القدّيس‭ ‬الشهيد‭ ‬لونجينوس‭ ‬قائد‭ ‬المئة ورفقته



10-16

القدّيس‭ ‬الشهيد‭ ‬لونجينوس‭ ‬قائد‭ ‬المئة ورفقته:
يذكر‭ ‬إنجيل‭ ‬متى‭ ‬في‭ ‬الإصحاح‭ ‬27،‭ ‬أنّه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أسلم‭ ‬يسوع‭ ‬الروح‭ ‬وانشق‭ ‬حجاب‭ ‬الهيكل‭ ‬إلى‭ ‬اثنين‭ ‬والأرض‭ ‬تزلزلت‭ ‬والصخور‭ ‬تشقّقت‭ ‬والقبور‭ ‬تفتّحت‭ ‬وقام‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أجساد‭ ‬القدّيسين‭ ‬الراقدين،‭ ‬خاف‭ ‬قائد‭ ‬المئة‭ ‬والذين‭ ‬معه،‭ ‬عند‭ ‬الصليب،‭ ‬خوفًا‭ ‬شديدًا‭ ‬وقالوا‭: ‬‮«‬حقًا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬ابن‭ ‬الله‮»‬(‬متى54:27)

 

قصّته‭ ‬بعد‭ ‬الصلب‭:‬
Layer 51 أمّا‭ ‬تفاصيل‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬بعد‭ ‬صلب‭ ‬السيّد،‭ ‬فالتراث‭ ‬يفيد‭ ‬بأن‭ ‬لونجينوس‭ ‬واثنين‭ ‬من‭ ‬رفاقه،‭ ‬جرى‭ ‬تكليفهم‭ ‬أيضًا‭ ‬بحراسة‭ ‬القبر،‭ ‬فشهدوا‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬قيامة‭ ‬السيّد‭ ‬وتلتها‭. ‬

ولما‭ ‬أراد‭ ‬اليهود‭ ‬رشوتهم‭ ‬ليقولوا‭ ‬أن‭ ‬تلاميذ‭ ‬يسوع‭ ‬أتوا‭ ‬ليلاً‭ ‬وسرقوا‭ ‬جثته،‭ ‬رفضوا‭ ‬ذلك،‭ ‬وقاموا‭ ‬فتركوا‭ ‬الجنديّة‭ ‬وانتقلوا‭ ‬سرًّا‭ ‬إلى‭ ‬بلاد‭ ‬الكبادوك،‭ ‬مسقط‭ ‬رأس‭ ‬لونجينوس،‭ ‬بعدما‭ ‬اقتبلوا‭ ‬المعموديّة‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الرسل‭. ‬

خاف‭ ‬اليهود‭ ‬أن‭ ‬يعمد‭ ‬لونجينوس‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬أخبار‭ ‬عن‭ ‬يسوع‭ ‬تسيء‭ ‬إليهم،‭ ‬فحرّضوا‭ ‬بيلاطس‭ ‬عليه،‭ ‬فكتب‭ ‬إلى‭ ‬طيباريوس‭ ‬قيصر،‭ ‬فأمر‭ ‬بالبحث‭ ‬عنه‭ ‬هو‭ ‬ورفيقيه‭ ‬وإعدامهم‭ ‬بتهمة‭ ‬الفرار‭ ‬من‭ ‬الجنديّة‭. ‬

انطلقت‭ ‬كوكبة‭ ‬من‭ ‬الجند‭ ‬إلى‭ ‬بلاد‭ ‬الكبادوك‭ ‬لتنفّذ‭ ‬أمر‭ ‬القيصر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬أيّة‭ ‬دراية‭ ‬لا‭ ‬بمكان‭ ‬لونجينوس‭ ‬ولا‭ ‬بمواصفاته‭. ‬

وعرض‭ ‬أن‭ ‬توقّف‭ ‬الجند‭ ‬في‭ ‬بقعةٍ‭ ‬للراحة‭ ‬كان‭ ‬لونجينوس‭ ‬مقيمًا‭ ‬فيها،‭ ‬فاستضافهم‭. ‬وأثناء‭ ‬الحديث‭ ‬كشف‭ ‬عمّال‭ ‬القيصر‭ ‬أنّهم‭ ‬في‭ ‬صدد‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬قائد‭ ‬المئة‭ ‬الفار‭ ‬ذاك‭ ‬ورفيقيه‭. ‬فأيقن‭ ‬لونجينوس‭ ‬أن‭ ‬ساعة‭ ‬استشهاده‭ ‬قد‭ ‬دنت‭. ‬فزاد‭ ‬في‭ ‬إكرام‭ ‬الجنود،‭ ‬ثم‭ ‬تركهم‭ ‬ينامون‭ ‬وأخذ‭ ‬يعد‭ ‬نفسه‭ ‬للموت‭. ‬وفي‭ ‬صباح‭ ‬اليوم‭ ‬التالي،‭ ‬ذهب‭ ‬باكرًا‭ ‬وأخبر‭ ‬رفيقيه‭ ‬بما‭ ‬جرى،‭ ‬فاتفق‭ ‬الثلاثة‭ ‬على‭ ‬كشف‭ ‬هويّتهم‭ ‬للجنود‭ ‬واقتبال‭ ‬الاستشهاد‭. ‬وهكذا‭ ‬كان‭. ‬

