القدّاس الإلهي - تذكار القدّيس أندراوس حامي…
توج غبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر زيارته السلامية إلى رومانيا بقداس إلهي كبير مع غبطة بطريرك بخارست وسائر رومانيا دانيال في كنيسة المقر البطريركي. القداس، الذي جاء لمناسبة عيد القديس أندراوس شفيع الكنيسة الرومانية، ضم مطارنة من الكنيسة الرومانية ومن الجانب الأنطاكي المطارنة سابا (حوران)، باسيليوس (عكار) والأسقف قيس صادق والآباء الكهنة والشمامسة.
وفي العظة التي ألقاها البطريرك يوحنا بعد الإنجيل تطرق غبطته إلى العبرة المستخلصة من حياة القديس أندراوس. وجاء في كلمته:
"ومن تذكار القديس أندراوس يطيب لي أن أنطلق فأذكر بمعنى اسمه أولاً وأن أستخلص من سيرته ما له أن يضيء على واقع كنيستنا، الرومانية والأنطاكية.
ثانياً، أندراوس هو المدعو أولاً بين الرسل. واسمه في اليونانية متأتٍ من الرجولة. والرجولة هنا لاتعني الذكورة بقدر ما تعني العزيمة والقوة والثبات. فنحن هنا أمام عزم رباني يغرسه الرب في كل منا. وهذا العزم ينجلي إيماناً وطيداً ورسوخاً في الإخلاص ليسوع لا يتزعزع. أندراوس هو المدعو أولاً ليشهد للحق. وشهادته للحق قادته إلى سلوك الدرب نفسه الذي سلكه "الطريق والحق والحياة".
أندراوس قدوة لكل منا. ولسان حاله يقول:
"إن كرامتي أضعها جانباً عندما أعاين صليب ربي الذي لم يقم لكرامته اعتباراً محبةً بي".
أندراوس يقول لكل منا: إن من يسلك درب المسيح يسلك درب جلجلة، ولكن درب الجلجلة لا ينتهي بعتمات القبور لا بل بضياء المجد وبسطوع النور. من يسلك درب المسيح لا يخاف هول الجلجلة لأن المسيح معه ولا يدعه تحت ثقل الصليب وهو الذي مات محبة له.
أندراوس هو قوة شكيمة الإيمان. هو تحد صارخ في وجه عواصف البطل التي انمحقت وانقلبت أمام صليبه المقلوب. أندراوس رسالة لكل منا تقول إن فعل المحبة لا يتأتى من النفس الضعيفة بل من ذوي العزم والإرادة. ضعيف الإرادة لا يعرف عمق المحبة لأن المحبة أم الفضائل. والفضيلة virtue عند الفلاسفة والقدماء تستمد جذرها من vir (المرء) فالفضيلة هي مروءة قبل كل شيء وهي إقدام وقوة شكيمة وإرادةٌ وتحد لكل تجارب الحياة ورسوخ في الإيمان وصلابة وتفانٍ في المحبة. وأندراوس صياد السمك أمسى صياد البشر بصنارة المحبة الإلهية. والمحبة الإلهية هي التي أخرجت ابن بيت صيدا من داره وبيته وأطلقت فمه بكرازة المسيح في أقاصي الأرض. والمحبة الإلهية هي التي جمعتنا وتجمعنا اليوم أمام الحمل الذبيح من أجل خلاص البشرية".
وأضاف غبطته: "أنقل إليكم اليوم محبة جيرة أندراوس، محبة كنيسة أنطاكية مصلياً إلى القديس أندراوس أن يكتنف الشرق الأوسط الذي ولد فيه بظل شفاعته وأن يحميكم رعاةً ورعيةً في رومانيا يا شعباً محباً للمسيح ومكرماً حاراً لكل قديسيه".
وفي نهاية القداس رحب البطريرك الروماني ببطريرك أنطاكية مؤكداً أن الكنيسة الرومانية تعمل وتصلي من أجل إخوتها في سوريا ولبنان. وقدم إلى البطريرك مساعدة مالية جمعتها الكنيسة الرومانية تضامناً مع الإخوة المهجرين في سوريا. ونوه غلى عمق العلاقة التي تربط الشعب الروماني وكنيسة أنطاكية والتي تنجلي وتترجم صلاةً وأعمالاً.
من جهته شكر البطريرك يوحنا للبطريرك دانيال هذه اللفتة المحبة. ونقل للشعب الروماني محبة كنيسة أنطاكية وشعبها سائلاً الرب أن يعطي الشرق الأوسط السلام الذي ينشده وسط هذه الظروف الصعبة من خطف وتكفير وإرهاب لا يوفر أحداً.