كتاب ميلاد يسوع المسيح
كتاب ميلاد يسوع المسيح
لماذا يسمّي متّى إنجيلَه "كتاب ميلاد يسوع المسيح..." (مت١:١) مع أنه كان يريد أن يخبرنا عن التدبير الخلاصيّ الذي صنعه الرّبّ يسوع المسيح على الأرض؟
الكلمة اليونانيّة الأصليّة التي تُرجمت "ميلاد" هي γενέσεως "ينيسيوس" وتعني أيضًا "نَسَب" (أو نَسل) و"تكوين".
والمقصود هو أنّ الخلاص الذي جاء المسيح ليصنعه على الأرض هو تحقيق الوعد الذي أعلنه الله لنا منذ البداية (التكوين) واستمرّ من خلال أجداد المسيح ابراهيم وداود.
وتضعنا آية متّى الإنجيليّ هذه أمام ما أتى في سفر التكوين: "هذَا كِتَابُ مَوَالِيدِ آدَمَ، يَوْمَ خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ. عَلَى شَبَهِ اللهِ عَمِلَهُ." (تكوين ١:٥)؛ ولكن هذه المرّة هناك تكوين جديد للإنسان الذي سقط قديمًا فتجسّد الله ليخلّصه. لذا استعمل كلمة ميلاد وليس خلق، أي كان يسوع موجودًا قبل أن يولد من العذراء مريم.
من هنا أتى بولس الرسول شارحًا كلمة نسل التي وردت في كلام الله إلى الحيّة أبان السقوط: "وأضع عداوة بين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك" (تكوين 3: 15).
يقول بولس إنّ النسل الموعود به لتحقيق الخلاص من خلال إبراهيم واسحق ويعقوب ثم داود هو المسيح. "وَأَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ. لاَ يَقُولُ: «وَفِي الأَنْسَالِ» كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ: «وَفِي نَسْلِكَ» الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ." (غلاطية ١٦:٣). وهذا ما تؤكّده مريم العذراء بقولها: "عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمته كما قال لآبائنا ابراهيم ونسلِه إلى الأبد" (لوقا1: 55).
صحيح أن ميلاد يسوع أمرٌ يفوق التعجُّب أي أن يصير الله إنساناً، لكن الأعجب أنّنا إذا عشنا هذا التجسّد الإلهيّ نصبح آلهة بالنعمة.