 

استشهاده‭:‬
وقف‭ ‬لونجينوس‭ ‬أمام‭ ‬طالبي‭ ‬نفسه‭ ‬وقال‭ ‬لهم‭ ‬أنّه‭ ‬هو‭ ‬إيّاه‭ ‬من‭ ‬تبحثون‭ ‬عنه‭. ‬لم‭ ‬يصدّق‭ ‬الجنود‭ ‬آذانهم‭ ‬أوّل‭ ‬الأمر‭. ‬ثم‭ ‬تحوّل‭ ‬شكهم‭ ‬إلى‭ ‬دهشة‭ ‬فشعور‭ ‬بالأسى‭. ‬لكن‭ ‬لونجينوس‭ ‬ورفيقيه‭ ‬أصرّوا‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬إرادة‭ ‬القيصر‭. ‬وبعد‭ ‬أخذ‭ ‬ورد،‭ ‬قام‭ ‬الجنود‭ ‬‏فقطعوا‭ ‬هامات‭ ‬الثلاثة‭ ‬وأرسلوا‭ ‬برأس‭ ‬لونجينوس‭ ‬إلى‭ ‬بيلاطس،‭ ‬بناء‭ ‬لطلب‭ ‬هذا‭ ‬الأخير،‭ ‬بعدما‭ ‬أصرّ‭ ‬اليهود‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تعطى‭ ‬لهم‭ ‬علامة‭ ‬تؤكّد‭ ‬موته‭.‬‭ ‬

فلما‭ ‬استلم‭ ‬اليهود‭ ‬الهامة‭ ‬وتأكّدوا‭ ‬أنّه‭ ‬هو‭ ‬إيّاه‭ ‬لونجينوس،‭ ‬ألقوها‭ ‬في‭ ‬حفرةٍ‭ ‬كانت‭ ‬تلقى‭ ‬فيها‭ ‬قمامة‭ ‬المدينة‭. ‬

 

ظهوره‭ ‬لمرأة‭:‬
ويشاء‭ ‬التدبير‭ ‬الإلهيّ،‭ ‬حسبما‭ ‬يقول‭ ‬التراث،‭ ‬أن‭ ‬تحجّ‭ ‬امرأة‭ ‬غنية‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬الكبادوك‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬المقدّسة‭ ‬برفقة‭ ‬وحيدها‭ ‬للتبرّك‭ ‬والتماس‭ ‬الشفاء‭ ‬من‭ ‬عمى‭ ‬أصابها‭. ‬وما‭ ‬أن‭ ‬بلغت‭ ‬المدينة‭ ‬حتى‭ ‬مات‭ ‬ابنها‭ ‬وتركها‭ ‬وحيدة‭ ‬حزينة‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬قوّة‭ ‬إلا‭ ‬بالله‭. ‬

في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬بالذات‭ ‬ظهر‭ ‬القدّيس‭ ‬لونجينوس‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬فعزّى‭ ‬قلبها‭ ‬ووعدها‭ ‬بأن‭ ‬تشفى‭ ‬من‭ ‬عماها،‭ ‬وأن‭ ‬ترى‭ ‬ابنها‭ ‬مكلّلاً‭ ‬بالمجد‭ ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬إن‭ ‬هي‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬حفرة‭ ‬القمامة‭ ‬خارج‭ ‬المدينة‭ ‬وأخرجت‭ ‬هامته‭ ‬من‭ ‬هناك‭. ‬

وبالفعل‭ ‬أفاقت‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬نومها،‭ ‬ونادت‭ ‬من‭ ‬دلّها‭ ‬على‭ ‬الحفرة‭. ‬ما‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬طلبت‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬بمفردها،‭ ‬وأخذت‭ ‬تتلمس‭ ‬المكان‭ ‬بيديها،‭ ‬والقدّيس‭ ‬لونجينوس‭ ‬يقودها،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬الجمجمة‭ ‬فانفتحت‭ ‬عيناها‭ ‬للحال،‭ ‬وشاهدت،‭ ‬بأم‭ ‬العين،‭ ‬وحيدها‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القدّيس‭ ‬لونجينوس‭ ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬فتعزّت‭ ‬تعزيّة‭ ‬كبيرة‭. ‬

كما‭ ‬يقال‭ ‬أنّها‭ ‬عادت‭ ‬إلى‭ ‬بلادها‭ ‬ومعها‭ ‬هامة‭ ‬القدّيس‭ ‬وجثمان‭ ‬ابنها‭ ‬حيث‭ ‬بنت‭ ‬كنيسة‭ ‬ووضعتهما‭ ‬فيها‭.‬