Page 53 - AlNashra Year 2024 Issue 04
P. 53

‫"الانضباط الداخلي"*‬

‫البطريرك يوح ّنا العاشر‬

‫باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد‪ ،‬آمين‪ .‬إ ّن ك ّل الأمور التي ف ّصلناها آن ًفا يمكن وضعها في خانة‬

‫يا أح ّبة‪ ،‬أ ّولاً بأ ّول أرفع الشكران لل ّر ّب الذي أعطانا الاِنضباط الخارج ّي‪ ،‬وهي‪ ،‬لا ش ّك‪ ،‬مه ّمة‪ .‬لكن‪ ،‬غالبًا‬

‫أن نجتمع سويّة في هذا الق ّداس الإله ّي المبارك الذي ما ننسى الانضباط الداخل ّي‪ ،‬فما هو؟ إنّه أن يسيطر‬

‫نقيمه في هذا ال ّدير الشريف‪ ،‬ويشاركنا فيه أعضاء الإنسان على ك ّل أفكاره‪ ،‬على ك ّل مشاعره‪ ،‬على ك ّل‬

‫فرق الك ّشافة الآتون من دمشق والمخ ّيمون هنا في انفعالاته‪ ،‬على ك ّل أفعاله ور ّدات أفعاله‪ .‬بتعبير آخر‪،‬‬

‫ال ّدير‪ ،‬ومعهم‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬مجموعة من أبنائنا في طرطوس أن يكون قاد ًرا على التح ّكم بما في داخل كيانه وال ّسيطرة‬

‫يخ ّيمون في الجوار‪ .‬إنّهم يشاركوننا الق ّداس الإله ّي عليه‪.‬‬

‫بحضور الإخوة مطران حمص غريغوريوس‪ ،‬الأسقف لقد خلق الله الكون أ ّولاً‪ ،‬ورأى أ ّن ما خلقه ح َس ٌن‬

‫رومانوس والأسقف موسی ورئيس ال ّدير‪ ،‬والآباء الجلاّء يعمل بانتظام‪ ،‬كما يجب‪ ،‬فلا فساد ولا خل ٌل ولا ش ّر‪.‬‬
‫والمرتّلين‪ ،‬وبمعيّتكم جمي ًعا‪ .‬أَلا َحماكم الله وزا َدكم من أ ّما الإنسان ‪ -‬وقد خلقه بعد ما فر َغ من خلق الكون ‪-‬‬
‫نعمه‪ ،‬بشفاعة الق ّديس جاورجيوس شفيع هذا ال ّدير فأولاه كرام ًة أوفر‪ ،‬إذ جبله بيديه و جعله على صورته‬

‫وحامي هذه المحلّة‪ ،‬وح َمى العالم أجمع الذي نصيّّل و مثاله‪ .‬فيا لها من كرامة لا تضاهيها كرامة! يتميّز‬

‫الإنسان عن سائر المخلوقات بأ ّن الله خلقه نف ًسا‬       ‫من أجله ونطلب له ال ّسلام‪.‬‬

‫إنّني أغتنم فرصة وجود مجموعة كبيرة من أبنائنا وجس ًدا‪ ،‬وأعطاه الفكر والقلب والعقل‪ ،‬ووضع فيه‬

‫الكشف ّيين معنا في هذا ال ّدير الشريف لأتو ّجه إلى المشاعر والانفعالات والأحاسيس والعواطف‪ ،‬وجعل‬

‫مح ّبتكم بكلمة تتمحور حول مبدأ أساس ّي من مبادئ ك ّل هذه القوى الداخل ّية فيه تعمل بانتظام وانسجام‬

‫الحياة الكشف ّية‪ ،‬ألا وهو الانضباط‪ .‬الانضباط‪ ،‬يا أح ّبة‪ Harmonie ،‬بع ُضها مع بعض‪ .‬فمثلاً‪ ،‬قبل الخطيئة‪،‬‬

‫يجب أن يحكم َمرافق حياتنا كلّها‪ ،‬بالقول والفعل‪ .‬فال ّسقوط كان الإنسان يف ّكر في ك ّل ما هو صالح‪ .‬ما‬

‫يجب علينا أن نكون منضبطين في أقوالنا‪ ،‬في أعمالنا‪ ،‬كان يعرف الش ّر‪ .‬كانت إرادته خاضعة لرغباته الحسنة‬

‫في أوقاتنا‪ ،‬في المواعيد التي نضربها‪ .‬يجب على ك ّل م ّنا وتعمل بمقتضى ما تمليه عليها هذه الرغبات‪ ،‬أي‬

‫أن يكون منضبطًا في فرقته وفي التزامه بك ّل ما تُرتّبه بمقتضى ما يمليه عليها الفكر الإله ّي‪ .‬وفيما بعد كانت‬
‫عليه عضويّته في الفرقة‪ ،‬أن يكون منضبطًا في بيته‪ ،‬في الخطيئة‪ ،‬فال ّسقوط‪ ،‬فاضطربت قوى الإنسان فيه‪،‬‬

‫وحصل الخلل في عملها‪ .‬ما عاد الإنسان يف ّكر في ك ّل ما‬  ‫مجتمعه وأينما ُوجد‪ ...‬والحديث يطول‪.‬‬

‫ولكن‪ ،‬دعوني اليوم‪ ،‬يا أح ّبة‪ ،‬ألفت مح ّبتكم إلى انضباط هو صالح‪ ،‬ما عاد يف ّكر في الإلهيّات‪ ،‬صار يف ّكر بالش ّر‪.‬‬

‫آ َخر‪ ،‬ولعلّه هو الأساس‪َ ،‬عني ُت به الانضباط الداخل ّي‪ .‬قايين قتل أخاه هابيل حس ًدا‪ .‬بالخطيئة سقطت إرادة‬

‫* عظة صاحب الغبطة البطريرك يوح ّنا العاشر في ق ّداس الأحد ‪ ٢٢‬أيلول ‪ ،٢٠٢٤‬في دير الق ّديس جاورجيوس الحميراء البطريرك ّي‬

                                                       ‫العدد ‪٢٠٢٤ - 4‬‬  ‫‪52‬‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58