كلمة البطريرك يوحنا العاشر في مستهلّ القمة…

2024-10-16
كلمة البطريرك يوحنا العاشر
في مستهلّ القمة الروحية المسيحية-الإسلامية، بكركي، 16 تشرين الأول 2024
أصحاب الغبطة والسماحة والفضيلة والسيادة،
 
أيها الإخوة،
نحن هنا لأن الوطن جريح ومتألم ونازف. قلوبنا دامية، فمن حولنا الضحايا والشهداء والقتل والعنف والنزوح وكل هذه الأوجاع التي تعصف بنا. نحن هنا برحمات الرب وأملنا ورجاؤنا أن يكون اجتماعنا ولقاؤنا سبيل تعزيةٍ لشعبنا. نحن هنا وأملنا ورجاؤنا أن يكون هذا الاجتماع دفعاً مع إخوتنا المسؤولين السياسيين والمدنيين وكل مسؤول لإيجاد حلول لشعبنا ولبلدنا للبنان. عله يكون بارقة أمل لشعبنا الجريح المتألم.
بادئ ذي بدء نشكر صاحب الغبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لدعوته الكريمة للاجتماع في هذه الدار الكريمة في بكركي في قمة روحية إسلامية مسيحية للتشاور في أمور بلادنا وقضايا شعبنا الأليمة التي يمر فيها لبنان واللبنانيون في هذا الوقت العصيب. اجتماعنا هو رسالة للعالم الخارجي أولاً علّه يرى أننا كنا وما زلنا وسنبقى أبناء هذا البلد بكل أطيافه مسلمين ومسيحيين وأننا عائلة روحية واحدة في لحمة وطنية لا يعتريها أي خلل. وهو أيضاً في الوقت نفسه رسالة داخلية لشعبنا لكي يرى الناسُ جميعاً أننا سوية وأنْ لا شيء يفرقنا وأننا في المخاطر يدٌ واحدة مسلمين ومسيحيين في لبنان العزيز على قلوبنا.
نحن أمام عدوان همجي حاصل تقوم به إسرائيل بدءاً من غزة وصولاً الآن إلى لبنان والعالم كله يقف متفرجاً صامتاً لا يفتح فاه. نرفع الصوت مجدداً ومجدداً مطالبين المجتمع الدولي أن يسرع ويوقف هذه الحرب واليوم قبل غد. ما معنى هذا الإجرام؟ وأمامنا الأبرياء والنساء والأطفال والبيوت والشهداء والدمار والنزوح. ومع كل هذا، وللأسف يقف العالم متفرجاً لا بل، أتجرأ وأقول، داعماً لهذه الحرب الهمجية. نناشد العالم وقف الإمداد بالسلاح الذي يتم به الفتك والضرب والقتل والتدمير والخراب. وإذا أردنا التكلم عن الارتدادات فهي كثيرة جداً. على رأسها قضية النازحين، تلك العائلات التي كانت تعيش في استقرارٍ مع أهلها وأقربائها. ما ذنبها؟؟ لماذا كل هذا التهجير وهذا النزوح وهذا التشرد؟ ولماذا كل هذه الويلات؟
وهنا لا بد من توجيه الشكر إلى الهيئات الحكومية، الجيش، الدفاع المدني، وكل المسؤولين الذين ساعدوا ويساعدون في دعم أولئك النازحين. والشكر أيضاً لمستضيفيهم. والشكر أيضاً إلى سائر الهيئات الداخلية والخارجية العربية وغيرها التي تدعم تلك العائلات النازحة بسبب ما يجري من حرب وويلات.
وهنا لا بد من الإضاءة على أهمية ترتيب بيتنا الداخلي. وعلى رأس ذلك انتخاب رئيس للجمهورية وبناء الدولة، دولة المواطنة واكتمال كافة الهيئات الدستورية. نحن نتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الخصوص. وندعو جميع المعنيين إلى التكاتف والتآزر ووضع اليد باليد من أجل الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية أولاً لكي تنتظم سائر الهيئات الدستورية.
اجتماعنا اليوم هو صرخة إلى الخارج، إلى المجتمع الدولي؛ نحن في لبنان شعب سلامي ولا نريد الحروب ونطالب بإيقاف الحرب فوراً فوراً وبإنهاء هذه المجزرة التي تحصد الآلاف والآلاف من شعبنا من شهداء يسقطون ومن جرحى ومن مرضى وقتلى ومن بيوت تهدم. وهو أيضاً دعوة إلى أبنائنا في لبنان أنْ اثبتوا مهما كثرت الصعاب. نحن باقون ونحن ثابتون ولن ننظر إلى الوراء بل إن عيوننا ستكون دوماً نحو الأمام.
صلواتنا إلى الرب العلي المجيد إله المراحم أن يرحم الشهداء ويبلسم الجراح ويعزي القلوب ويقوي الجميع في هذه الظروف الصعبة والأليمة. نتساءل لماذا الكيل بمكيالين في هذا العالم؟ لماذا الكيل بمكيالين؟ لماذا ما لا يسمح به هنا يسمح به هناك؟ والعكس صحيح. نناشد أصحاب الضمائر في العالم أجمع أن يكونوا أبناء السلام وأن يدفعوا إلى إيجاد حلول سلامية في هذا العالم المضطرب المتقلقل والذي يعاني من حروبٍ وآلامٍ كثيرة.
أشكر لكم استماعكم وأدعو وأطلب إلى الله أن تكون هذه القمة الروحية لقاءً يعزي قلوب أبنائنا ويرفع صوتنا إلى العالم أجمع ويشهد للحق وللسلام ويؤكد أن الله خلقنا وأرادنا أن نكون أبناء السلام والفرح وشكراً.