بيان ختامي صادر عن أمانة سر المجمع الأنطاكي المقدس
انعقد المجمع الأنطاكي المقدّس في دورته العادية الثالثة ما بين الأول والرابع من تموز 2014 برئاسة صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر وحضور السادة المطارنة اسبيريدون (أبرشية زحلة وتوابعها)، جاورجيوس (أبرشيّة جبيل والبترون وتوابعهما)، يوحنا (أبرشيّة اللاذقية وتوابعها)، الياس (أبرشيّة بيروت وتوابعها)، إيليّا (أبرشيّة حماه وتوابعها)، الياس (أبرشيّة صيدا وصور وتوابعهما)، أنطون (أبرشية المكسيك وفنزويلا وتوابعهما)، سرجيوس (أبرشيّة تشيلي)، دمسكينوس (أبرشيّة البرازيل وتوابعها)، سابا (أبرشيّة حوران وكل جبل العرب)، بولس (أبرشية أستراليا ونيوزيلاندا)، جورج (أبرشيّة حمص وتوابعها)، سلوان (أبرشيّة بيونيس آيرس وسائر الأرجنتين)، باسيليوس (أبرشية عكّار وتوابعها)، أفرام (أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما)، إغناطيوس (أبرشية فرنسا وأوروبا الغربية والجنوبية)، اسحق (أبرشية ألمانيا وأوروبا الوسطى).
كذلك حضر السادة رئيسا الأساقفة نيفن (صيقلي) وجوزيف (زحلاوي)، والأساقفة موسى (الخوري)، لوقا (الخوري)، غطاس (هزيم)، ألكساندر (مفرج)، نقولا (بعلبكي)، إغناطيوس (سمعان)، أثناسيوس (فهد)، ديمتري (شربك)، إيليا (طعمة)، قسطنطين (كيال)، يوحنا (هيكل)، رومانوس (داود)، جان (عبدالله)، نقولا (أوزون)، والوكيل البطريركي الأسقف أفرام (معلولي) وكاتب المجمع الأب جورج ديماس.
وقد حضر المطران بولس (يازجي) المغيب بفعل الأسر في صلوات آباء المجمع وأدعيتهم.
استقبل آباء المجمع، بفرح عارم، أصحاب الغبطة البطاركة الأنطاكيين مار بشارة بطرس الراعي ومار إغناطيوس أفرام الثاني كريم وغريغوريوس الثالث لحام ومار إغناطيوس يوسف الثالث يونان والمطارنة المرافقين لهم، الذين شاركوا في افتتاح أعمال جلسة المجمع الأنطاكي المقدس. تداول الآباء معاً في السبل الآيلة إلى اكتشاف أعماق وحدتهم في المسيح وإلى توطيد الحضور المسيحي الشاهد في المدى الأنطاكي، من خلال روحٍ إنجيليةٍ، تخضع لمقتضيات التقارب البشري القائم على المحبة المجانية وتهدف إلى رقي أبناء المشرق المقهورين وازدهارهم. وقرروا تشكيل لجنة مشتركة لتفعيل التشاور والتعاون في ما بين الكنائس الأنطاكية والتخطيط لعمل مشترك يتم عرضه على الكنائس بغية تنفيذه في المدى الأنطاكي.
استعرض آباء المجمع التوصيات التي رفعها إليهم المؤتمر الأنطاكي العام الذي انعقد في البلمند ما بين 25 و29 حزيران 2014. ورفعوا الشكر إلى السيد على نجاح هذا المؤتمر، الذي سمح للأبناء بمخاطبة آبائهم بروح بنوية وأتاح للآباء سماع ما يقوله الروح للكنائس في جو من المحبة والإلفة والصراحة. ثنّى آباء المجمع على يقظة أبنائهم الروحية والتزامهم قضايا كنيستهم وانكبابهم على العمل في حقل الرب بروح شركوية محبة. وقرروا تشكيل لجنة مجمعية تتدارس هذه التوصيات وترفعها إلى المجمع المقدس.
أخذ آباء المجمع علماً باستعفاء صاحب السيادة المطران قسطنطين (باباستيفانو)، مطران بغداد والكويت والجزيرة العربية وتوابعها من أبرشيته، وقبلوا استقالته، شاكرين له الجهود التي بذلها في خدمة الرعية التي أوكلت إليه، ومتمنين أن يثبته الرب ويقويه في شيخوخته المباركة. كما أطلع صاحب الغبطة الآباء على الزيارة التي قام بهالهذه الأبرشية، والتي التقى خلالها أبناءهُ في مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تسنّى له الوقوف على حاجاتهم الرعائيّة والاجتماع بالمسؤولين فيها الذين أبدوا كل تعاون في سبيل تفعيل وتقوية الحضور الأرثوذكسي الأنطاكي في هذه الديار. وقرر المجمع في هذا الصدد إعادة تكوين الأبرشية بالشكل التالي:
1- أبرشية بغداد والكويت وتوابعها وتشمل العراق، الكويت، السعودية، اليمن وعُمان،
2- مملكة البحرين معتمديةً بطريركية،
3- إمارة قطر معتمديةً بطريركية،
4- دولة الإمارات العربية المتحدة معتمديةً بطريركية.
كما استعرض الآباء الزيارة السلامية التي قام بها غبطة البطريرك إلى الكنيسة الروسية، فاستمعوا من غبطته عن أهم مفاصل هذه الزيارة وعن مختلف جوانبها الكنسية والرسمية.
