القدّاس الإلهيّ في دير مار الياس شويّا البطريركيّ
١٤ كانون الثاني ٢٠١٨
نقلاً عن الوكالة الوطنية للإعلام - لبنان
ترأس بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي، قداس الاحد في دير مار الياس شويا - البطريركي المتن، عاونه فيه رئيس الدير الأسقف قسطنطين كيال، مطران حمص جاورجيوس ابو زخم، الاسقف المساعد في أبرشية أميركا الشمالية نيقولا اوزون، رئيس دير سيدة البلمند البطريركي الارشمندريت رومانوس الحناة ولفيف من الكهنة والشمامسة.
وحضر القداس نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني، وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، النواب غسان مخيبر، فادي الهبر، أسعد حردان وعاطف مجدلاني، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدولية الوزير السابق الياس بو صعب، الوزيرين السابقين بشارة مرهج ونقولا نحاس، رئيس جامعة البلمند الوزير السابق ايلي سالم، النائب السابق مروان ابو فاضل وفاعليات وحشد من المؤمنين.
وألقى يازجي عظة شرح فيها معاني الميلاد والظهور الالهي وقال: "ما احلى وما اجمل ان يجتمع الاخوة معا، واليوم هو يوم فرح كبير وشكران للرب لاننا اجتمعنا مع بعضنا البعض في هذا الدير المقدس واشتركنا في هذا القداس الالهي وسنشترك بجسد ودم الرب. استطيع ان اقول اليوم السماء تهبط وتحل علينا ونحن نعلو ونرتفع ونلتقي ببعضنا البعض ونجتمع وفي وسطنا الرب يسوع الذي احبنا وأتى من اجل خلاصنا".
أضاف: "نعم وبعد ان سمعنا التراتيل الجميلة من الجوقة التي نقلتنا حقيقة الى السماء ولا ندري أكنا في السماء أم على الارض، هذا سر وهذا السر لا يفهم ولا يعبر عنه بكلام بشري، هذا الامر يحياه المؤمن وكل واحد منا في داخله ويشعر بهذا السر الرهيب العظيم في داخله، لاننا كيف نستطيع اصلا على سبيل المثال ان نفسر ان الرب يسوع، السيد المسيح، الابن الوحيد لله الآب تجسد من امرأة، مريم العذراء واتى الينا من اجل خلاصنا".
وتابع: "هذا اليوم يصادف الاحد الذي يلي الظهور الالهي او الغطاس وهو ايضا يودع فيه عيد الغطاس عيد الظهور الالهي من الناحية الليتورجية الطقسية، ولذلك المقاطع الكتابية من انجيل متى ومن رسالة الرسول بولس الى اهل افسس التي تليت في هذا القداس يجب التوقف عندها وربطها مع بعضها البعض. الحديث في الميلاد وفي تجسد ابن الله وفي الغطاس في معمودية الرب يسوع المسيح في يوم الظهور الالهي، هو بشكل اساسي عن النور الذي أتى الينا من اجل خلاصنا، النور الذي تجسد الرب يسوع المسيح بالروح القدس من العذراء مريم اتى هو الينا وتواضع، لماذا؟ من اجل نفسه؟ لا بل أتى الينا لكي يرفعنا، اتى الينا من اجلنا ومن اجل خلاصنا كي لا نبقى رازحين تحت الخطيئة كي نعود ونعلو ونلبس ذاك الجمال الذي ابدعنا هو عليه، لذلك في يوم الميلاد ويوم الغطاس نرتل "انتم الذين بالمسيح اعتمدتم، المسيح قد لبستم"، هذا لكي نظهر المعنى الحقيقي للتجسد الالهي وللظهور الالهي الذي هو ان الله احبنا، احب الانسان بمقدار لا يعبر عنه بكلام بشري لدرجة انه لم يهمله ولم يتركه ان يموت بخطيئته ولكن حقق وعده بان ارسل الابن الوحيد الرب يسوع متجسدا من العذراء مريم من اجل خلاصنا حتى يجعلنا ابناء النور وابناء الحياة من جديد. لذلك علمنا ان نصلي وان ننادي "ابانا الذي في السموات"، اتى الينا لكي يحررنا من جديد وليجعلنا ابناء من جديد ولنرث معه من جديد ونكون حوله في ملكوته وفي نوره مع معشر كل القديسين".
واردف: "نحن واذ نتكلم عن النور الآتي الينا لكي نستنير يأتي الصوت الذي بدأ يكرز به الرب يسوع "توبوا" وما هو ارتباط التوبة بالنور الذي نتكلم عنه. التوبة يفهمها البعض بما نسميه الندامة، لكن التوبة اعمق بكثير من الندامة، لذلك يجب ان ننظر دوما الى الامام الى النور الحقيقي ولا نخاف وان عثرنا نقوم، نتوب ونسير من جديد وبقوة الرب نصل الى حيث نريد، نصل الى الحق والحياة الابدية".
