Page 48 - AlNashra Year 2024 Issue 03
P. 48

‫كنيسة أنطاكية‪ .‬إذا كانت القدس مه َد المسيح‪ ،‬فإ ّن‬                                ‫أيّها الحضور الكريم‪،‬‬
                                                           ‫من جامعة تشرين يحلو لي أن أُط َّل عليكم‪ ،‬ومن‬
‫أنطاكية هي المهد الفكر ّي لهذه المسيح ّية التي‬
‫انطلقت منها‪ ،‬من عاصمة الرّّشق‪ .‬وكمسيح ّيين أُ َصلاء‬        ‫خلالكم على سوريا وعلى المشرق الذي تَ َس َّمت به‬
‫في هذه الأرض‪ ،‬نحن من عتاقة دمشقها ومن حجار ِة‬              ‫وتَ َك ّنت كنيس ُة أنطاكية على َم ّر العصور‪Alma .‬‬
                                                           ‫‪ Mater‬هكذا تَ َس َّمت الجامعات والمدارس‪ ،‬وهكذا‬
‫حمصها ومن نواعير عاصيها ومن أصالة شهبائها ومن‬              ‫اعتاد الب ّحاثة والأكاديميّون أن يُ َس ُّموا هذه الر ُُّّصو َح‬
                                                           ‫العلميّة‪« .‬الأ ّم المُر ِضعة» هو ما اعتيد على إطلاقه‬
‫أرز لبنانها‪ .‬نُوافي لنقول إنّنا من قلب هذه الأرض‬           ‫على الجامعة والمدرسة‪ .‬والمصطلح يعود‪ ،‬في أصله‪،‬‬
‫التي نعشق ونُح ّب‪ .‬نُط ّل كمسيح ّيين تتّخ ُذ الأصال ُة‬
‫من تاريخ حضورهم ههنا مح ًّكا لأصالتها‪ .‬نحن ههنا‬            ‫إلى الإغريق وال ّرومان الذين استخدموا هذا المصطلح‬
                                                           ‫ورقَموا به آلهة عصرهم‪ .‬فك ٌّل من الجامعة والمدرسة‬
‫مذ كان المسيح في الجسد‪ .‬نحن من عاصمة ولاية‬                 ‫هي الأ ّم المُر ِضعة التي تصنع الأجيال والتي تد ُّر غذاء‬
                                                           ‫الروح والنفس لأجيال وأجيال‪ ،‬فتر ّمم النفس وتر ّصع‬
‫الشرق التي سربل ْت تلاميذ المخلّص لقب مسيحيّين‪.‬‬            ‫المجتمع بالقيم التي تُزيّن بها النفس وتُغ ّذي بها‬
‫نحن من أنطاكية التي زنّرت الكون بحقيقة التج ّسد‬            ‫ال ّروح‪ .‬ومن هنا نتح ّسس عظم َة هذا الدور الذي‬
‫وأَنب َض ْت في الكون بشارة الفرح‪ .‬نحن من حرمون‪،‬‬            ‫تقوم به الجامعات «أ ُّم العلوم» التي تُغ ّذي الإنسا َن‬
                                                           ‫اللَّ ِبن َة الأولى في تكوين المجتمع فتبني الوطن وتبني‬
‫الذي من مياه ثلجه اعتمد المسيح في الأرد ّن‪ .‬نحن‬
                                                                                         ‫الحضارات‪.‬‬
‫من أرز لبنان الذي قُ َّد الخلود من خشبه‪ .‬ونحن من‬
                                                           ‫نُط ّل اليوم من جامعة اتّخذت من الكرامة ال ّسوريّة‬
    ‫رحابة سوريا التي تلثم جبين شمس المتو ّسط‪.‬‬              ‫شعا ًرا‪ .‬نُط ّل من تشرين الذي أرادته سوريا‪ ،‬بقيادة‬
                                                           ‫ال ّراحل الحاضر الرئيس الخالد حافظ الأسد‪ ،‬عنوانًا‬
‫وهنا‪ ،‬لا ب ّد من التذكير بأ ّن كنيسة أنطاكية تأ ّسست‬       ‫لكرام ٍة هي أع ُّز ما يملك إنسان هذه ال ّديار‪ .‬نُط ّل‬
‫على يد ال ّرسولَين بطرس وبولس واتّخذ كرس ُّيها هذين‬        ‫من الاّلذق ّية التي تختصر شموخ الجبل وانبساط‬
‫الق ّديسين شفيعين له‪ .‬وفي تقليدنا الكنس ّي كان‬             ‫البحر‪ .‬نُط ّل لنقول كلمة ح ّق‪ .‬نُط ّل من هذا الرّّشق‬
‫بطرس أ ّول أسقف عليها‪ .‬نقرأ في سفر أعمال الرسل‬             ‫ال ّذبيح على قارعة المصالح والشاه ِد على تن ّوع ع ّباد‬
‫ما يجعلنا نفخر ونشعر بعظم المسؤوليّة في آن م ًعا؛‬          ‫الله في أُلف ِة محبّ ٍة وفي عناق تَلا ٍق‪ .‬نُط ّل من قلب‬
‫نقرأ «و ُدعي التلامي ُذ مسيحيّين أ ّول ًا في أنطاكية» (أع‬
‫‪ .)26 :11‬وهذا ما تدمغه مدين ُة الاّلذقيّة وتُؤ ّكده‪،‬‬
‫فقد عرفت الاّلذق ّية المسيحيّ َة منذ القرون الأولى‪،‬‬
‫وهذا ما يشه ُد علي ِه تاريخها والكنائس القديم ُة‬
‫والآثار القائم ُة فيها وفي الجوار حتّى اليوم‪ .‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪47 Issue 3 - 2024‬‬
   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53