Page 43 - AlNashra Year 2025 Issue 02
P. 43

‫"لم يكن الأمر كذلك في البدء"‪ .‬يا للأسف كان‬         ‫وهذا يعني أنّنا لا ننطلق نحو المجهول‪ ،‬بل نبدأ‬
                                                   ‫رحل ًة زوجيّة نحو مملكة الله‪ ،‬وخريطة الطريق‬
‫الأمر كذلك بالنسبة للعاطفة الشهوان ّية فقط‪ ،‬ولم‬    ‫يُرشدنا عليها الإنجيل المقدس‪ .‬ما هو إرشاد‬
‫يَ ُدم‪ .‬وأي ًضا‪ ،‬من يرغب بالزواج من الآخر‪ ،‬فقط‬     ‫الكتاب المق ّدس للسير على هذه الطريق من دون‬
‫بسبب وفرة المال وجمال الجسد وح ّب الوجاهة‬          ‫أن نض ّل؟ إنّه يرشدنا إلى حمل الصليب‪ ،‬طريق‬
‫الاجتماع ّية‪ ،‬يضع نفسه في حالة لا تشبه التهيئة‬     ‫الح ّب المض ّحي‪ .‬يترك الرجل أباه وأ ّمه ليلتصق‬
‫للزواج‪ ،‬فالرجل المؤمن يفتّش على امرأة بسيطة‬        ‫بامرأته‪ ،‬وهي‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬تترك منزل أهلها‪ ،‬وتعلّقها‬
‫وطبيعيّة وبُعجب بجمال روحها‪ ،‬كما ويجعل‬             ‫بأ ّمها‪ ...‬باسم الح ّب يقبلان بعضهما ويصبران‪،‬‬
‫حفلة عرسه مضاءة بالبساطة والحشمة وأدب‬              ‫لأنّهما ينظران نحو نهاية الرحلة‪ ،‬أي العيش في‬
                                                   ‫الملكوت‪ .‬تجمعهم نعمة الله في وحدة مق ّدسة‬
‫الكتاب المق ّدس ليكون المسيح فيها‪ ،‬بعي ًدا عن‬      ‫حتّى يتم ّكنوا من السير م ًعا‪ .‬هذه النعمة هي‬
‫رقصات خليعة وكلام قبيح‪ ،‬كما ير ّدد الق ّديس‬        ‫وقود للسيارة‪ .‬ولكن مخزن الوقود في السيارة‬
‫يوح ّنا الذهب ّي الفم في عظات كثيرة‪ .‬فترة الخطوبة‬
‫ليست وقتًا لإشعال الشهوات الشبابيّة التي‬           ‫لا يمتلئ من ذاته‪ ،‬بل يأخذ الرجل والمرأة القرار‬
‫تُعمي البصر‪ ،‬بل فترة أساسيّة وضروريّة للتع ّرف‬
‫إلى الآخر بعمق وج ّديّة‪ ،‬ومن دون تجاهل وضع‬         ‫بملئه‪ .‬الوقود متوفّر‪ ،‬ولكن القرار لنا بأن نأخذ‬
‫الآخر الروح ّي والنفس ّي‪ .‬الخطوبة هي الفترة التي‬
‫يتح ّدث فيها الشا ّب والفتاة بج ّديّة والتزام حول‬                 ‫المبادرة طوع ّيًا ونملأ المخزن‪.‬‬
‫مستقبلهما‪ ،‬لمعرفة ما إذا كانا متّف َقين على السفر‬  ‫فما هي الطرق الصحيحة للاستعداد لهذه الرحلة‬
‫م ًعا برحلة نحو الملكوت‪ .‬ومن المه ّم ج ًدا معرفة‬
‫الحقيقة‪ ،‬حتّى لا يكتشفا‪ ،‬في منتصف الطريق‪،‬‬          ‫والانطلاق جيّ ًدا بها؟ ينبّه الشيخ أفرام‪ ،‬من دير‬
‫أنّه لا علاقة لهما بعضهما ببعض‪ :‬اهتمامات‬           ‫الفاتوبيذي‪ ،‬أ ّن معظم الشباب والشابّات يأتون‬
‫أحدهما مختلفة تما ًما‪ ،‬بينما اهتمامات الآخر‬        ‫إلى الزواج وهم غير مستع ّدين روحيًّا ونفس ًّيا‪.‬‬
‫مختلفة‪ .‬ومن دون هذه المعرفة يبدأ التعب في‬          ‫الصلاة وطلب نعمة الله والاعتراف والمناولة‬
                                                   ‫المق ّدسة‪ ،‬كلّها أمور تُه ّيئ للزواج‪ ،‬ولكن ممارستها‬
                             ‫الطريق‪.‬‬               ‫مفقودة‪ .‬فطالما أ ّن هؤلاء يتق ّدمون إلى الاتّحاد‬
                                                   ‫الس ّري ببركة الزواج‪ ،‬فعليهم أن يستع ّدوا بشكل‬
‫وهنا‪ ،‬عرضت وثيقة "العائلة فرح الحياة"‪ ،‬التي‬        ‫صحيح لنيل نعمة الروح القدس عبر هذه البركة‬

‫أصدرها المجمع الأنطاكي المق ّدس في تشرين‬           ‫الروحيّة‪ .‬لذا‪ ،‬لا يمكن بناء الزواج على شبق‬
‫الأ ّول ‪ ،2019‬خطة عمل لرعاية المقبلين الى‬          ‫وعشق وشهوانيّة‪ ،‬لأ ّن هذا العنصر غير ثابت‪ ،‬وله‬
‫الزواج تشمل تفعيل دور المؤمنين المؤ َّهلين في‬      ‫فوراته صعو ًدا ونزواًل‪ ،‬وقد ينطفئ خصو ًصا مع‬
‫هذه الخدمة وإنشاء دوائر متخ ّصصة لدعم‬              ‫الوقت والعمر وتجارب الحياة‪ .‬يتو ّهم الإنسان‬
‫العلاقة الزوجيّة والإرشاد العائل ّي والمساعدة في‬   ‫أ ّن العاطفة مستم ّرة في الزواج‪ ،‬ولك ّنها لا تستم ّر‬
‫ح ّل الخلافات والنزاعات الزوج ّية‪ .‬وقد أبرزت‬       ‫بالزخم ذاته الى الأبد‪ .‬أحيانًا كثيرة يقول أحدهما‪:‬‬

                                                   ‫العدد ‪2025 - 2‬‬  ‫‪42‬‬
   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48