Page 7 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 7

‫هذا؟"‪ .‬ال ّصلاة تح ّول القلوب اللّحميّة إلى قلوب‬             ‫هذه‪ ،‬تال ًيا‪ ،‬هي اللّيتورجيا التي نُقيمها في الق ّداس‬
‫روحان ّية‪ ،‬والقلوب الفاترة إلى قلوب حا ّرة غيورة‪،‬‬            ‫الإله ّي‪ ،‬وهي استحضا ٌر للّيتورجيا السماويّة حيث‬
‫والقلوب البشريّة إلى قلوب سماويّة‪ .‬ويقول الأب‬                ‫المسی ُح‪ ،‬الح َم ُل ال ّذبي ُح من أجلنا‪ ،‬حاض ٌر حقيق ًة‬
                                                             ‫معنا وفي ما بيننا؛ هو في الوسط ونحن كلّنا (أحيا ًء‬
‫تيخن‪" :‬أيّها المسيحيّون الأح ّباء ُذوقوا وانظُروا ما‬         ‫وأمواتًا‪ ،‬كنيس ًة مجاهد ًة وكنيس ًة ظافرة) ُملت ّفون‬
‫أطيب ال ّر ّب"‪ .‬أي ًضا الق ّديس يوح ّنا ال ّذهب ّي الفم‬
‫يقول‪" :‬بمح ّبة الله يبقى القلب مشتعاًل"‪ ،‬ويضيف‬               ‫حوله لنش ّكل الكنيسة‪ .‬هذه ال ّصورة ‪ -‬كما سبق‬
‫قائلاً‪" :‬من الواضح – على ما أظ ّن – يستحيل على‬
                                                             ‫لي أن قلت ‪ -‬تخترق ال ّزمان والمكان لأنّها تجمع‬
‫ال ّنفس الإنسانيّة أن تكتنز الفضيلة من دون صلاة‪،‬‬
‫إذ كيف يتس ّنى لإنسان أن يجاهد من أجل فضيل ٍة‬                ‫المتف ّرقين إلى واحد؛ تجمع الق ّديسين من أزمنة‬
                                                             ‫مختلفة وأمكنة مختلفة‪ ،‬ومعهم الأموات‪ ،‬إلى‬
‫ما من دون أن يسأل ويتض ّرع ويسجد أمام واهب‬
                             ‫الفضائل"‪.‬‬                       ‫الأحياء من أمكنة مختلفة‪ .‬فالخ َدم الطقسيّة‬
                                                             ‫الكنس ّية هي هذا الفعل الذي يجعلنا نحيا‪ ،‬حقيق ًة‪،‬‬
‫يا أح ّبة‪ ،‬ما أُريد البلوغ إليه من هذه الأقوال‬               ‫س ّر ال ّصليب‪ ،‬أ ّي س ّر المسيح المائت والقائم من بين‬
‫الآبائيّة ‪ -‬وهي غي ٌض من فَيض ‪ -‬أ ّن اللّيتورجيا هي‪،‬‬         ‫الأموات؛ وهذا ما يفرّّس اعتياد المسيح ّيين‪ ،‬منذ بدء‬
‫بالفعل والحقيقة‪ ،‬دخول في الحضرة الإله ّية‪ ،‬دخو ٌل‬            ‫انتشار المسيحيّة إلى اليوم‪ ،‬أن يهتفوا م ًعا "المسيح‬
‫في س ّر المسيح القائم من بين الأموات‪ ،‬و َعي ٌش لس ّر‬         ‫قام‪ ،‬ح ًّقا قام"؛ هذه هي اللّيتورجيا‪ .‬وفي صلاة‬
‫الملكوت‪ .‬في هذا ال ّسياق يحضرني كتا ٌب من الأدب‬
‫المسيح ّي القديم‪ ،‬يعود إلى القرن الثاني الميلاد ّي‪،‬‬          ‫ال ّسحر نقول‪" :‬إذ قد رأينا قيامة المسيح فلنسجد‬
‫واسمه "هرماس ال ّراعي"‪ .‬نقرأ في هذا الكتاب ق ّصة‬             ‫لل ّر ّب الق ّدوس يسو َع البري ِء من الخطأ وح َده‪،"...‬‬
‫یرويها هرماس ويُبنّّي فيها كيف يختبر المؤمن س ّر‬             ‫ما يعني أنّنا باللّيتورجيا ندخل إلى كُنه هذا الرّّ ّس –‬
‫الكنيسة والملكوت‪ .‬في هذه الق ّصة‪ ،‬وبما يشبه ال ّرؤيا‪،‬‬
‫يرى هرماس عجو ًزا شمطاء بَ ِشعة‪ ،‬اشمأ ّزت نفسه‬                     ‫س ّر المسيح المصلوب والقائم ‪ -‬وحقيقته ‪.‬‬
‫منها لمّا رآها لأ ّول م ّرة‪ ،‬لك ّنه أص ّر على ال ّدخول معها‬  ‫يحضرني‪ ،‬في معرض هذا الطّرح‪ ،‬كتاب للأب‬
‫في حوار‪ .‬حاو َرها أ ّواًل وثانيًا وهي على هذا القدر من‬
‫البشاعة‪ ..‬غير أنّها "في الم ّرة الثالثة ‪ -‬يقول حرف ّيًا ‪-‬‬    ‫متّى المسكين عنوانه "حياة ال ّصلاة الأرثوذكـس ّية"‪.‬‬
‫ظهر ِت امرأ ًة فتيّ ًة‪ ،‬فَ ِرح ًة وجميلة؛ ذا َت شكل رائع‪.‬‬    ‫إنّه كتاب في ال ّصلاة قيّ ٌم ج ًّدا يتكلّم فيه الكاتب‬
‫وكما أ ّن إعلان الخير يُنسي المحزون أحزانه وأتعابه‬           ‫على ماهيّة ال ّصلاة‪ ،‬ضرورة ال ّصلاة‪ ،‬فاعل ّية ال ّصلاة‪،‬‬
                                                             ‫م ُعوقات ال ّصلاة‪ ،‬درجات ال ّصلاة‪ ...‬إلخ‪ ،‬ويُض ّمنه‬
‫الماضية‪ ،‬ولا يعود يف ّكر إاّل بالبشارة الجديدة‪،‬‬              ‫مجموعة من أقوال الآباء الق ّديسين‪ .‬فعلى سبيل‬

                                                             ‫المثال يقول الق ّديس يوح ّنا ال ّذهب ّي الفم‪" :‬حينما‬
                                                             ‫تصيّّل أَلا تتح ّدث مع الله؟ أ ُّي امتياز عظي ٌم مث َل‬

                                                             ‫العدد ‪٢٠٢٤ - 4‬‬  ‫‪6‬‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12