كلمة البطريرك يوحنا العاشر في تنصيب قداسة…
كلمة البطريرك يوحنا العاشر
في تنصيب قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني
معرة صيدنايا،
قداسة البطريرك الأخ الكريم مار إغناطيوس إفرام الثاني كريم،
السيد الوزير منصور عزام ممثل سيادة الرئيس،
أصحاب القداسة والغبطة والسيادة،
أيها الحضور الكريم،
يطيب لي أن أبدأ كلماتي بمقولة القديس يوحنا الذهبي الفم "المجد لله على كلّ شيء". المجد له وهو الذي جمعنا ويجمعنا في هذا اليوم لندعوه ونناجيه "أبانا"، المجد له لأنه أعطانا أن نفرح مع إخوتنا، رعاة ورعية الكنيسة السريانية، بتتويج راعي رعاتها. المجد له، أيها الحبيب، لأنه ومن كنيسة أبينا وأبيكم أفرام السرياني أعطانا أن نفرح بوجود أفرامٍ جديد على سدة البطريركية السريانية. المجد لك يا الله، نقولها من وسط ضيقنا ومن جوف رحم أوجاعنا، نقولها من دموع فرحنا ومن ابتسامات أفواهنا. المجد لك يا الله لأنك جمعتنا مصفاً واحداً لنفرح مع إخوتنا الذين تجمعنا، وإياهم، وحدة حالٍ وأخوة إيمانٍ وأرضٍ وتاريخٍ في أرض سوريا ولبنان والمشرق وكلّ العالم.
"فرات الكنيسة العقلي"، بهذه الكلمات اختصرت ريشة القدّيس غريغوريوس اللاهوتي وصف القدّيس أفرام السرياني، شفيعِكم يا صاحب القداسة. وبمثل هذه الكلمات يحلو لي أن أخاطب شخصكم الكريم، إذ إن فيض حكمة كلامك هي التي تغرس إخوتنا في الكنيسة السريانية في أرض أجدادهم، سوريا. وحكمة الكلام الذي ينساب من فمك هو الذي سيروي النفوس السريانيّة والروميّة الأرثوذكسيّة والمسيحيّة والسوريّة كما يروي فراتنا أرض سوريا. لقد انتدبك إخوتنا بطريركاً للكنيسة السريانيّة، وما وجودُنا معكم وإلى جانبكم في هذا اليوم، وفي هذا المكان بالتحديد، في هذا الدير الشريف، في معرة صيدنايا، في دمشق، في سوريا، إلاّ لنقول إن غصن الزيتون في سوريا لن يترك مكانه لأشواك الإرهاب. وإن أفكار التكفير الغريبة عن ماضي وحاضر عيشنا، مسلمين ومسيحيين، سينبذها منطق التاريخ وستمحقها شجرة زيتوننا، رمز سلام هذه الأرض وانفتاح شعبها الطيب.
لم يعرف المسيحيون الأنطاكيون في تاريخهم الحديث ما يفرقهم. لا بل إن ما يجمعنا هو كلمة وصلاة
الـ "أبانا" التي قلناها اليوم والتي نقولها دوماً. "أفضّلُ تعليم المؤمنين الصغار الصلاة الربية على كتابة مجلّدٍ في اللاهوت والفلسفة"، هذا ما قاله المثلث الرحمة سلفكم المطوب الذكر البطريرك زكا الأول عيواص يوم تنصيبه. ما أحوجنا اليوم، ونحن نفعل ذلك، أن نضع هذا القول فاتحة دربٍ نحو تلاقٍ أفضل، وأن نؤكد أننا عائلة واحدة، وأن أخوتنا الحقة بعضنا لبعض هي التي تؤهلّنا أن نخاطب الله "أبانا".
باسمي وباسم إخوتي في كنيسة أنطاكيّة وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وطناً وانتشاراً، وباسم مؤمنيها، أتقدم إلى قداستكم وإلى كلّ إخوتنا في الكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة بالتهاني القلبية سائلاً الرب يسوع أن يكون إلى جانبكم ويبارك سني خدمتكم ويقود خطانا وخطاكم إلى الوحدة المسيحيّة التي تضمنا جسداً واحداً يتمجّد فيه المسيح الرب، وأن يؤهّلنا لأن نقف مصفّاً واحداً في وجه ما ينتاب إنسان هذه الديار من صعوبات، وأن نشهد للعالم برسالة السلام والمسرّة.
وهنا، أسمح لنفسي وأضيف قائلاً: أنقل إليك، أخي العزيز، تهنئةً حارةً وسلاماً ودعاءً بنوياً من أخوينا وأخويكم ملاكي أبرشية حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي اللذَيْن اختطفتْهما منّا قسوة هذه الأيام ومؤامرات الزمن الحاضر، لكنّها لن تختطف منّا الأمل برجوعهما مع سائر المخطوفين.
نضم صلاتنا إلى صلواتكم ونسأل الرّب القائم من بين الأموات، في يوم صعوده المجيد، أن يصعد هذا المشرق المعذّب من شقاء تخبّطه ويزيّن الأرض التي اتشّحت باسمه أولاً بوشاح سلامه الإلهي وباهي حضوره العذب، له المجد إلى الأبد آمين.
مستحق، مستحق، مستحق.