وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ،…

Q2 وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. (متى 23: 9)

أتت هذه الآية في الإصحاح الثالث والعشرين من إنجيل متى في سياق توبيخ الربّ يسوع المسيح للفرّيسيّين على عدم صدق مسلكيتهم.

لنلاحظ:

بولس الرسول دعا نفسه أبًا:
فنراه يكتب إلى أهل كورنثوس: ” ليس لكي أخجلكم أكتب بهذا بل كأولادي الأحبّاء أنذركم. لأنّه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح، لكن ليس آباء كثيرون. لأنّي أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل. فأطلب إليكم أن تكونوا متمثّلين بي “ (1كور 14:4-16)

في هذا النص يربط بولس أبوّته بالإنجيل، ويدعوهم إلى التمثّل به. فكونه أب هو قدوة.

وفي الرسالة نفسها يدعو تيموثاوس ابنه الحبيب والأمين في الربّ لأنّ تيموتاوس يذكّر المؤمنين بطرق بولس في المسيح. (1كو17:4)

وهنا نلاحظ بأن الابن أيضًا يُصبح أبًا عندما يلد الآخرين بالإنجيل.

كذلك نقرأ في الرسالة إلى فليمون أن بولس يدعو انسيمس ابنه لأنّه ولده في قيوده (أي في سجنه ومصاعبه من أجل المسيح) (فل 10:1).

وأيضًا، يخاطب يوحنا الإنجيليّ المؤمنين فيقول: ”يا أولادي، أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا“ (1يو1:2).

وفي رسالته الثالثة يُعبّر عن فرحه العظيم بأولاده عندما يكونون مع المسيح:

”ليس لي فرح أعظم من هذا: أن أسمع عن أولادي أنّهم يسلكون بالحق“ (3يو4:1).

فأولاده هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها.

هذا كلّه ليقول: ليس من أبوّة خارج المسيح، وخطأ الفرّيسيّين أنّهم نسوا أن أبوّتهم هي من الله وليس من ذواتهم، فبدل أن يجعلوا الناس أبناءً للملكوت جعلوهم لذواتهم وأثقلوا عليهم وكانوا عثرةً لهم.
 
فالأب في المسيح لا يطلب شيئًا لذاته، بل للرّب، ولا يلد أبناءً لنفسه بل للربّ.

ويشدّد التسليم الكنسي الشريف في السياق نفسه: الأب هو من يلد أولادًا للمسيح وبالمسيح، ولا أحد يستطيع أن يكون أبًا إن لم يكن ابنًا.

فبصلوات آبائنا القدّيسين، أيّها الربّ يسوع المسيح ارحمنا وخلّصنا.