بيان صادر عن المجمع الأنطاكي المقدس
انعقد المجمع الأنطاكي المقدس برئاسة غبطة البطريرك يوحنا العاشر (يازجي) في دورته الاستثنائية السابعة من الخامس والعشرين وحتى السابع والعشرين من أيار ٢٠١٦ في البلمند وذلك بحضور كل من أصحاب السيادة:
جاورجيوس (أبرشيّة جبيل والبترون وتوابعهما)، يوحنا (أبرشيّة اللاذقية وتوابعها)، الياس (أبرشيّة بيروت وتوابعها)، إيليا (أبرشية حماه وتوابعها)، الياس (أبرشيّة صيدا وصور وتوابعهما)، أنطونيوس (أبرشية المكسيك، فنزويلا، أميركا الوسطى وجزر الكاريبي)، سرجيوس (أبرشية سانتياغو وتشيلي)، دمسكينوس (أبرشية ساو باولو وسائر البرازيل)، سابا (أبرشيّة حوران وجبل العرب)، جورج (أبرشيّة حمص وتوابعها)، سلوان (أبرشيّة بوينس آيرس وسائر الأرجنتين)، باسيليوس (أبرشية عكّار وتوابعها)، أفرام (أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما)، إغناطيوس (أبرشية فرنسا وأوروبا الغربية والجنوبية)، اسحق (أبرشية ألمانيا وأوروبا الوسطى)، جوزيف (أبرشية نيويورك وسائر أميركا الشمالية)، غطاس (أبرشية بغداد والكويت وتوابعهما)، وسلوان (أبرشية الجزر البريطانية وإيرلندا)، أنطونيوس (أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما).
وحضر الأساقفة موسى الخوري، نقولا بعلبكي، أثناسيوس فهد، ديمتري شربك، إيليا طعمة، قسطنطين كيال، أفرام معلولي، نيكولاس أوزون وغريغوريوس خوري عبدالله وكاتب المجمع الإيكونوموس جورج ديماس.
وشارك الآباء الأرشمندريت يعقوب خليل، المتقدم في الكهنة بورفيريوس جرجي، الأب بسام ناصيف وكل من السادة، طارق متري، حسان ريشة، جورج نحاس، ريمون رزق وكارول سابا.
واعتذر عن الحضور صاحب السيادة بولس (أبرشية أستراليا ونيوزيلاندا). وقد حضر المطران بولس (أبرشيّة حلب والاسكندرون وتوابعهما)، المغيّب بفعل الأسر، في صلوات آباء المجمع وأدعيتهم.
بعد الصلاة واستلهام الروح القدس، تدارس آباء المجمع الواقع المجتمعي والرعائي المُستجد في معظم الأبرشيات الأنطاكية الناتج عن الأوضاع التي يعاني منها المؤمنون بفعل استمرار أعمال العنف والنزوح والهجرة والتهجير وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي ينوء تحت وطأتها أبناؤهم. وقرروا تكثيف العمل الرعائي لتشديد المؤمنين في محنتهم وتثبيتهم في أرضهم حيثما أمكن. وشددوا على ضرورة تفعيل العمل الانمائي والإغاثي الذي تقوم به البطريركية والمطرانيات ليطال أكبر عدد ممكن من المحتاجين وذلك من أجل بلسمة الجراح وسد الحاجات الكبيرة التي تعاني منها شريحة كبيرة من أبنائهم. وهم يطلقون النداء في هذا المجال لكي تتضافر جهود جميع المؤمنين لخدمة ومساعدة كل من هو بحاجة الى مساعدة في هذه الأيام الصعبة.
تدارس الآباء كل جوانب ووثائق المجمع الأرثوذكسي الكبير المزمع انعقاده في ١٧ حزيران القادم في جزيرة كريت والذي ينعقد في ظل تحولات كبرى تطال في نتائجها كل الكنائس الأرثوذكسية ومجتمعاتها ومؤمنيها. وشددوا على أهمية المشاركة الأنطاكية الفعالة في هذا المجمع الذي بدأ الإعداد له منذ ستينات القرن الماضي. رحبوا بجميع الجهود التي تبذل من أجل أن يعبّر هذا المجمع عن الشهادة الأرثوذكسية الواحدة في عالم اليوم. وأقروا بشأن هذه الوثائق تعديلاتٍ عليها، واتفقوا على صياغة واضحة للموقف الأنطاكي المشترك بشأن المواضيع المدرجة على جدول الأعمال والمعضلات التي يجب أن يطرحها هذا المجمع الأرثوذكسي الكبير المقدس على ضمير عالم اليوم. وقرروا ترك جلسات المجمع الأنطاكي مفتوحة من أجل بلورة الموقف الأنطاكي النهائي بشأن المجمع الكبير المقدس وذلك على ضوء ما قد تحمله الأيام القادمة من مستجدات بشأن المبادرة الأنطاكية السلامية والإيجابية التي حمّلها غبطةُ البطريرك لوفدِ البطريركية المسكونية الذي زاره في مطلع شهر نيسان المنصرم بشأن إيجاد حل نهائي وكنسي للخلاف مع بطريركية أورشليم. كذلك شكل المجمع المقدس لجنة إكليريكية وعلمانية لمتابعة المستجدات المتعلقة بالمجمع الأرثوذكسي الكبير مهمتها استباق ورصد ودراسة جميع المواقف الداخلية والخارجية للكنائس الأرثوذكسية من أجل رفع التوصيات بشأنها الى المجمع الأنطاكي المقدس لاتخاذ ما يلزم من قرارات بشأنها قبل انعقاد المجمع ومن أجله. وفيما يخص أوراق عمل المجمع الأرثوذكسي الكبير المقدس، قرر الآباء، قبول التعديلات المقترحة التي لحظَتها اللجنة الاستشارية المكلفة من غبطته وتكليفها إيجاد صياغة واضحة تأخذ بالحسبان مداولات آباء المجمع الأنطاكي في هذا الخصوص. كما قرروا أيضاً تشكيل لجنة إعلامية أنطاكية لمواكبة عمل المجمع الأرثوذكسي الكبير المقدس وإظهار وشرح الموقف الأنطاكي من كل قضاياه المطروحة وتشكيل لجنة تدوينٍ أنطاكية تسهم في صياغة وبلورة "الرسالة المجمعية" التي ستصدر عن المجمع الأرثوذكسي الكبير.
