تُرفَعُ الصّلواتُ في هذا الدَّيرِ كُلَّ يَومٍ…
عظة صاحب الغبطة في دير مار الياس الريح
الأخ الحبيب سيادةَ المطران باسيليوس متروبوليت عكّار راعي هذه الأبرشيّة المحفوظةِ بنعمة الرّبّ، حفظَكُم الله وقوّاكُم لِلخدمةِ التي تَرغَبُونَ فيها في هذه المنطقة، وإلى أعوام عديدة أيّها السيّدُ القدّيس. ما أجملَ هذه الأهازيجَ التي صَدَرَتْ عند ذِكرِ هذه الكلمات، والتي تُعَبِّرُ عَنِ المشاعرِ الطيّبةِ تجاهَكُم يا صاحبَ السّيادة، أطال الله عمرَكُم وأدامَكُم.
أيضاً سيّدنا أثناسيوس والأخويّة الرّهبانيّة الموجودة في هذا الدّير الشريف، أصحابَ السّيادة، الآباء الأجلّاء،
أصحابَ السّماحةِ والفضيلةِ المُشارِكِينَ مَعَنا في هذا الحفلِ البَهِيِّ والطَّيّب، أدامَكُمُ الله. أيّها الشعبُ الطيّب..
يَطِيبُ لِيَ الدُّعاءُ أن تَشمُلَنا جميعًا رَحَماتُ اللهِ وَبَرَكاتُه. دُعاؤُنا لِكُلِّ فَردٍ، لِكُلِّ مُواطِنٍ مِن أبناءِ هذا البَلَدِ الحبيبِ سورية.. سورية شامخةٌ بأبنائِها، وهي مَهدُ الحضارةِ والعِلم.
نجتمعُ اليومَ في ديرِ مار الياس الذي نحترمُه. هذا النبيُّ مُكَرَّمٌ عند المسلمين وعندَ المسيحيّينَ على حَدٍّ سَواء. رجلُ الله الذي نُجِلُّهُ ونَحتَرِمُه. أمّا هذا الدّير، فهو عبارةٌ عن مَحَجَّةٍ يَؤُمُّها الجميعُ دون استثناءٍ في هذه البلادِ الطيّبة. وَاسمُ دَيرِ مار الياس الرّيح /الغربي معروفٌ في كُلِّ الأقطار.
في مناسبة هذا اللقاء الجميل، تأتي إلى ذاكرتي الحادثةُ المعروفة التي حصلت عام 1937، حين سُلِخَ لِواءُ الإسكندرون عن سورية. هذه الحادثةُ يؤرِّخُها زكي الأرسوزي ويقول إنّه آنذاكَ أرسلوا لجنةً دوليّةً لِتُحَقِّقَ في الأمر. أُغلِقَتْ آنذاكَ المساجدُ في وجهِ المسلمين حتّى لا يَدخُلُوا ويُعَبِّرُوا عن رأيِهم. قام أبناؤنا المسيحيّون الأرثوذكسُ في المنطقة بِفَتحِ كنائسِهم، وأتى المسلمونَ معَ شُيُوخِهم ورفَعوا صلاتَهم يومَ الجمعةِ مِن قَلبِ الكنيسة. وكان ذلك اليومُ عرساً وطنيّاً بامتياز، يعبِّرُ عن أصالةِ الشَّعبِ السُّوري.
أريدُ أن أُحَيِّيَ كافة أبناء هذه المنطقة، الصّفصافة وباب الدّير والحامية وعين الزبدة وعين الزّرقا والشاطئ والحميديّة وكُلّ القُرى الواقعة حولَ الدّير، وكلّ أبناء هذا البلد الطيّب. ونرسل لهم محبّتَنا وتحيّاتِنا. الرّبُّ يَحميكُم ويحفظكم بالصحّة والعافية.
في النهاية ، أرجو منكَ يا سيّدنا أثناسيوس أن تَقبَلَ مِنّي هديَّةً لهذا الدّير الشّريف، هذا الطّقم من الأدواتِ الكنسيّة معَ صليب بَرَكة، راجياً أن تَذكُرُوني في صَلَواتِكُم كلما أَقَمتُم هذه الخِدَمَ الإلهيّةَ في هذا الدير. كما تعرفون يا أحبّة، تُرفَعُ الصّلواتُ في هذا الدَّيرِ كُلَّ يَومٍ صَباحاً ومساءً وظُهراً، مِن أجلِ العالَمِ كُلِّه، ومِن أجلِ السّلامِ في العالَمِ كُلِّه.
وَرَدَ في ما رتَّلَتْهُ الجوقةُ قبلَ قليل: نسبِّحُكَ، نُبارِكُك، نَسجُدُ لَكَ، نُمَجِّدُك ، نَشكُرُكَ... ونحن نُخاطِبُ ربَّنا، ربَّ العالَمين وسيّدَ الجميع، وكُلُّنا نقول هذا القول مُسلمِينَ ومسيحيّين.
هذا إيمانُنا بالإلهِ الواحدِ الذي يجمعُنا ويجعلنا عائلةً واحدة . باركَ الله فِيكُم مَعَ محبَتي بشكلٍ خاصٍّ للرُّهبانِ الآباءِ في هذا الدير. ونَذكُرُ أبانا مكاريوس، الذي كانَ في الفترةِ الأخيرة رئيساً للدّير، كما نَذكُرُ أبانا جورج موسى الذي أيضاً ساعد أبانا مكاريوس، ثُمّ تَحمَّلَ مسؤوليّةَ الدّيرِ ونصلّي لِكُلِّ الأَخَوِيّةِ الرّهبانيّةِ الموجودةِ في هذا الدير.
قَوّاكُمُ الله وجعَلَكُم شَمعةً تُضِيءُ إلى كلِّ خَيرٍ ومحبّةٍ وَسلام . آمين