Page 5 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 5

‫الحقيقة‪ ،‬وفيما هو يبحث عن الحقيقة‪ ،‬غالبًا ما‬           ‫حتّى أ ّن قراءة الإنجيل صارت عادة يوميّة عنده لا‬
‫يساوره الش ّك‪ ،‬وهذا طبيع ّي‪ ،‬بل مشرو ٌع‪ ،‬وفيه‬          ‫يستطيع الإقلاع عنها‪ .‬ومنذ ذلك الحين بدأ يشعر‬
‫الكثير من الإيجاب ّية‪ .‬أ ّما كيف نختبر نحن هذا الأمر‪،‬‬
‫أي كيف نعيش هذا الرّّ ّس‪ ،‬س ّر السيّد ال ّر ّب الذي‬    ‫برغبة قويّة في مكاشفة زوجته ومصارحتها بالأمر‪.‬‬
‫داس الموت وقام من بين الأموات‪ ،‬فباللّيتورجيا‪.‬‬          ‫وهذا ما حصل‪ ،‬فقد ص ّرح لزوجته أنّه عاكف‬
                                                       ‫على قراءة الإنجيل‪ ،‬ويريد القسم الذي في حوزتها‬
‫اللّيتورجيا هي حضور ال ّر ّب في ما بيننا أو حضورنا‬
‫أمامه‪ .‬اللّيتورجيا هي‪ ،‬بشكل من الأشكال‪ ،‬انعطاف‬         ‫ليعطيها‪ ،‬بالمقابل‪ ،‬القسم الذي في حوزته‪ .‬وهكذا‬

‫ال ّسماء على الأرض وارتفاع الأرض إلى ال ّسماء‪ .‬إنّها‬   ‫فرح ال ّزوجان بعض ُهما ببعض وصارا يقرأان م ًعا‬
‫استحضار لس ّر ال ّصليب بحيث يصير المسيح ساك ًنا‬                                     ‫كلمة الله‪.‬‬

          ‫فینا‪ ،‬ما يَ ُؤول إلى تقديسنا وخلاصنا‪.‬‬        ‫أ ّما بعد‪ ،‬وبالعودة إلى العنوان "ال ّشباب والحياة‬
‫أ ّما كيف يعيش اللّيتورجيا‪ ،‬فبأشكال متع ّددة‪.‬‬          ‫اللّيتورجيّة"‪ ،‬فيستوقفنا مصطَلح "ال ّشباب"‪.‬‬
‫عندما يتكلّم الآباء الق ّديسون على اللّيتورجيا‬         ‫تعرفون جيّ ًدا أ ّن ال ّشبّان يزخرون بصفات كثيرة‬
                                                       ‫خا ّص ٍة بهم‪ .‬فال ّشباب يعني الإقدام‪ ،‬يعني الجرأة‪،‬‬
‫يذكرون ال ّصلاة الفرديّة وال ّصلاة الجماع ّية‪ .‬أ ّما‬   ‫يعني البحث عن الحقيقة وطلب الحقيقة‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫الفرديّة فهي التي يؤ ّديها المؤمن في قلبه‪ ،‬حيثما‬
‫كان‪ ،‬إ ْن في بيته أو مركز عمله أو‪ ...‬إلخ؛ وأ ّما‬       ‫وفي هذا ال ّسياق يحضرني ال ّرسول تُوما‪ ،‬توما ال ّشاب‬
‫الجماع ّية فهي التي يؤ ّديها‪ ،‬في الكنيسة‪ ،‬بالاشتراك‬    ‫كما تص ّوره الكنيسة‪ .‬تعرفون جيّ ًدا أ ّن الكلام على‬
‫مع الجماعة المؤمنة‪ .‬إ ّن ال ّصلوات الجماع ّية تنقسم‬    ‫ال ّرسول توما يقترن‪ ،‬في ال ّسياق الكتاب ّي‪ ،‬بال ّش ّك‪،‬‬
‫إلى فر َعين أساس َّيين‪ :‬الفرع الأ ّول هو الذي ندعوه‬    ‫ومن ث ّم‪ ،‬باليقين والإيمان العميق‪ .‬إذ‪ ،‬عندما أخبره‬
‫ال ِخدم الكنسيّة‪ ،‬أو ال ّصلوات التسبيحيّة‪ .‬والفرع‬      ‫ال ُّرسل بأنّهم عاينوا ال ّسيّد من بعد قيامته‪ ،‬أص ّر‬
‫الـثاني هو الأسرار‪ .‬أ ّما ال ّصلوات التسبيح ّية (التي‬  ‫عليهم أن يراه بنفسه ويعاين أثر المسامير في‬
‫ليست الأسرار) فهي ال ّصلوات التي فيها نشكر‬
                                                       ‫جسده لكي يؤمن‪ .‬ونعرف جيّ ًدا‪ ،‬من المحادثة‪ ،‬أ ّن‬
‫ال ّرب‪ ،‬ونبتهل إليه‪ ،‬ونسجد له ُمق ّرين بعظمته‪،‬‬         ‫ال ّسيّد لم يست ِهن بش ّكه‪ ،‬لا‪ ،‬بل ظهر له ثانية‪ ،‬في‬
‫ونطلب إليه ما نطلب‪ .‬أ ّما الأسرار فهي صلوات‬            ‫اليوم الثامن‪ ،‬وقال له‪" :‬يا توما‪ ،‬تعا َل وعا ِين أثر‬
‫‪ -‬بطبيعة الحال ‪ -‬مُي ّيزها عن سائر ال ّصلوات‬
‫التسبيحيّة حلول ال ُّروح القدس في ك ّل منها‪ ،‬وال ّروح‬  ‫المسامير‪ ،‬و َضع يدك في جنبي‪ ،‬ولا تكن غير مؤمن‬
‫القدس يفعل في حياة الإنسان من أجل تقديسه‬
                                                       ‫بل مؤم ًنا"‪ ،‬فصرخ أمامه بأعلى صوته‪" :‬ريّب وإلهي"‪،‬‬
‫ونم ّوه بالمسيح يسوع‪ .‬فمثلاً‪ ،‬في المعموديّة يح ّل‬      ‫و َسجد له" (يوح ّنا ‪ .)24-29 :20‬إ ّن توما‪ ،‬بموقفه‬
                                                       ‫هذا‪ ،‬يرمز إلى ك ّل شا ّب‪ .‬ميزة ال ّشاب أنّه لا يرتوي‬
                                                       ‫ما ّّم يقال له‪ ،‬لك ّنه يرغب في أن يبحث بنفسه عن‬

                                                       ‫العدد ‪٢٠٢٤ - 4‬‬  ‫‪4‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10