واستعرض آباء المجمع واقع أبرشية نيويورك وأمريكا الشمالية الشاغرة بانتقال المثلث الرحمة المطران فيليبس صليبا. وانتخبوا في دورة استثنائية صاحب السيادة جوزيف زحلاوي متروبوليتاً عليها. وتوجه الآباء بالتحية إلى أبنائهم في أبرشية أميركا الشمالية مباركين لهم بالراعي الجديد ومتمنين له خدمةً مباركة أمام المذبح الإلهي.
وتدارس الآباء أهمية المجمع الأرثوذكسي الكبير المزمع عقده سنة 2016 وأكدوا أهمية الشهادة المسيحية الأرثوذكسية الواحدةفي عالم اليوم مشددين على ضرورة إزالة كل العوائق التي من شأنها أن تعترض مسيرة نجاح هذا اللقاء الجامع.
ونظراً لجهود رئيس الأساقفة نيفن (صيقلي) وتقديراً لدوره في مد جذور التواصل وتوطيد الحضور الأنطاكي في المدى الروسي، قرر المجمع المقدس تكريمه بإعطائه شرفياً رتبة متروبوليت على شهبا.
كما توقف آباء المجمع عند آلام الشعب السوري وأحزانه، وأخذوا علماً بزيارة صاحب الغبطة إلى بلدة معلولا وإلى أبرشية حمص المنكوبة، وبالعمل الإغاثي الذي تقوم بهالكنيسة في سوريا. وإذ هالَآباءَ المجمع ما أصاب شعبهم وكنيستهم من مآسٍ وأضرار طالت البشر والحجر ولم توفر الأديرة ودور العبادة، دعوا أبناءهم أن يلازموا أرضهم ويتشبثوا بها لأن الحضور المسيحي في الأرض هو بعض من حضور المسيح القائم والمنتصر على الموت فيها، وحضّوهم أن يلازموا الله في المحنة وألا ييأسوا لأن الله معنا ندىً في وسط اللهيب، وهو يبلسم الجراح ويشفي من الأوجاع وهي كثيرة في هذه الأيام الصعبة. واستنكر آباء المجمع صمت العالم المطبق على الجرائم الإرهابية التي تطال الشعب السوري وكرامة إنسانه، من تهجير وتنكيل وخطف. وناشدوا المجتمع الدولي والضمير الإنساني الحي، أن يكف عن التفرج على هذه الآلام وأن يبادر إلى العمل الجدي من أجل إيقاف الأزمة الحاصلة، وإعادة المهجرين، وعودة المخطوفين، وعلى رأسهم الراهبات والكهنة، والمطرانان يوحنا (إبراهيم) وبولس (يازجي)، اللذان مضى على اختطافهما أكثر من 14 شهراً، في سابقة لا مثيل لها في تاريخ هذا الشرق، استباحت حقوق الإنسان والجماعات، وسط لامبالاة عالمية وإقليمية.
وحضر لبنان في مداولات آباء المجمع الذين طالبوا جميع المعنيين بالمسارعة إلى سد الفراغ الحاصل في سدة رئاسة الجمهورية من خلال انتخاب رئيس للجمهورية يجنب لبنان الأخطار المحدقة به وسط التقلبات الإقليمية الحاصلة في الشرق الأوسط والتي قد لا يسلم لبنان من تداعياتها. كذلك ناشدوا المسؤولين أن يتجاوزوا خلافاتهم الفئوية وأن يخرجوا من أزقّة السياسة الضيقة ويعملوا بإخلاص لنمو شعبهم وازدهاره. وأكدوا على محاربة الأعمال الإجرامية والإرهابية.
وصلى آباء المجمع من أجل العراق في محنته. وطالبوا العالم أن يلتفت إلى آلام هذا الشعب الذي يعاني منذ عقود من ويلات الحروب. وناشدوا جميع الخيرين بأن يعملوا على وحدة هذا البلد ورقي إنسانه وبأن يحافظوا على الوجود المسيحي فيه.
والتفت آباء المجمع إلى فلسطين الصامدة، التي ما زال أبناؤها يساقون يومياً إلى الذبح فيما العالم قد "غلّظ قلبه، وثقّل أذنيه وأغمض عينيه، لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه" مأساةَ هذا الشعب الذي يقتل ويقتلع من بيوته ويشرد من أرضه وتدنس مقدساته. وطالبوا العالم بالعمل الجدي والسريع لإيجاد حل سريع وعادل لهذه القضية التي تبقى جرحَ البشرية النازف.
وعايد آباء المجمع إخوتهم المسلمين بحلول شهر رمضان المبارك راجين الله أن ينزل سلامه عليهم وعلى بلدانهم، ليتغلبوا على الزمن الرديء. وكرروا التأكيد على أهمية تقوية اللحمة التي جمعتنا وتجمعنا، في سبيل مواجهة الأخطار التي تواجهنا، وإعادة إعمار بلادنا بناسها وحجارتها على القيم التي من عند الله.
وعبّر آباء المجمع عن فرحهم بشهادة أبنائهم في المدى الأنطاكي خصوصاً في أبرشيات أوروبا وأستراليا والأمريكيتين، وختموا بتذكيرهمبأنهم قد دُعوا لكي يكونوا "ملح الأرض" و"الخمير الذي يخمر العجين كله".وهذا يكون بانخراطهم في شؤون أوطانهم والعمل من أجل خدمة إنسانها إلى أي دين انتمى من خلال قراءة للسياسة تتجاوز الآني وتترجم سيادة الرب على الفكر والحياة.