Page 5 - AlNashra issue 2 - 2023
P. 5

‫َج َعلتنا نعرف الذي َدعانا بمجده وفضله فَ َمنحنا بهما إذا تأ ّملنا في هذه المقاطع – وغي ُرها في الإنجيل كثي ٌر –‬
‫أثمن المواعد وأَعظ َمها‪ ،‬لتصيروا ُشكاء الطّبيعة الإله ّية في نلاحظ أنّها تشرح لنا معنى أن نكون مسيحيِّين‪ .‬إ ّن ك ّل‬
‫ابتعادكم ع ّم في ال ّدنيا من فساد ال ّشهوة» (‪ 2‬بط ‪ .)5-3 :1‬واح ٍد م ّنا‪ ،‬بصفته ُع ِّمد على اسم الآب والابن والروح‬

‫إ ًذا‪ ،‬المواعي ُد التي قَطَ َعها الر ّب لنا بقدرته الإله ّية هي أنّه القدس‪ ،‬يقول‪« :‬أنا مسيح ّي»‪ .‬إ ّن ياء النسبة التي تنتهي‬
‫َو َعدنا أن نصير ُشكاء الطّبيعة الإله ّية‪ .‬وال ّرسول بطرس بها صفة «مسيح ّي» تَعني أ ّن ك ّل ُم َع َّم ٍد هو ُمنتَ ِس ٌب‬
‫نفسه يقول في الإصحاح الأ ّول من رسالته الأًولى‪« :‬نَ ِبّ ُهوا إلى المسيح‪ ،‬أي أنّه بات‪ ،‬بكلِّ َّيته‪ ،‬من َمعدن المسيح‪ .‬أ ّما‬
‫أَذهانكم وكُونُوا صا ِحين‪ ،‬واجعلوا ك ّل رجائكم في النعمة الانتساب إلى المسيح فهو مسيرة تتح ّقق يوم ًّيا‪ ،‬يُح ّققها‬
‫التي تأتيكم يو َم تَ َج ّل يسوع‪ ...‬وكما أ ّن الذي دعاكم هو ك ّل م ّنا بموته عن العالم وأَركانه التي هي الخطايا بأشكالها‬
‫ق ّدوس فكذلك ُكونُوا أنتم ق ّديسين في سيرتكم كلّها‪ ،‬لأنّه المختلفة‪ ،‬وانجذا ب ِه إلى يسوع المسيح ليسكن فيه ف ُيصبح‬
‫مكتوب‪« :‬كُونُوا ق ّديسين‪ِ ،‬إ ّن أنا قُ ّدوس» (ا بط ‪ .)16-13 :1‬من جبلته‪ .‬هذه هي مسيرة ال ُّنور‪ .‬في هذا تك ُمن أه ّم ّية‬
‫وال ّرسول بولس‪ ،‬ب َدوره‪ ،‬يخاطب المؤمنين في أفسس فيقول ال ّصوم الذي هو ركيز ٌة أساسيّه في حياتنا المسيحيّة إذ أنّه‬
‫لهم‪« :‬اِقت ُدوا‪ ،‬إ ًذا‪ ،‬باللّه على مثال الأبناء الأحبّاء‪ ،‬و ِسيروا يساعدنا كي نجاهد الجهاد الحسن‪ ،‬أي كي نح ّقق معنى‬
‫في المح ّبة ِسير َة المسيح الذي أحبَّكم وجاد بنفسه لأجلنا كونِنا مسيح ّيين‪ ،‬بحيث نَسعى إلى أن نجعل صورة اللّه‬
‫«قربانًا وذبيح ًة للّه ط ّيب َة ال ّرائحة»‪ ...‬بالأم ِس ُكنتم ظلا ًما‪ ،‬ناصعة فينا‪ ،‬فيرى ال ّناس أعمالنا الصالحة ويم ّجدون أبانا‬

                             ‫وأنتم‪ ،‬اليو َم‪ ،‬نُو ٌر في الر ّب‪ .‬ف ِسيروا سير َة أبناء ال ّنور‪ ...‬تَبَ ّصوا الذي في ال ّس َموات‪.‬‬
‫في سيرتكم واجعلوها ِسير َة ال ُعقلا ِء لا ِسير َة ال ُجهلاء‪( »...‬أَف إذا أَردتم تعري ًفا بال َّصوم يمكننا التعريف به‪ ،‬مثل ًا‪ ،‬بأنّه‬
‫‪ .)16-1 :5‬كذلك‪ ،‬ال ّرسول بولس نفسه يخاطب المؤمنين “وق ٌت يُع َم ُل فيه لل ّر ّب”(‪ ،)1‬أي فيه يتق ّدس ال ّزمان والمكان‬
‫في ُكولُو ّس‪ ،‬فيقول لهم‪ ...« :‬فأ ّما وقد ُمتُّم مع المسيح وك ُّل ما نحاول أن نق ّدمه للر ّب‪ .‬كذلك يمكننا التعريف به‬
‫ُمتَ َخلِّين عن أركان العالم‪ ،‬فما بال ُكم‪ ،‬كما لو كنتُم عائشين بأنّه إحساس بالإنسان الآ َخ َر وإطلالة مح ّبة عليه‪ ،‬وهذا‬
‫في العالم‪ ،‬تَخض ُعون‪ ...‬للأشياء التي كلُّها تَ ُؤول‪ ،‬بال ِاستعمال‪ُ ،‬م َؤ ّس ٌس في النصوص المسيح ّية منذ القرون الأُولى‪ .‬فمنذ‬
‫إلى ال ّزوال؟‪ ...‬فأ ّما وقد ُمتُّم مع المسيح – وهو ما يرمز إليه القرون الأُولى يُذكّرون المؤمنين بهذا‪ :‬أ ّن ال ّصوم هو إطلالة‬
‫التغطيس المثلّث في المعموديّة – فاس َعوا إلى الأ ّمور التي محبّة من ال ّصائم على الإنسان الآ َخر‪ .‬في هذا ال ّسياق عندنا‬
‫في ال ّعلى حيث المسي ُح قد جلس عن يمين اللّه‪ِ .‬إرغبُوا في تعليم للق ّديس يوح ّنا الذهب ّي الفم ُمفي ٌد ج ًّدا يقول فيه‪:‬‬
‫الأمور التي في ال ُعلى لا في الأمور التي في الأرض‪ ،‬لأنّكم قد «أن يكون ال ّصوم امتنا ًعا عن الأكل فقط ح ٌّط من كرامة‬
‫ُمتُّم وحياتُكم محت ِجب ٌة مع المسيح في اللّه‪ ...‬فقد َخلَعتُ َم ال َّصوم وإِنزال‪ .‬لا يكفي ال ِانقطاع بواسطة الفم‪ ،‬بل يجب‬

                                             ‫الإنسان القديم و َخلَعتُم معه أعماله‪ ،‬ولبستم الإنسا َن‬

‫الجديد‪ ،‬ذاك الذي يَسي ُر إلى المعرفة الحقيقيّة في تَ َج ُّدده ‪ -1‬عبارة يقولها الكاهن قُبيل الق ّداس الإله ّي بالإعلان‪“ :‬مبارك ٌة مملكة‬
                     ‫على صورة خالقه‪( »...‬كول ‪ 20 :2‬و ‪ .)10-1 :3 + 21‬الآب والابن وال ّروح القدس‪ ...‬إلخ”‪.‬‬

                                                                                                                                                  ‫‪4‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10