تذكار عجيبة القمح المسلوق التي فعلها القدّيس…



عجيبة القمح المسلوق التي حصلت من القدّيس ثاوذُورس التيروني في السبت الأول من الصوم الكبير سنة (362م):

بمأكل القمح المسلوق أجارَ ثاودوروس مدينة التيرونين، مبطلاً حيلة الطعام النجس ومعطلاً مكيدة الوثنيين.

لما تقلّد يوليانوس العاصي صولجانة الـمُلك بعد قسطنديوس بن قسطنطين الكبير، وانتقل من عبادة المسيح إلى عبادة الأصنام، ثار اضطهاد عظيم على المسيحيين ظاهراً وخفياً. theodoros

وإذ تعِب هذا الملحد من تعذيب المسيحيين بقساوة وتجريبهم هكذا علانية بدون شفقة وإنسانية واختزى وخَشي أن يزدادوا أكثر مما هم في العدد، ارتأى هذا الغاش الفاقد البر أن ينجسهم بصورة خفية.

فترقّبَ السُبّة الأولى من الصوم (أي في الأسبوع الأول من الصيام الأربعيني المقدس) التي فيها شعب المسيح يتنقّى، ويتطهّر بالأكثر، ويلتصق بالله ( لذلك يدعى هذا الأسبوع: أسبوعاً نقياً )، ثُمَّ استدعى والي المدينة وأمره أن يرفع من وسط السوق جميع المبيعات المعتادة ويضع غيرها أعني خبزاً ومشروبات بعد أن يمزجها أولاً بدماء ضحاياه ويدنّسها من وقت عجينها لكيّ يبتاعوها في الصيام فيتنجّسوا في حال التنقية بالأكثر.

فالوالي أجرى حالاً ما أُمر به ووضع في جميع السوق الأطعمة والمشروبات المنجّسة من الضحايا والأدناس.

إلاّ أنّ عين الله الناظرة الكل والمعتنية بنا دائماً نحن عبيده حلّت مبطلة اختراعات العاصي المخترعة علينا.

فأرسل الله مجاهدهُ المعظم ثاودوروس المدعو تيرونياً (من الرتبة التيرونيّة) إلى أفدوكسيوس رئيس كهنة المدينة الذي على الأخص كان متحيّراً جداً بذلك.

فوقف به باليقظة لا بالمنام وقال له: انهض بسرعة واجمع رعيّة المسيح وأطلب منهم باحتراس أن لا يبتاع أحد منهم شيئاً من الأشياء الموضوعة في السوق فإن الملك الملحد المتفاقم كفره قد دنّسه بدم الضحايا.

فتحيّر رئيس الكهنة وسأله قائلاً: كيف يمكن أن يكون سهلاً للذين لا يوجد عندهم في البيوت ما يحتاجون إليه أن لا يبتاعوا من الأطعمة الموضوعة في السوق؟!

فأجابه القدّيس: أعطهم سليقة وسدّ عوزهم. فتحيّر أيضاً وسأله: ما هي هذه السليقة؟ فأجابه المعظّم ثاودوروس: هي القمح المسلوق (المعروفة اليوم بالـ "كولليفا").

فاستقصى منه البطريرك سائلاً إياه من هو هذا المعتني بالشعب المسيحي فقال له القدّيس: هو شاهد المسيح ثاودوروس الذي أُرسل من قبَلِه معيناً لكم.

فنهض البطريرك حالاً وأخبر الجمهور بما نظر وصنع بموجبه، فحفظ رعية المسيح غير مضرورة من مكر العدو العاصي وحيله.

فلما رأى ذلك أن ما كمنه قد فُضِحَ وغدا عديم الفعل وأنّه خزي جداً، أمر أن توضع ثانياً في السوق المبيعات المعتادة.

أمّا الشعب المسيحي فلمّا أكملت السبّة قدّموا شكراً للمحسن والشاهد، وبواسطة القمح المسلوق صنعوا تذكاره في مثل هذه السبّة فرحين مسرورين.

فمن ذلك الوقت إلى الآن نجدد نحن المؤمنين ذكر العجيبة لئلا يصير منسياً من تلقاء تداول الأزمان هذا العمل العظيم الذي حدث من الشاهد الأمين ثاودوروس العظيم ونكرّمه بواسطة القمح المسلوق.

وليتعلّم المؤمنون من خلالها ملازمة الصوم والإمساك فيتنقوا من أدران الخطيئة وأدناسها.

ثم أن ثاودوروس العظيم قد استشهد من فرينغاس الملحد على عهد مكسيمينوس بعد أن عُذب أولاً بعد أن أحرق هيكل لأم الآلهة أقامه الوثنيون على ضفة النهر، وقسّم ما كان فيه من الزينة على البائسين.

فحضر إليه بعض وخاطبوه ونصحوه فلم يقبل منهم، فعذّبوه كثيراً وأضرموا له أتون عظيم وزجّوه فيه. حينها سلّم روحه لله من وسط الأتون من دون أن يحترق جسمه فيه البتّة.

فبشفاعاته اللهم ارحمنا وخلصنا، آمين.