Page 36 - AlNashra Year 2024 Issue 03
P. 36
على المستقبل .أردناها في جوار الدير الخالد على أه ّميّة العمل ّية التربويّة وعلى محوريّة دور
الجامعات في بناء إنسان الوطن ،إنسان الحضارة
وبعي ًدا عن ضوضاء المدينة .وفي الوقت ذاته والثقافة المُ َع َّمدة دائمًا بقيم الخير العا ّم والأخلاق
أردناها داخل المدينة وممت ّد ًة إلى سائر الطوائف والمتغ ّربة عن غرور الإنسان وتَ َب ُّجحه بنفسه،
والمك ِّونات والبلدان .أردناها متع ّمق ًة في الأصول وعن الكبرياء البشريّة التي تؤلّه ،ولو باطن ًيّا،
الشرقيّة وفي الدراسات العربيّة .أردناها حوا ًرا فكر الإنسان وعقله وتس ّخر التكنولوجيا للتدمير
حضاريًّا مع الإسلام والمسلمين؛ وأردناها غير
متغ ّرب ٍة عن عال ٍم عرب ٍّي نعيش فيه .أردناها عي ًنا وللشرور لا لخير الإنسان وحسن سير حياته.
على الفلسفة والتاريخ والجغرافية وعلى سائر
لقد تح ّسست كنيسة أنطاكية أه ّميّة العمل ّية
الآداب والعلوم الأخرى التي لا تق ّل شأنًا عن التربويّة في هذا البلد ،فكانت المدار ُس الآسيّ ُة
العلوم التطبيقيّة .لا بل اعتبرنا ،ولا زلنا نعتبر، في دمشق الذائع ُة ال ّشهرة ،وكانت المدرس ُة
أ ّن هذه ،أي الأدب والشعر والفلسفة والاّلهوت،
الغ ّسانيّة في حمص الغن ّية عن التعريف .لقد
هي عماد روح الجامعة وقوام فلسفة وجودها تف ّيأت مدارسها بب ّوابات الأديار واستظلّت قب َب
الكنائس وض ّمت الطاّلب من ك ّل الأطياف.
والمح ِّدد الأ ّول ل ُهويّتها ولرسالتها. فأُن ِشئَ ِت المدارس في الأديار ومثالها مدرسة دير
فإذا أردنا التوقّف عند دور هذه الكنيسة الق ّديس جاورجيوس الحميراء ومدرسة دير س ّيدة
البلمند وغيرها الكثير .كيف لا ومن هذه البلاد
الأنطاكيّة في مجتمعها ومحيطها ،وحتّى من
الناحية الوطن ّية ،فإ ّن الكلام يطول .لذا سنكتفي خرج الحرف إلى المعمورة! كيف لا ومن الشرق،
بذكر بعض الأمور في العصر الحديث .لقد عرفت
كنيسة أنطاكية الأَعلام الكبار ومنهم ،على سبيل كما تقول المقولة اللاتين ّية ،خرج النور إلى الدنيا!
لقد تح ّسست كنيسة أنطاكية أه ّميّة التعليم
المثال: الجامع ّي فكانت جامع ُة البلمند .وفي وق ٍت
كانت فيه الحرب في لبنان وكان ال َّدمار والخراب،
البطريرك ملاتيوس الثاني الدومان ّي الذي كان شاءت كنيسة أنطاكية أن تعلي راية بناء فكانت
مطرانًا على الاّلذقيّة ،وقد عرفت الاّلذق ّية
وكنيس ُة أنطاكية ،في عهده ،نهض ًة روحيّ ًة وكنسيّ ًة جامعة البلمند .هي أرثوذكس ّية ال ُهويّة والطابع
والرسالة وااِلنتماء ،لكنها ليست حك ًرا على
كبيرة. الأرثوذكس لا إدار ًة ولا طلابًا .هي منار ٌة أرادها
البطريرك إغناطيوس الرابع حامل ًة رسالَ َة كنيسة
البطريرك غريغوريوس الرابع ح ّداد الذي خلف أنطاكية إلى ك ّل الأطياف .أردناها مشرقيّ ًة تنهل
البطريرك الدوماني والذي لُ ِّقب بـ «بطريرك من سائر الحضارات روم ّي ًة يونان ّي ًة ولاتينيّ ًة غرب ّي ًة
الرحمة» و«أبي الفقراء» وذلك ،خا ّص ًة ،لإطعامه وعربيّ ًة .أردناها متأ ّصل ًة في التراث ومنفتح ًة
الجيا َع أثناء مجاعة َس َفر برلك .والك ّل يذكر كيف
باع صليبه المهدى له من القيصر الروس ّي .وقد
كان على أطيب علاقة مع الملك فيصل وأراد أن
35 Issue 3 - 2024

