كلمة البطريرك يوحنا العاشر في حفل خريجي البلمند،…
2021-11-28
كلمة البطريرك يوحنا العاشر في حفل خريجي البلمند، دبي فندق Theater Dubai، ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢١
سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش،
سيادة الأسقف غريغوريوس خوري،
الآباء الأفاضل،
أسرة وخريجي جامعة البلمند،
أيها الإخوة والأخوات،
من القلب سلامٌ للإمارات التي أتشرف بزيارتها للمرة الثالثة. ومن بلمند الكنيسة الأنطاكية طيب سلامٍ إلى الخليج العربي وإلى كل محبي البلمند وإلى خريجيه سفرائه أينما حلوا وإليكم جميعاً إخوتي وأحبتي الحاضرين.
أطل عليكم حاملاً عبير كنيسة أنطاكية وأحمل إليكم عبق أريجها التاريخي تسامحاً وانفتاحاً وأصالةً ولقيا وجسور تواصلٍ وحوار. وعندما أتكلم عن كل هذه القيم أجد نفسي متكلماً عن المداميك التي قام عليها هذا البلد الإمارات. الشكر أولاً لله القدير الذي جمعنا مصفاً واحداً يَنشد مرضاته على اختلاف الدين. والشكر أيضاً لأصحاب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب الرئيس، رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي. وأما ذكرى الأب المؤسس الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، فيحفظها التاريخ وتذكرها القلوب عرفاناً وتقديراً.
وأنتم، أيها الأخ العزيز، الشيخ نهيان صاحب الأيادي البيضاء، والذي يحتضن اسم البلمند في الإمارات منذ الانطلاقة الأولى، أنتم جسر محبةٍ بين البلمند والإمارات. أنتم من عملتم لتنال جامعتنا الاعتراف الرسمي بشهاداتها في دولة الإمارات العربية المتحدة. وبهذا تكونون جسرَ تلاقٍ ولقيا، لذلك قلدناكم أول البارحة باسم جامعة البلمند الدكتوراه الفخرية التي تستحقونها بجدارة.
مسلمين ومسيحيين بنينا سويةً حضارة هذا الشرق ومسلمين ومسيحيين نبقى دوماً على عهد أخوةٍ كتبناها ونكتبها بحبر تآلفنا ومحبتنا مرضاةً للعلي القدوس الذي شاء وارتضى أن يستعلن مجدُه بتناغي عباده من كل الأطياف.
ومن مبدأ اللقيا والحوار يحلو لي أن أطل عليكم في عصرٍ كثرت فيه وسائل التواصل وقل ذاك الأخير. يحلو لي أن أطل عليكم في بلدٍ اختار أن يكون عنواناً للقيا الآخر واختار أيضاً أن يرتشف من جميع الحضارات ليقدم للعالم فرادة الإمارات. ومن ذات اللقيا التي تختصر رسالة ودور كنيسة أنطاكية، يحلو لي أن أطل عليكم في حفل خريجي البلمند. والبلمند للقيا عنوان.
من جامعة البلمند التي انطلقت سنة 1988 حين كانت طبول الحرب تقرع، أرادت أنطاكية الأرثوذكسية أن تغرس رايات السلام والعمران. من البلمند الذي يستمد من بحره أريحيةً وانفتاحاً ومن جاره الأرز صلابةً وعراقة ومن بياض جبال لبنان بياض قلب. من البلمند الشاهد على العيش الواحد في لبنان يحلو لي أن أطل على خريجيه الذين يمثلون في نسيجهم ذات العيش الواحد.
ومن دبي أطل معكم إخوتي أعضاء العائلة البلمندية على العالم من قلب الإمارات التي كانت وستبقى موئل اللقيا بأبهى صورها، لقيا الشرق والغرب ولقيا البحر والبر ولقيا العراقة والحداثة ولقيا الماضي بالحاضر البهي والمستقبل الواعد.
"محبة الحكمة" أو الفلسفة هي دعامة وأساس كل العلوم. و"رأس الحكمة" مخافة الله هذا ما جاء في الكتاب المقدس. وفي قلب كل منا محبة الله الذي نخشاه إجلالاً وانبهاراً أمام عظمته. وما أحوج حضارة إنسان اليوم أن تتّضع ولو قليلاً أمام إبداع الخالق وأن تتخذ من حضوره دعامةً لها ومن مخافته أساساً. عند ذاك تتمسحن بروحه وتكون حضارة خير ويُمن.
بارككم الله جميعاً. عشتم. عاشت الإمارات. وعاشت جامعة البلمند.