Page 49 - AlNashra Year 2024 Issue 05
P. 49

‫تكنولوج ّيـا العص ِر التي َحلمنا بهـا طوياًل تح ّولت‬              ‫لقـد تمـ ّر َغ في حمأ ِة الخطيئـ ِة كالاب ِن الضـا ّل‪ ،‬فأتى‬
‫إلى وحـ ٍش يلاح ُقنـا في ك ِّل مـكا ٍن وينقـ ُّض عىل‬              ‫المسـي ُح ليرف َعـ ُه مـن الوحـ ِل ويُعيـ َد ُه إلى أحضـا ِن‬
‫مضا ِجعنـا‪ ،‬حار ًمـا إيّانا ال ّسـكين َة وال ّراحـة‪ ،‬و ُمث ِقاًل‬
‫حياتَنـا بالأعبا ِء والأمراض‪ .‬وم َع كُ ِّل ما ح َّققنا ُه من‬                             ‫الآ ِب السامو ّي‪.‬‬
‫تق ّد ٍم وانغمسـنا فيـ ِه من ل ّذات‪ ،‬لم نز ْد إلا تعاسـ ًة‬
‫وفرا ًغـا! هـا هـو الإنسـا ُن الحديـ ُث يـزدا ُد وحد ًة‬                               ‫عالم الخطيئة والفراغ‬
‫و ُعزل ًة نفسـ ّية‪ ،‬تنه ُشـه أمـرا ُض ال ّنفـ ِس وتفت ُك ب ِه‬     ‫	 لقـد انحـدر الإنسـا ُن‪ ،‬بعـد سـقو ِطه‪ ،‬إلى‬
‫رذائـ ُل كثري ٌة متن ّوعة‪ .‬إ ّن ك َّل مـا يلم ُع حولَنا ليس‬       ‫حيـا ٍة شـهوان ّي ٍة ينقـا ُد فيها لشـتى الأهـواء‪ .‬وترثي‬
‫سـوى سرا ٍب خادع؛ فوسـائ ُل التّواصـ ِل الاجتماع ّي‬               ‫الكنيسـ ُة حالتَنا من ُذ ال ِق َدم ُمنشـد ًة‪“ :‬من ُذ شـبابي‬
‫وأشـبا ُهها ليسـت إاّل قنا ًعـا مزيَّ ًفـا تختبـ ُئ وراء ُه‬       ‫أهـوا ٌء كثري ٌة تُحاربُنـي”(((‪ .‬نعـم‪ ،‬كُلُّنـا أضحينـا‬
‫أكاذيـ ٌب ومـآر ُب دفين ٌة أفسـدت عقـو َل الكثيرين‬                ‫ع ّشـاقًا للخطيئـ ِة وفنونِها المظلمـة‪ ،‬وعبيـ ًدا أذاّل َء‬
‫وقلوبَهـم‪ .‬أليـس هـذا بالضبـ ِط هـو واق ُعنـا المُـ ّر‬            ‫لأعام ِل إبليـ َس عـد ِّو الخري‪ ،‬الّـذي يـزر ُع رو َح‬
‫اليـوم؟ لقـد ر ِبحنـا العـال َم المـا ّد َّي كلَّـه وخسرنـا‬       ‫الإلحـا ِد في العـالم‪ ،‬ويُقـا ِو ُم بقـ ّو ٍة ك َّل عمـ ٍل صال ٍح‬
‫أنف َسـنا! فامذا ينف ُع الإنسـا َن لـو ر ِب َح العـالمَ كلَّ ُه‬   ‫للـه في أيّا ِمنـا! فـإذا كان اللـ ُه يُحـ ّب العفـا َف‬
                                                                  ‫والطهـارة‪ ،‬فإ ّن عالمَ اليو ِم قد أطل َق لنفسـه ال ِعنان‬
                       ‫وخس َر نف َسـ ُه(((؟‬                       ‫في التفلُّـ ِت والفجـور‪ .‬وإذا كان الـر ُّب قـد بـارَك‬
                                                                  ‫الـ ّزوا َج وجعلَ ُه رسًّا مق ّد ًسـا مك ّر ًما‪ ،‬فالشـيطا ُن قد‬
       ‫الحاجة إلى عائلة مؤمنة وقدوة صادقة‬                         ‫أفسـ َد مفهـو َم الـ ّزوا ِج ودنّـ َس طهارتَـه‪ .‬لقـد بات‬
‫	 إ َّن شـبابَنا اليـوم بأم ِّس الحاجـ ِة إلى حض ِن‬               ‫هـذا العال ُم يُط ّبِ ُع الخطيئ َة ويتق ّبلُها بك ّل أشـكالِها‬
‫العائلـ ِة الدافـئ؛ إلى بيـ ٍت ُمح َّصـ ٍن قـو ّي‪ُ ،‬مشـيَّ ٍد‬     ‫دو َن وخـ ِز ضمري‪ .‬ويـ ٌل لنـا! فنحـن ح ًقـا نعيـ ُش‬
‫عىل مح ّبـ ٍة حقيقيّـة‪ .‬فـإذا أردنـا أن نفتّـ َش عـن‬              ‫صدو ًمـا جديـد ًة‪ .‬ومـا أشـب َه اليـو َم بالأمـس‪ ،‬لأ ّن‬
‫حـا ِل ال ّشـبا ِب فلننظ ْر أ ّواًل إلى حـا ِل الأهل‪ .‬هل في‬       ‫طبيع َة الإنسـا ِن هي هي لم تتغرّي ولم تتب ّدل! أفلا‬
‫منازلِنـا يُرفـ ُع ال ّصلا ُة ويتق ّد ُس اسـ ُم الله ك ّل يوم؟‬    ‫يُح ّذ ُرنـا الرسـو ُل بولس بقوله‪َ “ :‬غ َضـ ُب الل ِه ُم ْعلَ ٌن‬
‫هـل آباؤهـم وأ ّمهاتُهـم أُنـا ٌس أتقيـا ُء ُمصلّـون‪،‬‬             ‫ِم َن ال َّسا َم ِء َعىَل ُك ِّل فُ ُجو ِر ال َّنـا ِس َو ِإم ْْثِ ِهم‪ ،‬الَّ ِذي َن‬
‫متّحـدون في المح ّبـة‪ ،‬صابـرون في ك ِّل تجربـة؟‬
‫وقبـ َل أن نلو َم شـبابَنا على ضيا ِعهـم‪ ،‬علينا أن نل َّم‬                        ‫يَ ْح ِجـ ُزو َن الْ َحـ َّق ِبال ِإثْـ ِم”(((؟‬
‫َشـع َث عائلاتِنا المف ّككة‪ ،‬الغارقـة في لامبالا ٍة قاتل ٍة‬       ‫	 جيـ ُل شـبا ِبنا المعـاص ُر قد فتـ َح عي َنيه على‬
‫تجاه أهميّ ِة بنا ِء كنيسـ ِة البيـت‪ .‬لقد علَّمنا العال ُم‬        ‫أصنـا ٍف لا تُحصى من المل ّذا ِت وفنو ِن الاسـتهلاك‪.‬‬

‫(((	 مرقس ‪٣٦:٨‬‬                                                    ‫الأنتيفونا الأولى (بال ّلحن ال ّرابع)‬  ‫(((	‬
                                                                                ‫رومية ‪١٨:١‬‬               ‫(((	‬

                                                                  ‫العدد ‪٢٠٢٤ - 5‬‬                         ‫‪48‬‬
   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54