Page 46 - AlNashra Year 2024 Issue 05
P. 46
مبـدأٌ عـا ّم لـك ّل أيقونـات والـدة الإلـه بحسـب يــ ّى ومنــه نبــ َّت زهــر ًة مــن جبــل مظلَّــل
التقليـد الكنـ ّي الأصيـل ،حيـث تحمـل والـدة ُمد ِغـل ...وأتيـ َت متجسـ ًدا مـن البتـول التـي لم
الإلـه ابنهـا بيدهـا وتشـر إليـه باليـد الأخـرى تعـرف رجـاً .فالمجـد لقدرتـك يـا ر ّب"(ارمـس
وعيناهـا تتّجهـان إلى المؤمنـن لتقـول بإشـارة الأوديـة الرابعـة).
يدهـا ونظـرة عينيهـا :هـذا هـو ربّنـا وفادينـا
ومخلّصنــا .ومــن جهــة أخــرى هــي ر ٌّد عــى القماشـة التـي تتمـ ّدد عليهـا العـذراء وسـط
الهرطقــات الغنوص ّيــة التــي تحتقــر الجســد الجبــل هــي باللّــون الأحمــر وبشــكل ح ّبــة
كــا ّدة ،وتَ َّدعــي أ ّن المســيح لم يأخــذ جســ ًدا الحنطــة .واللّــون الأحمــر ،بحســب الق ّديــس
حقيق ًيـا ،فالغسـل دلالـة قويّـة عـى الطبيعـة ديونيســيوس الأريوباغــ ّي ،يشــر إلى الحيــاة،
الإنسـانيّة التـي اتّخذهـا المخلّـص بتج ّسـده. فهــو لــون الــدم ،والــدم ،في مفهــوم العهــد
أ ّمـا ظهـور الطفـل بـن يـدي القابلـة فـا يمنـع
ظهـوره ،مـ ّرة أخـرى ،في المـزود أمـام والدتـه، القديـم ،مـرادف للحيـاة .هكـذا تغـدو هـذه
وإن كان هـذا منافيًـا لقوانـن الطبيعـة .ولكـن،
ومـن حيـث إ ّن الأيقونـة تنتقـل بنـا إلى عـالم القماشـة الحمـراء علامـة رمزيّـة عـى أ ّن مريـم
هــي أ ّم الحيــاة .فكــا كانــت حــ ّواء الأولى أ َّم
الملكـوت ،فهنـاك تغيـب المسـافة التـي تفصـل الحيـاة ،فمريـم (حـ ّواء الثانيـة) هـي أ ّم الحيـاة
الجديـدة التـي بالمسـيح يسـوع .تغـدو ،أي ًضـا
بـن مراحـل الحـدث ،ويتـاشى الزمـان والمـكان دلالـ ًة عـى أ ّن ولادة العـذراء للمسـيح الحيـاة
في الأبديّـة. هـي ولادة حقيق ّيـة وليسـت وهـ ًا ولا خيـااًل.
وجـه والـدة الإلـه في الأيقونـة مجـ ّر ٌد مـن ثقـل العــذراء المســتلقية والمتّجهــة بنظرهــا نحــو
المــا ّدة ومنــ ّز ٌه عــن أ ّي مظهــر أرض ّي شــهوان ّي. المؤمنــن تُدخلنــا في حــوار صمــت وتأ ّمــل
شـ ّفاف كحـال الإنسـان قبـل السـقطة وكأنّـه، وصـاة .فالشـفاه عاجـزة عـن الوصـف كيـف
بكلمــة أخــرى ،في جســد مؤلَّــه .عيناهــا بتــو ٌل تصــر أُ ًّمــا للإلــه وكيــف يصــر الإلــ ُه
إنسـاناً .هـذا الحـدث يتجـاوز إمـكا َن الفهـم
تتّسـعان لأنّهـا مـرآة النفـس وعلامـة اليقظـة
والنباهـة الروح ّيـة (سراج الجسـد العـن لوقـا ويــرك المؤمــن ،للوهلــة الأولى ،مندهشــا
.)34 :11تتــوارى الأذنــان ويصغــر حجمهــا
وحائــ ًرا كيوســف في أســفل الأيقونــة.
لأنّهـا وسـيلة اتّصـال بالعـالم الخارجـ ّي ،بينـا في أيقونـات الميـاد الأكـر ِقد ًمـا لا تحتضـن الأ ّم
مريــم كانــت تحفــظ ك ّل هــذه الأمــور في العـذراء مولودهـا ولا تنظـر إليـه ،بـل تنظر إلى
داخلهـا متف ّكـرة بهـا (لوقـا .)19 :2أ ّمـا لباسـها، المؤمنـن مـن خـال نظرهـا إلى القابلـة التـي
وعـى خـاف مـا كان عليـه لبا ُسـها في حياتهـا تَغ ِسـ ُل الطفـل .وهـذه إشـارة مزدوجـة إلى أ ّن
ابنهـا هـو لـك ّل البشريـة وليس لها فقـط ،وهذا
45 Issue 5 - 2024

