صاحب الغبطة يتفقّد مقر الأمطوش الأنطاكي في موسكو…
غبطة البطريرك يوحنا يتفقّد مقر الأمطوش الأنطاكي في موسكو، ويطلق صرخة أمام سفراء الدول "أعطونا السلام ودعونا نعيش، فشعبنا يتوق إلى السلام"
٣٠ كانون الثاني ٢٠١٩
ليا عادل معماري، موسكو
الأوّل مِن شهر شباط مِن كل عام ليس يومًا عاديًّا بالنسبة لكنيسة روسيا الأرثوذكسية، إنّه اليوم الذي تنصّب فيه قداسة البطريرك كيريل على الكرسي البطريركي خلفًا للبطريرك ألكسي الثاني.
نعم، إنّه قداسة البطريرك كيريل الذي انتخبه المجمع الكنسي لكنيسة روسيا بحيث يتّسم بالانفتاح، ويسعى إلى إبعاد الكنيسة عن المجريات والأحداث السياسية، ويحافظ على وحدة العالم الأرثوذكسي.
كما ان قداسته قبل انتخابه بطريركًا كان يشغل مهام القائم بأعمال البطريرك بالوكالة ورئيسًا لدائرة العلاقات الخارجية في بطريركية موسكو وسائر روسيا.
وفي إطار زيارته لروسيا للمشاركة في احتفالات الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل، خصّ غبطة البطريرك يوحنا العاشر مقر الأمطوش الأنطاكي في موسكو بزيارة تفقّدية خاصة لما يحمل هذا الأمطوش من إرث أنطاكي عريق من جهة، والدور الفاعل الذي قام به المتروبوليت نيفن صيقلي المعتمد البطريركي لكنيسة أنطاكية في روسيا، وسهره على بناء وتنمية الأمطوش الأنطاكي، وانفتاحه على الجميع طيلة سنين طوال في موسكو ما أسهم في تقوية العلاقات بين الكنيستين الأنطاكية والروسية من جهة ثانية.
وعلى وقع قرع أجراس كنيسة الملاك جبرائيل وإنشاد التراتيل، استقبل المتروبوليت نيفن صيقلي غبطة البطريرك يوحنا والوفد الكنسي والعلماني المرافق لغبطته.
دخل غبطته إلى الكنيسة ورفع الصلاة على نيّة الكنيستين الأنطاكية والروسية وسط حفاوة ومحبة كبيرتين.
بعد ذلك، حط السلك الدبلوماسي في روسيا رحاله في مقر الامطوش الأنطاكي بحيث حضر أكثر من ثلاثين سفيرًا، وذلك بدعوة من المتروبوليت نيفن صيقلي يمثّلون دولًا عربية وشرق أوسطية وغربية، مرحّبين بغبطته على أرض روسيا، ومنّوهين بمواقفه الكنسية والوطنية بالإضافة إلى مشاركة شخصيات وفعاليات كنسية بارزة في روسيا.
كاميرا المركز الأنطاكي الأرثوذكسي للإعلام واكبت هذا اليوم الدبلوماسي بامتياز، وأجرت باقة من اللقاءات مع كوكبة من السفراء وخرجت بحصيلة من الحوارات.
بداية، أوضح سفير لبنان في روسيا شوقي بو نصار أن وجه لبنان يتجلّى من خلال صورة أنطاكية، أنطاكية التي أرادت ان تشارك كنيسة روسيا في الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل، وسبق لها أن شاركت في اجتماعات مجمع موسكو العام ما يدل على أواصر العلاقات التي تربط بين الكنيستين.
أمّا السفير السوري في روسيا رياض حداد، فأشاد بدور دولة وكنيسة روسيا تجاه ما قامتا به في سورية، وبالأخص الدعم الذي قدّمته كنيسة روسيا ومساندتها لكنيسة أنطاكية من جهة ثانية.
