كلمة صاحب الغبطة خريسوستمس الثاني، رئيس أساقفة…

كلمة صاحب الغبطة خريسوستمس الثاني، رئيس أساقفة قبرص

 

صاحب الغبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق السيّد يوحنّا


لقد أقبلنا اليوم "بأقدام متهلّلة" إلى هذا الموضع المقدّس لكي نعيّد بفرحٍ لارتقاء غبطتكم المحبوبة المرتبةَ الكنسيّة العالية، التي هي بطريركيّة انطاكية وسائر المشرق القديمة، ولكي نصلّي سويّة من أجل النجاح في مهمّاتكم السامية ومسؤوليّاتكم الهائلة.


تبتهج اليوم كنيسة قبرص المستقلّة وتفرح، لأنّه في خضمّ مرحلة الحرب الدائرة في وطنكم والوضع المأساوي الرهيب الذي يمرّ فيه المسيحيّون الأرثوذكسيّون فيه، خلعت "أمّ الكنيسة القبرصيّة" سواد الحداد ودخلت تحت قيادتكم الملهمة وإرشادكم الحكيم والخبير.


أيّها الأخ المحبوب بالربّ، أهنّئكم بحرارة من أعماق قلبي، بالنيابة عن مجمعنا المقدّس والإكليروس الكريم وشعب كنيسة قبرص المسيحيّ، على هذه الكرامة الكنسيّة السامية. وفي الوقت عينه نطلب إلى الربّ من أجل أن يقوّيكم في كلّ شيء، وأن ينيركم ويشدّدكم "حيثما ذهبت" (سفر يشوع 1:9) وأن يبارك أعمالكم حتى تأتي مثمرة ومسرّة أمامه.


تأخذنا هذه المناسبة ذهنيّا إلى أنطاكية، المركز التاريخي لبطريركيّتكم، حيث جرت الأحداث الدينيّة المعروفة التي وحدّت أخويًّا بين كنيستينا. هذه العلاقات التي بُنيت وتمتّنت بروح محبّة المصلوب والتي تستمرّ إلى اليوم.


نشعر أيضًا وكأنّنا نسمع قول الروح القدس "أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهم إليه... أمّا هؤلاء، فبعد أن أرسلهم الروح من أنطاكية مضوا إلى قبرص، ولمّا وصلوا إلى سلاميس أعلنوا كلمة الله في مجامع اليهود". (أعمال الرسل 13: 2-5).
منذ ذلك الحين، يا صاحب الغبطة، استمرّت العلاقات بين كنيستينا أخويّة. ونحن مصمّمون أن نتابع هذه العلاقات لخير كنيستينا التي تجنّدنا كلانا لخدمتهما.


يا صاحب الغبطة، أنتم تتولّون قيادة الكنيسة الأنطاكيّة في ظروف مأساويّة سبَّبَتها الحرب الأهليّة التي، و"لأحكامٍ يعلمها الربّ"،  دُبّرت في الخارج، وبالغشّ والاحتيال وُضعت على سكّة الأحداث في سوريا، فحوّلت هذه الحربُ البلدَ المسالمَ والمرتاح إلى أرض وجع وألم يفوق كلّ تصوّر.


أنتم مدعوّون في خضمّ هذه الحالة المأساويّة في بلدكم أن تجاهدوا بإيمانٍ وشجاعة، متكّلين على محبّة الله ومحبّة إخوتكم رؤساء الكهنة والإكليروس وشعبكم الحسن العبادة، لكي تعيدوا السلام المنشود إلى قلوب شعبكم وإلى وطنكم الذي تعصف به الأنواء.


إنّ وجودنا هنا نحن ممثلي الكنائس الأرثوذكسيّة المحليّة، يشهد للمحبّة بين الأرثوذكسيّين ولوحدتهم، ولعزمنا جميعًا على أن نقف إلى جانب غبطتكم المحبوبة جدًّا وإلى جانب الكنيسة الأنطاكيّة الشقيقة التي تعصف بها الأنواء.


لذا، يا أخي المحبوب بالربّ، تقوّ وتشجّع، وتقدّم بجرأة إلى الجهاد الموضوع أمامك. ناضل واسلك في السلامة وترأس كهنوتيًّا إلى سنين عديدة. ولتكن رئاسة كهنوتك مباركة من الله.


نعمة ربّنا يسوع المسيح ومحبّة الله الآب وشركة الروح القدس لتكن معك في جميع أيّام حياتك.

 

+ رئيس أساقفة قبرص
  خريسوستمس الثاني