كلمة صاحب الغبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة…
كلمة صاحب الغبطة البطريرك الكاردينال
مار بشارة بطرس الراعي
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة
أخي صاحب الغبطة يوحنا العاشر
في هذا اليوم العظيم، الذي فيه دعَتْك العناية لتجلسَ على كُرسيّ أنطاكية وسائر المشرق لكنيسة الروم الأُرثوذكس، يُسعدني، وأنا شقيقٌ لكَ كبطريركٍ على كنيسة أنطاكية المارونية، أن أحمل لغبطتكَ دُعاء ومحبَّةَ سينودس كنيستنا المقدَّس، يرافقني مطراننا في دمشق هنا، ومطراننا في اللاذقية، ومطرانان من الدائرة البطريركية، وتغيّب لأسبابٍ قاهرة مطرانُنا في حلب، فباسمهم وباسم كُلِّ الموارنة في سوريا، وكُلِّ الموارنة في لبنان والشرقِ الأوسط وعالمِ الإنتشار إكليروساً وشعباً، نقولُ لكَ صاحبَ الغبطة اليوم، كُلَّ المحبة وكُلَّ المودّة لشخصِكَ، وللكنيسةِ التي أنت اليومَ دُعيتَ لتكونَ رأسَها وراعيها.
تأتي في زمنٍ صعب في سوريا العزيزةِ المتألِّمة الجريحة. ونحنُ عشنا في لبنان هذا الجُرحَ البليغَ من حُروبٍ عبثيّة. جئنا اليومَ لنؤكِّد ونشدِّد أواصرَ الوحدة والمحبَّة والمودَّة والشركة فيما بيننا. وجئنا أيضاً لنقولَ معكَ كُلَّ تضامُنِنا لشعبِنا هنا المَجروحِ المُتألّم لكي نُعلنَ معاً، مع كُلّ كنائسنا في هذه المنطقة من العالم وفي سوريا، وجذورُنا عميقةٌ فيها جذورُنا لِكُلِّنا، جئنا لنقول: نحنُ نحملُ معاً إنجيل السلام، إنجيلَ المسامحة، إنجيلَ كرامةِ الإنسان وقيمتِه. فكُلُّ إنسان، بل كُلُّ دمٍ بريءٍ يسقطُ على هذه الأرض الطيبة هو دمعةٌ من عيون المسيح. هذا الإلهُ الذي صارَ إنساناً لكي يُعيد لكُلِّ إنسانٍ مهما كان دينُه وثقافتُه ورأيُه ولونُه، ليقولَ أنَّ للإنسان كرامةً. فهو، كُلُّ إنسانٍ، مخلوقٌ على صورةِ الله، مُفتدىً بدمٍ ثمين دمِ المسيحِ على الصليب، ومدعوٌّ ليكونَ شريكَ الله في بناء طريقِ البشر. هذا هو الظرفُ الذي فيه تُنتخبُ صاحبَ الغبطة من الرُّوح القدُس والمجمعِ المقدَّس راعياً للإنجيلِ ونحنُ معك. هذه هي الغايةُ التي من أجلها اليومَ نحنُ هُنا، كُلُّنا لنقولَ لك مبروك ونقول لك: يا يوحنا، تحملُ اسم القديسِ الحبيبِ على قلبِ يسوع، والذي بشخصِه تسلَّمتْ مريمُ، ومِنْ عُمقِ آلامِ الصليبِ أُمومتَها للبشرية جمعاء، فَكُنْ أيُّها الراعي الصالحُ، وأنتَ كذلك، أباً وراعياً ليس فقط لكنيستِكَ بل لكُلِّ كنيسةٍ ولِكُلِّ إنسان. هذه رسالتُنا نُعلنها اليومَ من هنا، من كنيسةِ الصليب مع الكنيسةِ المريميّة حيث كُرسيّكُم لنؤكِّدَ أننا، أّيُّها الإخوةُ والأخوات، كُلُّنا إخوةٌ وأخوات، وكُلُّنا مدعوون لكي نُعلنَ كرامَةَ الإنسان، كُلِّ إنسان، ونحافظ على الحياة البشريّة فهي قيمةٌ لا ثمنَ لها. وكُلُّ ما يُقالُ ويُطلبُ من أجْل ما يُسمى إصلاحاتٍ وحقوقَ إنسانٍ وديمُوقراطيات، هذه كُلُّها لا تساوي دمَ إنسانٍ واحدٍ بريءٍ يُراق.
صاحبَ الغبطة والسادة المطارنة، هذا الكلامُ أقولُهُ أيضاً بصفتي ومعي أخي صاحبَ الغبطة غريغوريوس، أقولُ باسم مجلسِ البطاركَةِ والمطارنة الكاثوليك في لبنان، وباسم مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك: مبروك صاحبَ الغبطة، نحنُ معَك في الصلاة، نحنُ معك.
الإنجيلُ الذي قُرئ على رأسِكَ يومَ كنتَ أسقفاً وأنت الراعي الصالحُ، هذا الإنجيلُ نحملُهُ معك في سوريا، في لبنان، في هذا الشرق من أجل أن يَعُمَّ السلامُ والمُصالحةُ والحقيقةُ والمَحبّة.
عِشتُم صاحبَ الغبطة وسنين عديدة يا سيد.