مقابل ذلك، أثنى سفير مملكة البحرين د. أحمد الساعاتي على الدور الذي يؤدّيه غبطة البطريرك يوحنا العاشر تجاه كنيسته وانفتاحه على الكنائس الأخرى.
وعبّر عن فرحه لوجود غبطته في روسيا للمشاركة في احتفالات الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل، وأكّد أن مملكة البحرين تحترم وترحّب بغبطة البطريرك يوحنا على أرض المملكة.
مِن جهته، رأى سفير مصر في روسيا إيهاب نصر أن روسيا تزدان بصورة حقيقية مِن الأخوة تتعانق خلالها الكنائس مع بعضها البعض، بحيث تجسّد هذه الصورة لوحة فسيفسائية تزداد جمالية مع معانقة الكنيستين الأنطاكية والروسية.
وبدوره، بعث سفير الأردن في روسيا أمجد عديلي رسالة تهنئة لقداسة البطريرك كيريل بمناسبة الذكرى العاشرة لتنصيبه بطريركًا منوّهًا بالعلاقات التي تربط كنيسة أنطاكية بكنيسة روسيا.
وبعد اللقاء الأبوي الذي جرى بين البطريرك يوحنا والسفراء، أولم المتروبوليت نيفن على شرف غبطته بمشاركة أكثر من ثلاثين سفيرًا.
وكانت كلمة للمتروبوليت نيفن صيقلي شكر فيها غبطته لزيارته ومحبته الكبيرة التي تحتضن الكل تحت سقف الكنيسة.
أمّا غبطته فرد بكلمة جوابية شاكرًا وقائلًا: "ما أجمل أن يجتمع الأخوة في هذا المكان المقدّس" الأمطوش الأنطاكي" الذي تميّز بفتح أبوابه وقلبه وذراعيه لكل الناس دون تمييز.
وتابع، عندما نتكلّم عن أنطاكية، نتكلّم عن الشرق الأوسط بسائر بلدانه، كما أنّنا نتكلّم دائمًا عن المحبّة والسلام لأن شعبنا هو شعب يحب السلام ويتوق إليه. واسمحوا لي أن أوجّه عبركم صرخة إلى المجتمع الدولي أقول فيها: "أعطونا السلام ومِن حقنا أن نعيش، ونريد أن نبقى في ديارنا حيث شاء الرب أن نولد ونعيش ونموت.
وأشار غبطته إلى أن الكثيرين يسألوننا عن بقائنا في أرضنا وديارنا في هذه الظروف الصعبة. فنؤكّد لهم مِن موسكو أننا باقون ومتمسكون بديارنا، ولن تقوى الرياح العاتية على اقتلاعنا من أرض آبائنا وأجدادنا، فسنبقى وسنحافظ على طيب العلاقات التي تسود بيننا وأخوتنا المسلمين وسنتابع معًا مسيرة التاريخ المشترك."
وفي الختام، ناشد جميع الدول بالعمل على إيجاد حل سلمي لكل الصراعات الدائرة في المنطقة، وصلّى مِن أجل لبنان كي ينعم بحكومة تؤمّن العيش الكريم لشعبها، وصلّى مِن أجل فلسطين والقدس، العراق وسوريا وسائر البلدان العربية.
وتمنّى للسفراء أن يكللوا عهدهم بإنجازات ملؤها الثمار، تمد جسر التواصل وتوطّد أواصر التعاون بين سائر الأطياف والديانات".
وتجدر الإشارة، إلى أن الاحتفالات التي تشهدها كنيسة روسيا بمناسبة الذكرى العاشرة لتنصيب قداسة البطريرك كيريل تسجّل مشاركة لعدد مِن البطاركة الأرثوذكس ورؤساء الكنائس الأرثوذكسية، ما يؤكّد أن الأرثوذكسية ستبقى شامخة تجسّدها اليد الواحدة والعائلة الواحدة".