كلمة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق يوحنا العاشر في…



2016-05-18

أصحاب السيادة الأخوة المطارنة مشاركي ضعتنا في الخدمة،

الآباء الأجلاء والأخوات الراهبات،

السادة المسؤولون والأساتذة المحترمون،

أبناء الكنيسة المؤمنون،

نعمةٌ لكم وسلامٌ من الله أبي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات.

ثلاثة أعوامٍ ونيّف مضت على اختطاف أخوينا صاحبيّ السيادة والنيافة، المطران بولس متروبوليت حلب والاسكندرون وتوابعهما، والمطران يوحنا متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس، ثلاثة أعوام ونيّف ومحنة اختطافهما تزيد عمق الجرح المفتوح والنازف في قلوب أبنائنا في هذا الشرق المعذب، لكنها، وفي الوقت عينه، تلهب شعلة الرجاء بعودتهما الميمونة، وتحيي الشوق إلى السلام المفقود وسط النزاعات والحرب.

نرسل لكم اليوم من أنطاكية التي دعي فيها التلاميذ مسيحيين أولاً، من الأرض التي عاش فيها آباؤنا وأجدادنا منذ أكثر من ألفي عام وحفظوا فيها الإيمان غير منثلم وشهدوا لقيامة مخلصنا يسوع المسيح الناهض من بين الأموات، من سورية الجريحة والتي يجوز سيفٌ في قلبها ناظرةً صليبَ أبنائها، لكن ثقة القيامة تبلسم جراحاته إذ تعاين صليب ربها الذي افتدى الإنسان بموته وقيامته، من لبنان المتعب الذي أثقلته الهموم والأوجاع، نرسل لكم السلام الفصحيّ حاملين محبة جميع أبناء بطريركيتنا الرسوليّة في الوطن وبلاد الانتشار.

اليوم، وبعد مضي أكثر من خمس سنوات على الحرب الطاحنة التي تدور رحاها في سورية، فامتزجت رائحة ورودها بطيبِ شهدائها وعبقِ صلوات أبنائها المعذبين والمشردين في أنحاء العالم، والتي خُطف فيها رسولا السلام والمحبة بولس ويوحنا، فإننا نعلي صوتنا بفمٍ واحد وقلبٍ واحد مع أخوتنا المجتمعين هنا، في اليونان وسائر أنحاء العالم، لننقل رسالتنا إلى كل ضمير حيٍّ صارخين وقائلين:

ساهموا في إيقاف الحروب وإراقة دماء الأبرياء، فما يحدث اليوم في سورية لا يخصُّ أبناءها وحدهم، إذ تنبع المسؤولية من خلقِ كلِّ إنسانٍ على صورة الله ومن رسالته ضمن مخطط الله الخلاصي للإنسان والعالم.

ساهموا في إحلال سلام الله الذي خلقَ العالمَ فيه عندما كان روحثه يرفُّ فوق خليقةِ محبتِه منذ البدء.

أعيدوا رسولي السلام بولس ويوحنا، إلى بلدهما سورية، إلى مدينتهما حلب، إلى قلوب أبنائهما التي تنتظر عودتهما برجاءٍ عظيم وشوقٍ عميق، ونشدد أن مسؤولية عودتهما تتحملها كل دولةٍ ومنظمة، وحتى كلُّ إنسانٍ يسعى إلى السلام الحقيقي.

 نشكر مشاعر الأخوة والدعم والاستنكار والإدانة، ولكن حان الوقت لنترجم الأقوال إلى أعمال مثمرةٍ تعبر عن الإرادة الحسنة. نحن اليوم نجددُ دعوتنا إلى كلِّ من له سلطان الحل والربط لإطلاق سراح أخوينا وإعادتهما إلى دورهما كرسولين ومبشرين بسلامِ ومحبةِ الله إلى كل الإنسانية وشاهدين لقيامتها من فساد الموت حتى آخر الأرض.

اليوم، ومن خلال هذا الاجتماع المبارك، نزرع صلاتنا وطلبتنا أمام العرش المقدس لربنا القائم من بين الأموات، متضرعين إليه أن تثمر بنور قيامته، مشددةً الإيمان والصبر في القلبين الشجاعين لأخوينا أسيريّ المسيح يسوع، وفي قلوب جميع المخطوفين والمهجرين، المتألمين والمعذبين، كلٍّ بحسب حاجته، ومعزيةً كلَّ قلبٍ ينتظر عودتهما.

لهذا، نرسل أحر أمنياتنا ونهدي بركتنا البطريركية إلى السيد نيقولاوس غوراروس مدير المجلة الالكترونية "بيمبتوسيا" وكل أعضاء اللجنة المنظمة لهذا الحدث. كما ونشكر أصحاب السيادة الأخوة  المطارنة والآباء الأجلاء ورؤساء أديار الجبل المقدس، وكل المشاركين في هذا الاجتماع الحاصل في أثينا، كما وكل المجتمعين في الوقت ذاته في كل مدينة ودولة لينقلوا رسالتنا إلى العالم أجمع، ونغمر جميعهم ببركة الكرسي البطريركي الكليّ الوقار لمدينة الله أنطاكية العظمى، راجين أن ينير نور القيامة الذي لا يعروه مساءٌ مساعيَ الجميع ليتحققَ مرادُ قلوبنا بعودةِ أخوينا المطرانين بولس ويوحنا بأسرع وقت وإحلالِ المحبة والمصالحة وسلام الله الذي "يفوق كل عقل" في العالم أجمع. وبهذا نختم مع المحبة في المسيح القائم من بين الأموات.

دمشق، في 11 أيار 2016

الداعي بحرارة للمسيح القائم لأجل جميعكم

+ بطريرك أنطاكية وسائر المشرق يوحنا العاشر