Page 55 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 55

‫جماح ال ّسقطات الداخل ّية التي هي الغيط‪ ،‬الغضب‪ ،‬فكما أ ّن من يخاف أن تخونه قدماه مُيسك بع ّكاز ويتوكّأ‬

‫الاعتداد بالنفس‪ ،‬الكبرياء‪ ،‬الحسد‪ ،‬النميمة‪ ،‬الرّّشاهة‪ ،‬عليه لأنّه يَقيه من ال ًّزلل‪ ،‬كذلك من يُجاهد روح ّيًا‪ ،‬في‬

‫الأنانية‪ ...‬وغيرها كثير‪ .‬نحن مدع ّوون إلى ضبط ك ّل سبيل الانضباط الداخل ّي‪ ،‬يتوكّأ على ع ّكاز متين وثابت‪،‬‬
‫هذه الأهواء المَعيبة (إذا ص ّح المُصطلح)‪ .‬لذلك‪ ،‬نحن وهذا الع ّكاز هو ال ّصلاة‪ ،‬وال ّصوم‪ ،‬ومعاشرة الكتاب‬

‫نصيّّل قائلين‪" :‬منذ شبابي آلا ٌم كثير ٌة تُحاربني‪ .‬لكن المق ّدس‪ ،‬وخدمة الآخر‪ ...‬إلخ‪ .‬في هذا ال ّصدد يستعمل‬

‫أن َت‪ ،‬يا مخلّصي‪ ،‬اع ُضدني وخلّصني"‪ .‬أ ّما الآلام‪ ،‬في الرسول بولس المصطلحات العسكريّة كـ "تُرس الإيمان"‬

‫هذه ال ّصلاة‪ ،‬فهي الأوجاع والأهواء المعيبة والسقطات و "سيف الروح" ؛ يقول‪ ،‬ناص ًحا الأفسسيّين‪ ..." :‬ش ّددوا‬
‫والميول العاطلة وما إليها‪ .‬هذه جميعها تحاربني‪ ،‬وأنا أوساطكم بالح ّق‪ ،‬البسوا درع الب ّر‪ ...‬احملوا تُر َس‬

‫أصيّّل إلى الله كي يخلّصني منها ويعضدني‪ .‬هذا هو الإيمان‪ ...‬اتّخذوا لكم خوذ َة الخلاص وسيف الروح‪ ،‬أي‬

‫الانضباط الداخل ّي الذي يمارسه الإنسان مع ذاته من كلمة الله" ( أف ‪.)17-14 :6‬‬

‫أجل أن يستعيد الجمال الأ ّول الذي خلقه الله عليه فلذلك‪ ،‬يا أحبّة‪ ،‬ينبغي أن نعي جيّ ًدا أ ّن الانضباط‬
                                                       ‫وخرِِسه هو بالخطيئة فال ّسقوط‪.‬‬
‫فضيلة كبيرة‪ ،‬شرط أل ّا يقتصر على الجانب الخارج ّي‬

‫منه بل أن يتع ّداه إلى الداخل ّي الذي يتمثّل بان يترك‬  ‫هذه المسيرة ترتكز على أربعة مبادئ‪:‬‬

‫المبدأ الأ ّول‪ :‬أن يعود الإنسان إلى نفسه‪ .‬أن يحاسب الانسان الخطيئة التي هي " ما وراء" و يمت ّد إلى " ما‬

‫هو أمام" في مسيرة القداسة‪ ،‬وذلك عملاً بقول بولس‬        ‫نفسه بنفسه فیری أين أخطأ وأين أصاب‪.‬‬

‫المبدأ الثاني‪ :‬أن يص ّمم على إصلاح نفسه بتوبته عن الرسول إلى أهل فيل ّبي‪" :‬أيّها الإخوة‪ ،‬لا أحسب نفسي‬

‫الخطايا التي ارتكبها ويتع ّهده الإقلا َع عنها نهائ ًّيا‪ .‬وهذا قد قبضت عليه (على الكمال) وإمّنا يه ّمني أم ٌر واحد‪:‬‬
‫معناه أن يق ّرر ال ّسير في طريق المعموديّة بتطبيقه أن أنسى ما ورائي وأتمطّى إلى الأمام‪ ،‬فأسعى إلى الغاية‬

‫التع ّهد الذي قطعه للكاهن الذي ع ّمده‪ ،‬والذي يقضى التي يدعونا الله إليها من َع ُل لننالها في المسيح يسوع"‬

‫( في ‪ 13 :١3‬و ‪.)14‬‬                                     ‫بأن يوافق المسيح‪.‬‬

‫المبدأ الثالث‪ :‬أن يتّكل على الر ّب وعلى رحمته‪ .‬نحن أيّها الأح ّباء‪ ،‬أختم كلامي إليكم بال ّدعاء لكم جمي ًعا‬
‫كلّنا ضعفاء‪ ،‬كلّنا خطأة وتُعوزنا رحمة الر ّب‪ .‬نقرأ في بالص ّحة والعافية‪ ،‬وبالإعراب لكم عن فرحي الكبير بلقائي‬

‫رسالة بولس إلى أهل رومية‪ ..." :‬ذلك بأ ّن جميع الناس بكم بال ّرغم من ك ّل الظّروف الصعبة المحيطة بنا؛ لا‬

‫قد خطئوا فأعوزهم مجد الله (‪ .)٢٣ :۳‬وفيما هو يتوب س ّيما فرحي باشتراكنا م ًعا في هذا الق ّداس الإله ّي المبارك‪،‬‬

‫أن يذكر أ ّن الر ّب "ت ّواب على مساوئ الناس"‪ ،‬وأ ّن يسوع والذي سمعنا فيه الرسول بولس يخاطب الكورنث ّيين في‬
‫نفسه‪ ،‬عندما أتاه الكتبة والف ّريس ّيون بامرأة أُخذت في رسالته الأولى‪ ،‬ويخاطبنا معهم‪ ،‬قائل ًا‪ ..." :‬تنبّهوا واثبتوا‬
‫زى ًًن وقالوا له‪ ،‬بقصد أن يُحرجوه‪ ،‬أ ّن موسى أوصانا في في الإيمان‪ ،‬كونوا رجال ًا‪ ،‬تش ّددوا‪ ،‬ولتكن أموركم كلّها‬

‫الشريعة ب َرجم أمثالها‪ ،‬قال لهم‪َ " :‬من كان منكم بلا بالمح ّبة" (ا كور‪ 13 : 16‬و ‪ .)14‬آنذاك يكون لنا الظّفر‬
        ‫خطيئة فليكن أ ّول من يرجمها بحجر " (يوح ّنا ‪ .)7:8‬بيسوع المسيح و نهتف قائلين‪ :‬المسيح قام !‬

‫المبدأ الرابع‪ :‬أن يعتمد‪ ،‬في جهاده هذا‪ ،‬على ما يق ّويه‪ .‬ك ّل عيد وأنتم بخير‪ ،‬وليَح ِم ُك ُم الر ُّب جمي ًعا‪.‬‬

                                                       ‫العدد ‪٢٠٢٤ - 4‬‬  ‫‪54‬‬
   50   51   52   53   54   55   56   57   58   59   60