Page 61 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 61

‫يُبرز كيف أ ّن الصليب‪ ،‬بالرغم من كونه أداة تعذيب‪ ،‬والكوارث المتتالية‪ .‬يقف مع المسيح ك ُّل الذين فقدوا‬

‫أصبح رم ًزا للقوة والحكمة الإلهيّة‪ ،‬بواسطة الفداء الذي بيوتهم‪ ،‬والذين قُتلوا في الشوارع‪ ،‬واحترقت كنائسهم‬

‫و ُد ّمرت منازلهم و ُخ ِطفوا وتَش ّردوا ويعانون‪ ،‬وعطشوا‬                  ‫تح ّقق به‪.‬‬

‫لقد غفر المسيح للّذين ج َّدفوا عليه وصلبوه‪ :‬وجاعوا وذاقوا قساوة برد الشتاء وكواهم ح ّر الصيف‪.‬‬

‫"يا أبتاه اغفر لهم لأنّهم اّل يعلمون ماذا يفعلون" (لوقا ما زالت الجلجلة مستم ّرة‪ .‬وما زال قبر الكراهية فا ِغ ًرا‬

‫‪)34 :23‬؛ لأنّهم بجه ٍل صنعوا تدبير الش ِّر الذي تح ّول فمه‪ ،‬ولكن رجا َء القيامة أكيد؛ فالجلجلة ليست النهاية؛‬

‫إلى تدبير خاًل ٍص للإنسان ّية‪ .‬كان الألم الروح ّي أعظم من لأ ّن المحبّة هي الحياة التي اّل تموت‪ ،‬وإن ُصلبت فهي‬

‫تقوم ح ّي ًة‪ .‬ليتنا نقتدي به‪ ،‬نعم‬                        ‫آاّلم الجسد‪ .‬فغاية المسيح من‬

‫نقتدي بالر ّب‪ ،‬ف ُنصيّ َل من أجل‬                         ‫الصليب‪ ،‬كما يقول الق ّديس يوح ّنا‬

‫الأعداء‪ .‬فالمسيح نفسه أوصانا‬                             ‫الذهب ّي الفم‪ ":‬أن يخلّص ويغفر‪،‬‬
‫قائاًل‪" :‬تعلّموا م ّني لأنّي وديع‬                        ‫غير مبا ٍل بما يح ّل به‪ ......‬لم يتطلّع‬

‫ومتواضع القلب (متّى‪.)29:11‬‬                               ‫إلى أنّه يموت بواسطتهم‪ ،‬إنّما تَطلّع‬

‫وليس من الصعب علينا‪ ،‬كبشر‪،‬‬                               ‫فقط إلى أن يموت لأجلهم!"‪ .‬بهذا‬

‫ااّلِقتدا ُء بالمسيح‪ ،‬فإ ّن بولس‬                         ‫يكون السجود للصليب تعبي ًرا‬
‫الرسول أي ًضا دعانا قائاًل‪ " :‬تمثّلوا‬                    ‫عن التقدير وااّلِحترام لما فعله‬

‫المسيح من أجلنا‪ .‬عندما نسجد للصليب‪ ،‬نحن اّل نسجد بي كما أنا أي ًضا بالمسيح" (‪1‬كورنثس ‪ .)1:11‬وأمامنا أي ًضا‬

‫للما ّدة المصنو ِع منها‪ ،‬بل نع ّبر عن إيماننا العميق بأ ّن الق ّديس استفانوس‪ ،‬الذي كان أ ّول الشهداء‪ ،‬الذي كان‬

‫المسيح ق ّدم نفسه ذبيح ًة عن خطايانا‪ .‬بممارسة السجود َو َسط الذين يرجمونه والحجارة تنهال عليه من الجميع‪،‬‬

‫لل ّصليب‪ ،‬نعترف بعظمة عمل المسيح الفدائ ّي ونطلب هذا احتمل الرجم ولم يبا ِل بالأوجاع الناجمة عنه وقال‪:‬‬
‫من الله أن يمنحنا الق ّوة لنحيا كما عاش المسيح‪ ،‬وأن اّل "يا ر ُّب اّل تُ ِقم لهم هذه الخط ّية" (أعمال الرسل ‪.)59:7‬‬

‫نتص ّرف بأنانية‪ ،‬وأن نسعى‪ ،‬دو ًما‪ ،‬للتضحية من أجل "نسجد لصليبك أيّها الإله المتج ّسد الذي لم يَحي َى‬

‫الآخرين‪ .‬فإذا تع ّمقنا في أحداث الصلب يظهر أمامنا لنفسه"‪ ،‬عبارة تُل ّخص جوهر الإيمان المسيح ّي المتمثّل‬
‫مشه ُد المسي ِح وأ ِّمه ويوح ّنا تلميذ ِه؛ فالألم الشديد لم في الفداء والتضحية والمح ّبة‪ .‬نحن نسجد لل ّصليب لأنّنا‬
‫يمنعِ المسي َح من أن يرى أُ َمه الحنون‪ ،‬وأن يتركها في ندرك أ ّن هذا هو الطريق الذي اختاره الله ليخلّصنا من‬
‫رعاية التلميذ الذي أَحبّه‪ .‬لم يغلق الأل ُم قلبه‪ ،‬وهو الخطيئة ويفتح لنا أبواب الحياة الأبديّة‪ .‬إنّنا نسعى‪،‬‬
‫يدعونا لنكون على مثاله في تخطّي ذواتنا حتّى ونحن في تَأَ ّملنا وصاًلتنا‪ ،‬لنقتدي بالمسيح في حياتنا اليومية‪،‬‬

‫مدركين أ ّن الحياة الحقيق ّية تتح ّقق عندما نعيش من‬                      ‫في ق ّمة الألم‪.‬‬

‫في عصرنا الحال ّي يقف مع المسيح في الجلجلة أجل الآخرين‪ ،‬متَّبعين مثا َل ربنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع‬
                                       ‫ك ُّل إنسا ٍن مع َّذ ٍب ومضط َهد من ج ّرا ِء وياًلت الحروب المسيح‪.‬‬

                                                         ‫العدد ‪٢٠٢٤ - ٤‬‬                            ‫‪60‬‬
   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66