احذروا هذا السُّمَّ المَخْفِيّ
أيّها الأهل: احذروا هذا السُّمَّ المَخْفِيّ.
١- الوضع العالمي:
أخطر سلاح اليوم هو الإعلام وما ينتج عنه من انتاج سينمائي وتلفزيوني وإنترنت وألعاب الكترونيّة وموسيقى تخديريّة ولوحات إعلان على الطرقات واللائحة تطول، وعلى هذا السلاح يتربع عدو الإنسان.
حتى أن هذا الفساد دخل الكثير من المناهج التربويّة المدرسيّة والجامعيّة تحت شعار العلم والحريّة.
في عام ١٩٨٣م، كانت خمسون شركة تسيّطر على٩٠ ٪ من وسائل الإعلام الأمريكيّة.
اليوم، يتم التحكّم بالإعلام بنسبة٩٠٪ من قبل خمس شركات فقط. (الشركة الأولى هي Comcast بأرباح تتعدّى ال ٨٠ بليون دولار، والثانية Walt Disney بأرباح تفوق ال ٥٢ بليون دولار، أمّا الباقون فتنخفض أرباحهم بفارق كبير بحيث يتمحوّر حول ال ٢٩ بليون دولار وأقل، ليكون الدور الأكبر فعليّا للشركتين الأوّليتين).
لا تخلو هذه الشركات من تيّار يهدف إلى السيطرة على عقول البشر من خلال الأخبار والأفلام والإنترنت والمقالات والصور والراديو وغيرها من الوسائل، وذلك من خلال خطط ممنهجة في الإنتاج والتسويق.
قد يعتقد البعض أنّهم يملكون الخيار بين برنامج وآخر أو محطة وأخرى، والقيام بتقاطع الأخبار للتأكّد من صحتها ودقتها، ولكن هذا قمّة الوهم لأن المصدر واحد، والفحوى هو نفسه حتّى لو اختلف الشكل الخارجي أو تنوّعت الصياغة، يبقى المضمون ذاته.
الخراب الكبير والمدمّر والمتسلّل بلباس الحملان يكمن بقوّة في الشركات المتخصّصة بانتاج أفلام من المفترض أن تكون موجّهة للأولاد الأبرياء والتي تنال ثقة الأهل عالميًّا.
٢- المشاهد المدمّرة:
لكن للآسف الشديد في أفلام هذه الشركات الكثير من المشاهد المضرّة والتي تضرب المقايّيس الإلهيّة المسيحيّة والإنسانيّة والتربويّة والاجتماعيّة والثقافيّة والعاطفيّة وغيرها، وتزرع في مخيّلاتهم نماذج يتّخذها الأولاد لهم مثالًا يريدون أن يتشبّهوا به عن حسن نيّة طبعًا دون إدراك لمخاطر هذه النماذج، ولكن في الواقع هي جدًا مسيئة لهم على المدى الطويل، ولا يجب أن نتفاجأ إذا قلنا إنّها تنتج أفلامًا تُشجّع الإباحيّة والتعرّي وإظهار المفاتن بخاصةٍ عند الفتيات، وتشرّع الشذوذ الجنسيّ تحت شعار الحب والصداقة وعمل الخير.
الأفكار المسمومة تمرّ بشكل غير مباشر، ومنها ما هو فاضح ومنها ما هو subliminal، أي تلحظه العين ويسجّله الدماغ في اللاوعي دون أن نشعر، وتترسّخ في عقول فلذات أكبادنا منذ نشأتهم وتشوّه التفاعلات والأحاسيس التي تكون عندهم قيد النمو، وللأسف أغلب الأهل غافلون عن هذا السم البطيء إن من ناحية إنشغالاتهم في هذه الحياة القاسيّة والظروف المعيشيّة الصعبة، وإن من ناحية عدم وعيهم لهذا الأمر الخبيث.
٣- الحل الوحيد:
الحل الوحيد أمام كلّ هذا الدمار الإنسانيّ غير المباشر هو أن تكون العائلة مسيحيّة بكلّ ما للكلمة من معنى، وأن تعي هذا الخطر الذي يجتاح ويتسلّل إلى عمق نفوس وقلوب ومخيّلات أولادها، وبالتالي يغذّي عندهم الذاكرة البصريّة والسمعيّة في اللاوعيّ subconscient memory بطريقة هم لا يريدونها، ويولّد عندهم حافزًا للدخول في تجارب غير صالحة، ويشكّل لديهم أرضيّة تتقبّل إنحرافات فتضيع عندهم القيم باسم الانفتاح والتمدّن.
أولادنا أمانة من الله بين أيدينا، فكما أن وظيفة العائلة هي تربية أولادها والتواصل معهم والإصغاء إليهم والدخول في عالمهم ومرافقتهم، كذلك أيضًا واجبها أن تحضنهم وتعطيهم الحماية الضروريّة والمناعة منذ ولادتهم. فمثلما تأخذهم عند الطبيب ليعطيهم اللقاحات اللازمة ضد الأوبئة والأمراض، عليها
أيضا أن تقدّم لهم الربّ يسوع المسيح قولًا وفعلًا، إيمانًا وعيشًا، وتزرع فيهم كلمة الإنجيل، لأنه لا يمكن عزلهم عن الأمراض الإعلامية وجراثيمها التي تسود مجتمعنا والتي أصبحت في كلّ بيت وعائلة، إن من خلال الهاتف الجوّال أو الحاسوب أو التلفاز وغيره، إلا عبر التصاقهم بالرب يسوع. وحتمًا سيكون هناك فترات صعبة جدًا عندما يبلغ الأولاد
سن المراهقة.
فإذا كان الزرع جيّدًا والتأسيس صحيحًا يعود الأولاد ولو غابوا، لأن ما شاهدوه في منزلهم وتربّوا عليه من إيمان في صغرهم يبقى راسخًا في عمق نفوسهم..
الحرب في الكون ما زالت هي إيّاها التي كانت على الجلجلة أي الحرب ضد الربّ يسوع المسيح الإله - الإنسان، لكن مََن يبني بيته على صخر أيّ على الربّ يسوع المسيح لا يخشى ضلالات الشيطان، لا بل ينجو منها وينتصر عليه وعليها.