القدّيس الشهيد برلعام الأنطاكي
القدّيس الشهيد برلعام الأنطاكي(+304م):
كان برلعام فلّاحاً بسيطاً متمسّكاً بالإيمان بالرّب يسوع عندما اندلعت موجة جديدة من العنف في وجه المسيحيين في أيام الإمبراطورين ذيوكلسيانوس ومكسيميانوس، أوائل القرن الرابع الميلادي.
جيء به إلى والي أنطاكية فاعترف بالمسيح سيّداً وأبى أن يذبح للأوثان أو يقدّم لها البخور.
سألوه: " لما أنت مسيحي؟ " فأجاب: " لأني أعبد المسيح ". فسخروا منه قائلين: " ومن هو المسيح؟ ". أجاب: "هو ربّ السماء والأرض". قالوا: "ومن قال ذلك؟". أجاب: " الكاهن! ". فقالوا: "هذا كلام بطاّل. المسيح مجرم صلبه الوالي الروماني في أورشليم. وحدها إلهتنا حقيقية". فأجاب: "بل المسيح وحده الإله".
فجلدوه وعذبوه من جديد ثم طرحوه في السجن.
بعد أيام أخرجوه فوجدوه ثابتاً في إيمانه بالرّب يسوع فأخضعوه لأنواع جديدة من التعذيب. علّقوه وشدوا أطرافه في كل اتجاه فتخلعت عظامه. تركوه وعادوا إليه بعد حين فرأوه صابراً راسخاً لا يتزعزع.
فقفزت فكرة إلى رأس الحاكم بعدما احتار في أمره، فجعله أمام مذبح الوثن وألزمه بمد يده. ثم وضع في يده جمرة وألقى فوق الجمرة بخوراً، لأنه قال لا بد أن يرمي برلعام الجمرة من يده مرغماً فتقع عند مذبح الوثن فيكون قد قدّم البخور للبعل عنوة.
انصبت الأنظار على يد برلعام. بعد قليل أخذ الدخان ورائحة اللحم المحترق ينبعثان منها ويده لا تتحرك.
استمر المشهد وسط دهشة الحاضرين حيناً. وإذ بالأصابع تتساقط، الواحد بعد الآخر، رماداً والكف تحترق ولا تمتد يد برلعام بحركة صوب الوثن البتة.
القدّيس باسيليوس الكبير قال: " كانت له يمين أصلب من النار ". والذهبي الفم كتب: "ت طلّع الملائكة من العلاء وعاين رؤساء الملائكة المشهد العزيز الفائق في الحقيقة على طبيعة البشر. من لا يشتهي النظر إلى إنسان أبدى مثل هذا الجهد النسكي ولم يشعر بما يشعر به سائر الناس، إنسان كان هو المذبح والذبيحة والكاهن؟! ".
أجل، برلعام صمد، وإذ انتهى المشهد سقط جانباً وأسلم الروح شهيداً للمسيح.