وقال: "لذلك يتكلم الآباء القديسون عن التوبة وهي هذا التجدد والتغيير والتبدل في الكيان الانساني في ذهنه وعقله وقلبه ومشاعره فيتبدل من ذاك الانسان العتيق الذي تسيطر عليه ضعافاته وثقافاته واهواؤه ويتحول الى الانسان الجديد على شاكلة آدم الجديد على شاكلة المسيح، يلبس المسيح ويتزين بالفضيلة والاخلاق والجمال والوداعة وبكل ما هو صالح ولذلك يتحدث الآباء القديسون عما يسمونه المراحل الثلاثة في الحياة الروحية وهي:التطهير، الاستنارة والقداسة او التأله، وكل انسان في حياته الداخلية وايمانه بربه وفي سعيه يمكنه ان يتطهر ويتنقى في هذه المراحل الثلاثة".
واردف:"هذه هي التوبة، فهي تندرج في هذه المسيرة التي يسعى فيها الانسان الذي تقبل "السيد الآتي الينا من السماء" فيريد ان يبادله حبا بحب وهذا الحب هو ان يتبدل ويتغير ويحقق هدف تجسده وهو ان يصبح مسيحا صغيرا، جديدا على شاكلة السيد المسيح فيتغير ويترك انسانه الباطل القديم العتيق لكي يلبس الانسان الجديد "المسيح قد لبستم" وليكون انسانا كاملا وينتقل من العبودية في داخله الى الحرية والتحرر وآنذاك يكون على شاكلة السيد المسيح ويفسح له ان يحقق معنى تجسده وظهوره الالهي في حياته الشخصية".
اضاف: "ونحن نتكلم عن الظهور الالهي وعن معمودية السيد المسيح في نهر الاردن وعن ميلاده في بيت لحم تشخص انظارنا جميعا الى القدس، الى بيت لحم، لا يمكن ان ننسى القدس وبيت لحم ولا يمكن ان ننسى فلسطين ولا كل هذه البلاد والاراضي المقدسة في لبنان وسوريا والاردن حيث تمشى الرب يسوع وتجسد وكل القديسين ومن هنا اصلا انطلقت المسيحية. القدس هي قبلتنا، قبلة الجميع، هي مدينة السلام ونحن نأسف ونرفض القرارات الاخيرة التي صدرت بحق هذه المدينة، مدينة السلام هذه المدينة المقدسة".
ودعا اليازجي الى "الصلاة من اجل السلام" المجد لله في العلى وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة"، هذا هو الصوت الذي صدح من السماء من الملائكة يوم ميلاد السيد المسيح. هذه هي دعوتنا ورسالتنا ومسيحيتنا ومحبتنا ان نعطي المجد والتسبيح والشكران للسيد المسيح وفينا المسرة والفرح والطمأنينة، ونحن نشهد العالم اليوم الذي يضطرب ويغلي من البلبلة والحروب والمشاكل والخوف والارهاب والقتل والخطف والتدمير وهذا لم يكن من قبل".
وختم اليازجي طالبا من الله ان "يعطينا السلام والطمأنينة والامان والاستقرار في لبنان وسوريا وفلسطين والقدس وفي كل منطقة الشرق الاوسط وفي كل بلادنا وديارنا، فالارثوذكس هم اول من حملوا قضايا بلادهم وهمومها وتكلموا عنها ونادوا بها ولذلك نحن فخورون بكم جدا لاننا عندما نتكلم عن الكنيسة الارثوذكسية يعني انتم هذا الشعب الطيب وآباؤنا واجدادنا الذين سفكوا دماءهم من اجل المحافظة على ايمانهم المسيحي من ناحية وعلى ارثهم ووطنهم من ناحية اخرى. فترابنا مجبول بدماء آبائنا واجدادنا ودفعنا ثمنه دما وعلينا ان نحافظ عليه وعلى هذا الارث العظيم الذي وضعه الرب بين ايدينا، وهذه الكنيسة الانطاكية التي اسسها الرسولان بطرس وبولس والتي قدم فيها القديس اغناطيوس الانطاكي مأكلا للاسود وكل الآباء القديسين والرجال الكبار العظام الذين اتوا، فهذه الكنيسة العظيمة هي عبر التاريخ دوما شاهدة للحق وشهيدة في الوقت عينه. صلاتي للرب ان يغدق عليكم جميعا وعلى عائلاتكم وعلى ابنائنا في بلاد الانتشار وفي العالم كله بمراحمه وعطاياه الالهية والسماوية ونحن فخورون ان ابناء هذه الطائفة الكريمة حيثما كانوا هم مخلصون واوفياء ويشهدون للحق ويحافظون على وديعة الايمان وعلى هذا الارث العظيم وينقلونه الى ابنائهم من جيل الى جيل ويبقى اسم الله هو الممجد والمبارك الى الابد".
نقلاً عن الوكالة الوطنية للإعلام - لبنان
#يوحناـالعاشر