Page 4 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 4

‫ال ّشباب والحياة ال ّليتورج ّية*‬
‫البطريرك يوح ّنا العاشر‬

‫است ّل الكتاب المق ّدس من يدها وقال لها‪ :‬عظیم‪،‬‬         ‫أريد‪ ،‬يا أحبّة‪ ،‬أن أسته ّل حديثي إليكم بأن‬
‫ما ُدم ِت تقولين إ ّن هذا الكتاب مشترك بيننا فأنا‬      ‫أروي على مسامعكم حادثة یس ّمونها "الكتاب‬
                                                       ‫المم َّزق"‪ ،‬وتتعلّق برجل وزوجته‪ .‬كانت الزوجة‬
‫سأم ّزقه نصفين‪ .‬وهكذا كان‪ ،‬م ّزق ال ّزوج الكتاب‬        ‫تق ّية ج ًّدا‪ ،‬تصوم وتصيّّل وتقرأ الكتاب المق ّدس‬
‫نص َفين‪ ،‬ث ّم أعطى زوجته النصف الأ ّول قائاًل لها‪:‬‬     ‫بشکل متواصل‪ .‬أ ّما زوجها فكان رجاًل قليل‬
‫هذه ح ّصتك‪ ،‬واحت َفظ لنفسه بال ّنصف الثاني‪ .‬أ ّما‬      ‫الممارسة‪ ،‬وكان‪ ،‬أحيانًا‪ ،‬يُبدي انزعا ًجا من زوجته‬
‫هي فأخذت ال ّنصف الأ ّول الذي كان من نصيبها‬            ‫لكثرة ممارستها وقراءتها للكتاب المق ّدس‪ .‬امتهنت‬
‫وجعلت تقرأ فيه ك ّل يوم‪ .‬وصاد َف أ ّن الصفحة‬
                                                       ‫ال ّزوجة الخياطة‪ ،‬وكانت تُعيل زوجها في القيام‬
‫التي ُم ّزق عندها الكتاب كانت الإصحاح الخامس‬           ‫بأعباء الحياة اليوميّة‪ .‬ذات يوم‪ ،‬أرادت أن تشتري‬
‫عشر من لوقا – وهو التّلاوة الخا ّصة بالاِبن ال ّشاطر‬   ‫نسخة جديدة من الكتاب المق ّدس‪ ،‬فانزعج زوجها‬
‫‪ -‬وتحدي ًدا الآية التي تقول‪" :‬عاد (أي الابن ال ّشاطر)‬
                                                       ‫منها وثناها عن شراء الكتاب بح ّجة أنّهما يُعانيان‬
‫إلى نفسه وقال‪ :‬أقوم‪ ،‬وأمضي إلى أبي‪ ،...‬وأ ّما تت ّمة‬   ‫ضائقة ما ّديّة‪ .‬أ ّما هي فلم تُب ِد أيّة ر ّدة فعل‬
‫الآية فعلى الصفحة الأولى من ال ّنصف الثاني الذي‬        ‫وبقيت‪ ،‬ضمنيًّا‪ُ ،‬مص ّرة على تنفيذ رغبتها‪ .‬ذا َت‬
‫كان من نصيب ال ّزوج‪ .‬قرأ ال ّزوج‪ ،‬صدف ًة‪ ،‬تت ّمة‬       ‫مساء فُوجئ زوجها تدخل إلی البيت حامل ًة معها‬
‫الآية‪ ،‬فأثارت هذه التت ّمة فضوله وصار ه ّمه أن‬
‫يعرف ماذا في القسم الأ ّول من الآية‪َ .‬دفَعه فضوله‬      ‫ال ّنسخة الجديدة من الكتاب المق ّدس؛ ولمّا سألها‪:‬‬
‫هذا إلى المباشرة بقراءة القسم الذي بين يديه من‬         ‫ما هذا؟ قالت له‪ :‬هذا من عمل يد ّي؛ أنا أشتغل في‬
                                                       ‫الخياطة‪ ،‬وقد ضاعف ُت عملي لأع ّزز دخلي الما ّد ّي‪،‬‬
‫الإنجيل ليرى ما فيه‪ .‬بالمقابل‪ ،‬كانت ال ّزوجة قد‬        ‫فيتس ّنى لي شراء الكتاب من دون أن أُح ّملك أ ّي‬
‫وصلت‪ ،‬في قراءتها‪ ،‬إلى حيث وصلت‪ ،‬أي إلى التت ّمة‬        ‫عبء إضاف ّي‪ ،‬وهذا ما حصل‪ .‬وحاولَت‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬أن‬
‫التي ح ّركت فضول زوجها‪ ،‬إذ كان هذا الأخير يقرأ‬         ‫تذ ّكره بأ ّن حياتهما مشتركة وتال ًيا أ ّن ك ّل ما بينهما‬
‫القسم الذي بين يديه س ًّرا من دون أن يَ َدع زوجته‬      ‫مشترَك‪ ،‬وبهذا المعنى ما لها هو له أي ًضا‪ ،‬والعكس‬
‫تعلم‪ .‬وهكذا بدأ هذا ال ّرجل يتأثّر كثي ًرا بما يقرأ‪،‬‬   ‫صحيح‪ .‬إاّل أ ّن هذا الكلام لم يُقنعه‪ ،‬ولش ّدة غيظه‬
‫وبدأت كلمة الله في الإنجيل تفعل فعلها فيه‪،‬‬
                                                                     ‫* من أرشيف صاحب الغبطة‪ ،‬حين كان أسقف الحصن‬

‫‪3 Issue 4 - 2024‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9