإنسان الروح ِّي وتوجيهه نحو‬                   ‫لأجلهم‪ .‬يرتشف البشر الحياة الإله ّية من نعمة‬
‫هدف وجوده المصير ّي الوحيد أَاّل وهو ااّلتّحاد‬
                                                             ‫الله المبثوثة في جسده المق ّدس‪،‬‬

‫بالله والخاًلص‪ .‬هكذا هي العائلة‪،‬‬                             ‫وبهذا الشكل تُشفى‬

‫جب ُل تَ َج ٍّل فيه ينبغي أن يُعايَ َن‬                       ‫عاًلقاتهم بالله وبالآخرين‬

‫الر ُّب في جمال نوره الإله ّي‬                                ‫وبذواتهم‪ .‬في الكنيسة‬
‫متجلّيًا في بش ٍر أَ َحبّهم وق ّدم‬                           ‫تصبح العائل ُة عائل َة‬
‫لهم وسائل الخاًل ِص والحيا ِة‬                                 ‫أبناء الله‪ ،‬و تتج ّلى‬

‫عاًلقاتُهم لتكون‪ ،‬الأبديّة‪.‬‬

                                                             ‫العدد ‪٢٠٢٤ - ٤‬‬  ‫‪66‬‬
   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72