Page 6 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 6

‫على خشبة"‪ .‬فكيف نقول "اليوم‪ "...‬في حين أ ّن‬              ‫ال ّروح القدس على الماء فيق ّدسه‪ ،‬وعلى ال ّزيت‬
                                                         ‫فيق ّدسه‪ ،‬وعلى الطّفل المع ّمد فيق ّدسه ويَلده‬
‫الس ّيد ُعلّق على خشبة في مثل هذا اليوم منذ‬              ‫جدي ًدا في المسيح يسوع‪ ،‬وهكذا يصبح عض ًوا في‬
‫ألفي سنة؟ الجواب بسيط‪ ،‬وهو أ ّن اللّيتورجيا‬              ‫كنيسة المسيح‪ .‬كذلك في الق ّداس الإله ّي (س ّر ال ّشكر‬
                                                         ‫‪ -‬الإفخارستيا) يح ّل ال ّروح القدس على القرابين‬
‫ليست فعاًل حصل في الماضي وانتهى‪ ،‬لك ّنها فعل‬             ‫المق ّدمة‪ ،‬الخبز والخمر‪ ،‬ويح ّولهما إلى جسد ال ّر ّب‬
                                                         ‫ودمه الكري َمين‪ ،‬ونحن نتناولهما لتقديس ال ّنفس‬
‫تسبيح ّي‪ ،‬تقديس ّي‪ ،‬حصل في الماضي ويستم ّر إلى‬           ‫والجسد ولغفران الخطايا والحياة الأبديّة‪ ...‬إلى‬
‫الحاضر‪ .‬بتعبير آ َخر‪ ،‬هو فع ٌل له صفة الآنية‪ .‬فع ٌل‬      ‫ما هنالك من الأسرار‪ .‬إ ّن ال ّصلوات اللّيتورجيّة‬
                                                         ‫على اختلافها‪ ،‬وعلى اختلاف دوراتها الطقس ّية‬
‫حصل ذات يوم‪ ،‬في الماضي من التاريخ‪ ،‬ويحصل‬                 ‫أو الزمن ّية‪ ،‬ومعها ال ّصلوات الفرديّة‪ ،‬تُدخلنا إلى‬
                                                         ‫حضرة ال ّر ّب فتجعله قائمًا في وسط حیاتنا‪ ،‬فتتق ّدس‬
‫اليوم وك ّل يوم‪ ،‬بالفاعليّة ذاتها والق ّوة ذاتها‪ .‬في‬     ‫به حياتنا ونستحيل من بشر عاديّين إلى كائنات‬
‫اللّيتورجيا نستحضر س ّر المسيح في "الآن"‪ .‬في س ّر‬        ‫مس َبّحة‪ .‬هذا ما يت ّم في الق ّداس الإله ّي فيما‬
‫المسيح نخترق ال ّزمان والمكان‪ ،‬ولذلك قلت‪ ،‬آن ًفا‪،‬‬        ‫يستع ّد الكاهن لل ّدخول الكبير (الدورة الكبرى)؛‬
‫إنّه في هذا الس ّر تنعطف ال ّسماء على الأرض لترتفع‬
‫الأرض نحو ال ّسماء‪ .‬والمنطق نفسه يص ّح في حدث‬            ‫في هذه الأثناء يرتّل الجوق التسبيح الشيروبيم ّي‬
‫الميلاد‪ ،‬إذ في هذا العيد أي ًضا نرتّل "اليوم يُولَد من‬   ‫"أيّها الممثّلون الشيروبيم س ّريًّا‪َ ."...‬م ِن المنادى في‬
‫البتول‪ ،"...‬ذلك بأ ّن يسوع ُولد‪ ،‬تاريخ ًيّا‪ ،‬من البتول‬   ‫هذا التسبيح؟ المنادى هو الجماعة المؤمنة‪ ،‬أي‬
‫بالجسد منذ نيّف وأل َفي عام ليولَد‪ ،‬من ك ّل واحد‬
‫م ّنا‪ ،‬اليوم وك ّل يوم‪ .‬أخي ًرا ولیس آخ ًرا‪ ،‬في عمليّة‬   ‫نحن‪ ،‬أجل نحن الذي اجتمعنا م ًعا في الكنيسة‬
‫التحضير للق ّداس الإله ّي‪ ،‬وعندما يه ّيئ الكاهن‬
‫القربانة أو الذبيحة (كما نقول بلغتنا ال ّدارجة)‪ ،‬ماذا‬    ‫المق ّدسة لإقامة س ّر ال ّشكر‪ .‬وهذا معناه أنّنا‪ ،‬في‬
                                                         ‫الق ّداس الإله ّي‪ ،‬لسنا‪ ،‬بع ُد‪ ،‬بش ًرا عاديّين لك ّننا بتنا‬
‫يتش ّكل عنده على الصينيّة؟ يتش ّكل عنده التّالي‪:‬‬         ‫مشابهين للملائكة‪ ،‬لأ ّن ما نُت ّممه ليس فعاًل َمحض‬
‫الطّابع الذي في وسط القربانة (أو الجوهرة)‪ ،‬وهو‬           ‫بشر ّي‪" ،‬إ ًذا إنّنا مزمعون أن نستقبل ملك الك ّل"‪.‬‬
                                                         ‫هذه هي اللّيتورجيا‪ :‬إنّها هذا الفعل‬
‫الحمل‪ ،‬يقتطعه ويضعه في وسط ال ّصينيّة‪ ،‬ويضع‬
‫عن يمينه الجزء الخا ّص بالعذراء مريم‪ ،‬عن يساره‬           ‫التسبيح ّي الذي عندما نقوم به نكون مماثلين‬
‫الأجزاء الخا ّصة بمصا ّف الملائكة والق ّديسين والأنبياء‬                                 ‫الملائكة‪.‬‬
‫وال ّرسل وال ّشهداء والأبرار‪ ...‬إلخ‪ ،‬وفي أسفله الأجزاء‬
‫الخا ّصة بالأحياء والأموات الذين قُ ّدمت القرابين‬        ‫تحضرني‪ ،‬في هذا ال ّسياق‪ ،‬ترنيمة " اليوم ُعلّق‬
‫من أجل ص ّحتهم أو من أجل راحة نفوسهم‪ .‬هذه‬
‫هي صورة الكنيسة التي تتش ّكل بالحمل وحوله‪.‬‬

‫‪5 Issue 4 - 2024‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11