"الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي" -٢-
"الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي" -٢-
العطيّة سماويّة وإلهيّة.
"هُوَذَا لِلرَّبِّ إِلهِكَ السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضُ وَكُلُّ مَا فِيهَا" (سفر تثنية الاشتراع ١٤:١٠).
لنرفع قلوبنا إلى فوق ونسبّح الآتي من السماوات.
الله هو العليّ، وابن الله يُدعى ابنَ العليّ، كما قال الملاك لمريم في البشارة: "هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى" (لوقا ٣٢:١).
عيد الميلاد هو عيد ظهور الله في الجسد:
"وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ." (اتيم١٦:٣).
إنّه التدبير الإلهيّ الذي كشف لنا خلاص الله وأعطى السلام الأبدي للبشر ليتمجّدوا معه في ملكوته. وهذا ما عبّر عنه أشعياء النبيّ:
"فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا... لاَ يَسُوؤُونَ وَلاَ يُفْسِدُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ. وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ، إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا" (أشعياء ١١: ٦-١٠).
إعلان مجد الرب في حياتنا مرتبط أيضًا بمسلكيّتنا وتوبتنا، وهذا يتطلّب جهادًا.
فإنّ دعوة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس موجّهة لكلّ واحد منا أن «مَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ» (١كورنثوس ٢٠:٦).
فلا نكتفي بهذا العيد بالكلام فقط بل نصنع ما قاله الرّبّ لنا:
«فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى ١٦:٥).
إنّ السلام الحقيقي لا يأتي إلاّ من فوق وهو سلام لا كما يعطيه العالم:
"سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لا تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ" (يو٢٧:١٤).
هذا ما قاله الرّبّ يسوع المسيح لنا، ولا يعرف معناه إلّا من تذّوقه وعاشه في العمق.
مشهد الملائكة في هذا العيد يرافق الملك الآتي. فهم لا يسبحون الله وحسب، بل حضورهم يندرج في سياق المشاهد السماويّة التي تتحقّق على الأرض معلنةً بداية العهد الجديد:
- ملاكٌ تكلّم مع زكريا الشيخ زوج أليصابات ووالد القدّيس يوحنّا المعمدان.
- ملاكٌ بشَّرَ مريم العذراء، وآخرٌ يُطَمئِن يوسف البار خطيب مريم، ونجمٌ يقود المجوس.
السماء كلّها على الأرض