Page 7 - AlNashra issue 2 - 2023
P. 7
يوح ّنا ال ُّسلّم ّي (الأحد ال ّرابع) ،والق ّديسة َمري ُم المصريّة خطاياك ،لا تيأس؛ إذ يكفيك أن تلتفت إلى الر ّب ُمج ّر َد
(الأحد الخامس الذي يسبق ،مباشر ًة ،أحد ال ّشعانين) .التفاتة ،وأن تقول له «يا ر ّب» ،حتّى تراه ،على الفو ِر،
لماذا وضع آباؤنا الق ّديسون هذا الترتيب في الكنيسة؟ أمامك وقد م َّد إلي َك ي َده .اللّه فَرحنا ،اللّه تعزيتنا ،اللّه
الجواب الطّبيع ّي أنّهم وضعوه استعدا ًدا لل َّصوم وتهيئ ًة ق ّوتنا ،فيجب علينا ألاّ نيأس من رحمته .إ َّن أكبر خطيئة
(هذا في ما يخت ّص بآحاد المرحلة الأُولى من التريودي)؛ نرتكبها أن نيأس من رحمة الر ّب.
وكأنّهم أرادوا أن يُذ ّكرونا ،فيما نحن ُمقبلون على ال َّصوم ،الأحد الثالث قبل ال َّصوم هو أحد مرفع اللّحم ،وفيه
بمعانيه الأساس ّية ،فرتّبوا لنا في ك ّل أحد ذكرى كيما تبقى (كما تد ّل تسميته) نرفع عن موائدنا اللّحم نهائ ًّيا
عيوننا شاخص ًة إلى َح َدث مع َّي و ُمر َكّز ًة عليه .فمن استعدا ًدا لولوج زمن ال ّصوم الأربعين ّي المق ّدس .وندعوه
حادثة الف ّريس ّي والع ّشار ،مثل ًا ،أرادت الكنيسةَ ،عب َر الآباء أحد ال ّدينونة لأ ّن الكنيسة رتّبت أن تقرأ فيه ،من متّى
الق ّديسين ،أن تُعلّمنا أ ّن صومنا الحقيق ّي يكون بمماثلتنا الإنجيل ّي ،التلاوة التي تُ َو ِّصف جلوس ابن الانسان على
الع ّشارفي تواضعه ،وبأن نطرح ع ّنا استكبار الف ّريس ّي عرشه في مجده لل ّدينونة« :كن ُت جائ ًعا فأطعمتموني،
وتشامخه وتعاليَه .ومن حادثة ال ِابن ال ّشاطر أرادت أن عطشا َن فسقيتموني ،عريانًا فَ َك َسو ُتوني ...كن ُت جائ ًعا فلم
تعلّمنا كيف تكون التّوبة عود ًة إلى البيت الأبو ّي حيث تُطعموني ،عطشا َن فلم تسقوني ،عريانًا فلم تَك ُسوني»...
الأب – الذي هو اللّه – هو في حالة انتظار وتَ َرقُّب دائمَين( ،متّى .)46-31 :25وإذا قا ّرنا ما استَشهدنا به لباسيليوس،
ينتظر عودة ابنه التائب ليعانقه ويض ّمه إلى صدره .على قبل قليل ،بهذه التلاوة ،نلاحظ أ ّن كلام باسيليوس ترجمة
هذا النحو ،يا أح ّبة ،يجب أن نتص ّور علاقتنا بالر ّب :نحن واضحة لتلاوة متّى ،أي لإنجيل ال ّدينونة .ولهذا َو َصف ُت
ُمد ِبرون عنه ،أ ّما هو ففات ٌح لنا يديه وصدره ،ينتظر ال ّصوم بأنّه إطلالة مح ّبة على الإنسان الآ َخر .ولا يَ ُقولَ ّن
التفاتنا إليه (توبتنا إليه) في ك ّل لحظة؛ فما إِ ْن نتّجه صوبه أح ٌد إنّه غير قادر على العطاء .ذلك بأ ّن العطاء متن ّوع؛
ونقول له «يا ر ّب» حتّى يركض إلينا ُمسر ًعا ويحتضننا .فقد يكون ابتسام ًة حلوة ،وقد يكون كلمة لطيفة ،وقد
يكون أحدنا في عمق المشكلة ،أو في عمق المُصيبة ،فما يكون بع ًضا من المال ،وقد ...وقد ...إلخ .المه ّم أن يُع ِط َي
إ ْن يستنج ُد ال ّر َّب حتّى يرى ُشعل َة نو ٍر قَد ب ّددت له عتمة ك ٌّل م ّنا بوسعه؛ ولا يَ ِدي َن َّن بع ُضنا بع ًضا ،فاللّه هو ال ّديّان
السبيل ،وي ًدا (هي يد الر ّب حت ًم) امت ّدت إليه لتنتشله الأَوحد ،وهو يَ ِدين ُكل ًاّ م ّنا حسب نَواياه .ولهذا يُذكّرنا
آباؤنا الق ّديسون ،قبل أن ندخل ميدان ال َّصوم ،بأ ّن الر ّب من عمق اللّ ّجة.
كثي ًرا ما يغرق أحدنا في ل ّجة الخطايا ،فيفقد ال ّرجاء برحمة س َيدي ُننا على ما فعلنا تجاه الإنسان الآخ َر وما لم نفعل.
الر ّب ويستب ّد به اليأس القاتل ،وهكذا يستسلم لوضعه نصل ،الآن ،إلى الأحد ال ّرابع ،الأخير قبل ال ّصوم .إنّه أحد
ويستنكف عن ك ّل ُمحاولة للتوبة راف ًضا ،هكذا ،نعم َة مرفَع الجبن ،وفيه ،كما تد ّل تسميته ،نرفع عن موائدنا،
اللّه .لهذا الإنسان أقول :أن َت الخاطئ ،الغارق في َحمأة نهائ ًيّا ،الأجبان والألبان وك ّل مشت ّقاتهما .وندعو هذا الأحد
6