إثنين الروح القدس



 

عيَّدَتِ الكنيسةُ يومَ الأَحَدِ لِعيدِ العَنصرة.  وفي اليوم التّالي، يومِ الإثنين، لِمُسَبِّبِ العيدِ أي الرُّوحِ القُدُس.

أوَّلاً: إنَّ هذا التَّرتيبَ مُتَّبعٌ في اللّيتورجِيةِ الأُرثوذُكسيَّة، إذ يَأتي عِيدُ مُسَبِّبِ العِيدِ في اليَومِ الّذي يَلي العِيدَ.

مثلاً، عيدُ وَالدةِ الإلهِ الكَبيرِ يَحِلُّ في اليَومِ التّالي لِعيدِ الميلادِ المَجيد، وعيدُ القِدّيسِ يُوحنّا المَعمدانِ الجَامِعُ في اليومِ التّالي لِعِيدِ الظُّهُورِ الإلهي.

ثانيًا: اللهُ طبيعَتُهُ ثالوثِيّةٌ، لَكِنَّهُ إلهٌ واحِد. فالآبُ هُوَ اللهُ، والابنُ هُوَ اللهُ، والرُّوحُ القُدُسُ هُوَ اللهُ. ثَلاثَةُ أقانيمَ في إلهٍ واحِدٍ، وجميعُهُم واحِدٌ في الجَوهَر.

 تَمامًا مِثلَ الشَّمعةِ المُشتَعِلَةِ حيثُ نَرى شُعلةً وَاحِدَةً تَحتَرِقُ ولَكِن في الوَقتِ نفسِهِ، هُناكَ نُورٌ ونَارٌ ولهيبٌ. ولا فَارِقَ زمنيًّا بينَها.

ثالثًا: نَقولُ في دُستورِ الإيمانِ بِأَنَّ الرُّوحَ القُدُسَ يَنبثِقُ مِنَ الآب. وهذا تَمامًا ما قالَهُ الرَّبُّ يَسوعُ المسيحُ لِتلامِيذِه: "وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي" (يوحنا ٢٦:١٥)

رابِعًا: نُظِمَ دُستورُ الإيمانِ على مَرحَلَتَين،

 المَرحَلةُ الأُولى في المَجمَعِ المَسكونِيِّ الأَوّلِ في نيقية عام ٣٢٥م.  

وهُوَ يبدأُ بـ "أومِنُ بإلهٍ وَاحد... " إلى "وَأيضًا يأتي بِمَجدٍ لِيَدِينَ الأَحياءَ والأمواتِ الّذي لا فَناءَ لِمُلكِه".

المَرحَلةُ الثَّانِيةُ في المَجمعِ المَسكونِيّ الثَّاني في القِسطنطينيةِ عام ٣٨١م.

وأُضيفَ عَليهِ مِنَ "وَبِالرُّوحِ القُدُسِ الرَّبِّ المُحيي المُنبَثِقِ مِنَ الآبِ ..." إلى "وأَترجَّى قِيامَةَ المَوتى وَالحَياةَ في الدَّهرِ الآتي.  آمين". 

خَامِسًا:  نَقُولُ إنَّ الابنَ مَولُودٌ مِنَ الآبِ، بَينَمَا الرُّوحُ القُدُسُ مُنبَثِقٌ مِنَ الآب.  

هُنا يَجِبُ الانتِبَاهُ على أَنَّ كُلًّا مِنَ الوِلادَةِ والانبِثَاقِ حَصلا جَوهَريًّا مِنَ الآبِ خَارِجَ الزَّمانِ، أَي لَم تَكُن لحظةٌ فيها أحدُ الأقانيمِ الثَّلاثة مِن دُونِ الأُقنومَين الأخَرَين .