Page 35 - AlNashra Year 2024 Issue 03
P. 35

‫المجامع المسكون ّية من القرن الرابع إلى القرن‬                  ‫المسيح في الأرد ّن‪ .‬نحن من أرز لبنان الذي قُ َّد‬
                              ‫الثامن‪.‬‬                          ‫الخلود من خشبه‪ .‬ونحن من رحابة سوريا التي‬

‫ولا أحلى من أن أذكر هنا ما قاله الق ّديس يوح ّنا‬                              ‫تلثم جبين شمس المتو ّسط‪.‬‬
‫الذهب ّي الفم الأنطاك ّي في مديح الق ّديس الشهيد‬               ‫وهنا‪ ،‬لا ب ّد من التذكير بأ ّن كنيسة أنطاكية‬
                                                               ‫تأ ّسست على يد ال ّرسولَين بطرس وبولس واتّخذ‬
       ‫العظيم إغناطيوس خليف ِة مار بطرس‪:‬‬                       ‫كرسيُّها هذين الق ّديسين شفيعين له‪ .‬وفي تقليدنا‬
                                                               ‫الكنس ّي كان بطرس أ ّول أسقف عليها‪ .‬نقرأ‬
‫“وكأي ّّن به (المسيح) جعل مدينتنا في ك ّفة ميزان‬               ‫في سفر أعمال الرسل ما يجعلنا نفخر ونشعر‬

‫والعالم كلّه في ك ّفة أخرى‪ ،‬لأ ّن امتياز مدينتنا‬               ‫بعظم المسؤوليّة في آن م ًعا؛ نقرأ «و ُدعي التلامي ُذ‬
                                                               ‫مسيح ّيين أ ّول ًا في أنطاكية» (أع ‪ .)26 :11‬وهذا‬
‫على ك ّل المدن قائم على اتّخاذها‪ ،‬من الأصل‪،‬‬                    ‫ما تدمغه مدين ُة الاّلذقيّة وتُؤ ّكده‪ ،‬فقد عرفت‬
‫هام َة ال ّرسل معلّا ًًم وراعيًا‪ .‬لأنّه لا َق أن يكون أ ّو ُل‬  ‫الاّلذقيّة المسيحيّ َة منذ القرون الأولى‪ ،‬وهذا ما‬
‫ال ّرعا ِة في الرسل راعيًا للمدينة التي دعي فيها‬               ‫يشه ُد علي ِه تاريخها والكنائس القديم ُة والآثار‬

       ‫المسيحيّون أ ّواًل بهذا ااِلسم الشريف‪...‬‬                 ‫القائم ُة فيها وفي الجوار حتّى اليوم‪ .‬نذكر منها‪:‬‬
‫أ ّما أنتم‪ ،‬أيّها الأنطاكيّون‪ ،‬فإذا دار الكلام في‬              ‫* مغارة مار تقلا التي أقامت فيها الق ّديسة تقلا‬
‫الرئاسة فيليق بكم التق ّدم على ك ّل المسكونة‪،‬‬
‫لأ ّن مدينتكم هي المدينة الأُولى التي ُس ِّمي فيها‬                    ‫وهي في طريقها إلى القلمون ‪-‬معلولا‪.‬‬

                         ‫اس ُم المسيح”‪.‬‬                        ‫* دير الفاروس من القرن الخامس الميلاد ّي‪،‬‬
‫نُط ّل اليوم على هذا الوطن من قلب جامع ٍة‪.‬‬                     ‫وإنجيل الفاروس الذي يعود إلى القرن العاشر‬

‫والجامعة هي التي تجمع‪ .‬هي التي تجمع‬                            ‫الميلاد ّي والمحفوظ في مطرانيّة الاّلذق ّية‪ .‬وقد‬
                                                               ‫َذك َر هذا ال ّدي َر أبو العلاء المع ّر ّي الذي سكن‬
‫العلوم وتجمع الأفراد إلى َمعي ِن العلم والمعرفة‪.‬‬               ‫فيه وعاش مع رهبانه‪ .‬وذكره أي ًضا ال ّر ّحالة ابن‬
‫نُط ّل في زم ٍن مُيتهن فيه العلم ومُتتهن فيه المعرفة‬
                                                                                            ‫بطوطة‪.‬‬
‫عندما تُف َرغ من ُمب ِّرر وجودها‪ .‬نُط ّل في زم ٍن‬
‫يُس َّخر فيه العلم لب ّث سائر الشرور وتُستخدم‬                    ‫* كنيسة ال ّس ّيدة من القرن الخامس الميلاد ّي‪.‬‬
‫فيه المعرفة على غير مشيئة الله‪ .‬لقد أبدع الله‬                  ‫* كنيسة مار نقولا من القرن الخامس الميلاد ّي‪.‬‬
                                                               ‫* عمود السنكلست‪ ،‬أي عمود الق ّديس ألكسي‬
‫هذا الكو َن ور ّصعه بسائر الآلاء وال ِّن َعم‪ .‬وائتمن‬
‫على هذه الخليقة الإنسا َن المخلوق‪ .‬وبقدر ما‬                                   ‫نهاية القرن الرابع الميلاد ّي‪.‬‬
‫ابتعد الإنسان عن الله بقدر ما د ّمر هذه الخليق َة‬              ‫* ح ّي السكنتوري‪ ،‬أي سانت كاترين‪ ،‬أي الق ّديسة‬
‫وما عبث فيها وما أفسد من ُحس ٍن‪ .‬نُط ّل اليوم‬
‫لنؤ ّكد‪ ،‬ومن هذه الجامعة‪ ،‬أ ّن المعرفة‪ ،‬عندما‬                                    ‫كاترينا الكلّيّة الحكمة‪.‬‬
                                                               ‫نذكر أي ًضا أ ّن أساقفة الاّلذق ّية وجبلة شاركوا في‬
‫تتج ّرد من القيم‪ ،‬تتج ّرد من ذاتها وتتغ ّرب عن‬
‫كينونتها التي أرادها لها الله‪ .‬نحن ههنا لنش ّدد‬

                                                               ‫العدد ‪٢٠٢٤ - ٣‬‬  ‫‪34‬‬
   30   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40