التجسّد الإلهيّ
٢- الافتقاد الإلهي:
ما معنى أن يكون الله نفسه هو الذي تجسّد؟ وهل هذا ممكن؟
أولًا، ليس ما يعجز عنه الله، وتاليًا ليس تجسّد الله مستحيلاً. فالموضوع مرتبط بنا، بإدراكنا لهذا الأمر الإلهيّ.
الله أحبّنا حتى الموت، فأتى إلينا، ونحن نقولها في حياتنا اليومية: الذي يحب الآخر يأتي إليه.
فإنّ ما عجز آدم عن تحقيقه بارتفاعه، يحققه الله بنزوله. فترنّم الكنيسة في جناز المسيح، في التقاريظ: «انحدرت إلى الأرض لكي تخلّص آدم، ولما لم تجده فيها أيها السيّد انحدرت إلى الجحيم".
وإنّ ما عجز آدم عن تحقيقه باستعلائه، يحقّقه الله بتنازله. فترنّم الكنيسة قائلةً: «لقد نزلت إلى الأرض لتخلّص آدم، ولما لم تجده نزلت تبحث عنه في الجحيم».
هذا هو الإفتقاد الإلهيّ، تجسّد الله وفدانا بدمه فهناك إذًا علاقة واضحة وجليّة بين عيد التجسّد والأعياد الأخرى، لا سيّما عيد الأعياد أي القيامة المجيدة. فإنّ الذي تجسّد هو إيّاه الذي صُلب وقام.
بالتجسّد، فُتحت السماء على مصراعيها، وانشقّ حجاب الهيكل، وتحقّقت النبوءات، وأصبحنا نحن شركاء الطبيعة الإلهيّة (٢بط٤:١).
فإذا كان حدث البشارة هو التجسّد الإلهيّ الذي فيه اتّحدت الطبيعة الإلهيّة بالطبيعة الإنسانيّة، فالميلاد هو ظهور هذا الإله بالجسّد. من هنا، إنّ لحن الترنيمة «اليوم يولَد من البتول» (الساعة التاسعة، برامون العيد) هو نفسه «لحن اليوم علّق على الصليب»، لأن حمَل بيت لحم، أي الطفل يسوع هو الحمل الفصحي بامتياز. رأس الخلاص يتحقّق بتجسّد المسيح فتكون الأعياد السيّديّة كلّها مترابطة، محققًة التدبير الإلهيّ لخلاص جنس البشر.
فالرب يسوع المسيح هو «عِمَّانُوئِيلَ»: الله معنا. هذا هو أعظم خبر وأجمل بشارة، ومن هنا تأتي كلمة "إنجيل"، التي تعني الخبر السار أي البشارة.