القديسون الصانعا العجائب والعادما الفضّة كيرس…
القديسان الصانعا العجائب والعادما الفضّة كيرس ويوحنا، والشهيدات اثناسية وبناتها (القرن4م):
كان كيرُس مسيحياً تقياً في الإسكندرية يزاول مهنة الطب ويشفي النفوس موجّهاً إيّاها صوب المسيح. اعتاد أن يقول لمرضاه:
"إذا أردتم اجتناب المرض فتحفّظوا من الخطيئة لأنه غالباً ما يكون المرض ثمرة الخطيئة". لم يكن كيرُس ليركن لعلم الطب والأدوية بقدر ما كان يهتم بشفاء الأجساد بوساطة الصلاة وإحياء النفوس التائهة في غياهب الوثنية بكلمة الله.
وإذ حقّق نجاحات بارزة، وشى به وثنيّون لدى حاكم المدينة، وكان رجلاً قاسياً عنيفاً جعله ذيوكليسيانوس قيصر في منصبه ليلاحق المسيحيّين ويقضي عليهم. ولكن تمكّن كيرُس من الفرار واللجوء إلى أطراف العربية حيث اشتهر بأشفيته بمجرّد رسم إشارة الصليب على المرضى. 31
بلغ صيت كيرُس بلاد الرها فسمع بخبره جندي يدعى يوحنا فتحرّك قلبه وترك الجندية وخرج لينضم إليه. بحث عنه فعلم أنه عاد إلى مصر فسافر إلى هناك والتصق به وصار له تلميذاً ومساعداً. وقد سلك الاثنان كأخوين في الفضيلة وصنع العجائب.
وإذ اتسع نطاق الحملة على المسيحيّين علم الرفيقان أن سيريانوس الحاكم قبض، في كانوبي، على امرأة تدعى أثناسية وبناتها الثلاث ثيوكتيستي وثيودوتي وأفدوكسيّة اللواتي تراوحت أعمارهن بين الحادية عشرة والخامسة عشرة.
فخاف القدّيسان، صانعا العجائب، على النساء الأربع أن يخُرن تحت التعذيب فقرّرا التوجّه إلى كانوبي لتشديدهن وتثبيتهن. وإذ تمكّنا من اختراق السجن حيث كن موقوفات افتضح أمرهما وقُبض عليهما واستيقا إلى أمام سيريانوس.
فقرّر الحاكم، بعد الاستجواب، إخضاع الرفيقين للتعذيب أملاً في حمل النسوة الأربع على التراجع أمام المنظر.
فلما أخذ في فعلته أبديا من الشجاعة والصمود ما ثبّت النسوة. إذ ذاك أخضعهن الحاكم للتعذيب، هنّ أيضاً، فتبيّن له إنه أخطأ التقدير لأن الأربعة كنّ راسخات وثبتن على الإيمان ككيرُس ويوحنا، فخاب ظنّه وأعطى الأمر بقطع رؤوس الجميع فنفّذ الحكم.
أما أجساد الشهداء الستة فجمعها مسيحيّون أتقياء وأودعوها كنيسة القديس مرقص في الإسكندرية. ولما أراد القديس كيرللس الإسكندري،في القرن الخامس الميلادي، القضاء على العبادة الوثنية في معبد إيزيس في كانوبي، التي دعيت فيما بعد أنباكير ثم أبوقير تيمّناً بالقديس، نقل إلى هناك رفات كيرّس ويوحنا اللذين جرى بهما جمّ من العجائب والأشفية. وقد تحوّل المكان، مع الأيام، إلى محجّة يقصدها المؤمنون من كل أقطار المسكونة.
كما ورد أن عيني القديس صفرونيوس الأورشليمي شفيتا من داء ألمّ بهما إثر تدخّل القدّيسين. كيرُس رسم على الواحدة إشارة الصليب ويوحنا قبّل الثانية. وكعربون امتنان لهما اهتمّ القدّيس صفرونيوس بتسجيل أخبار عجائبهما في رسالة طويلة.