يرفع الآباء الصوت عالياً، من أجل العمل الجاد لإحلال السلام في سوريا، وحل الأزمة الانسانية الهائلة التي يعيشها الشعب السوري نتيجة الإرهاب والتفجيرات الآثمة التي تستهدف كل مكوناته. ويطالبون المجتمع الدولي بأن يكثف جهوده ويتعاون ليساهم في إيجاد مبادرات مشتركة ومنسقة تقود الى وقف الحرب ووضع حد للعنف والإرهاب الذي يدمر الحجر ويقتل البشر ويشرد الملايين ويترك عددا لا يحصى من الضحايا ومن ثم الانتقال إلى المرحلة السياسية السلمية وإعادة الإعمار.
توقف الآباء بألم أمام الأزمة الإنسانية الجسيمة الناتجة عن النزوح والتهجير من دول ومجتمعات الشرق الأوسط. واستعرضوا الجهود التي تبذلها أبرشيات الانتشار مشكورةً من أجل إحصاء ورعاية الذين اضطرتهم الظروف القاسية الى مغادرة بيوتهم وعائلاتهم وتكبد مشقات الغربة ومعاناتها. ثمنوا المبادرات التي تقوم بها الأبرشيات والرعايا للتخفيف من معاناة المهاجرين وطالبي اللجوء وناشدوا المؤمنين التضامن وبذل ما في وسعهم لتلبية احتياجات هؤلاء الإخوة واحتضانهم في محنتهم. كرر الآباء تأكيدهم على أن حل هذه الأزمة الإنسانية إنما يكون بالعمل الجدي من أجل وقف الحروب في الشرق الأوسط وفي سوريا بالتحديد وإحلال العدل والسلام والنمو الاقتصادي في ربوع هذا البلد.
يلفت الآباء مجدداً الرأي العام الدولي الى قضية المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي اللذين قد مضى على اختطافهما ما يزيد عن الثلاث سنوات في ظل صمت دولي وإقليمي مطبق، صار وقعه أقسى من جريمة الخاطفين وأشد إيلاماً على كنائسهم ومحبيهم. يناشد الآباء المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية بأن تبذل اقصى الجهود من أجل كشف مصيرهما والعمل على تحريرهما وتحرير جميع المخطوفين.
يرحب الآباء بالعملية الديمقراطية التي رافقت الانتخابات البلدية والاختيارية التي يعيشها لبنان والتي تقود إلى تجديد المجالس الاختيارية والبلدية. يدعو الآباء من انتُخبوا إلى إتمام خدمتهم بمسؤولية وتجرّد لخدمة جميع المواطنين والعمل بكل جدية من أجل إنماء المناطق والمحافظة على البيئة والاهتمام بمشاكل الناس وبخاصة الفقراء منهم. يثمن الآباء الجهود التي بذلتها الأجهزة الرسمية في إدارة العملية الانتخابية ويدعونها لأن تكثف جهودها من أجل تأمين سلامة المواطنين ومكافحة الفساد ولاسيما جرائم السرقة والمخدرات وتلك التي تتعلق بالإتجار بالبشر.
يكرر الآباء دعوتهم المسؤولين اللبنانيين الى ضرورة تحصين لبنان في وجه الأزمات التي تعصف به وتجنيبه تداعيات الاستمرار في الفراغ المؤسساتي. ويدعونهم الى تحمل مسؤولياتهم والاحتكام الى موجبات الدستور والتوافق، اليوم قبل الغد، على انتخاب رئيس للجمهورية يكون على مستوى آمال اللبنانيين في صون الدولة، دولة المواطنة، وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه والتنبه خاصةً إلى مخاطر التوطين.
يحمل الآباء في صلواتهم أبناءهم في العراق ويسألون رب السلام أن يوطن روح سلامه في هذا البلد وأن يخمد فيه كل اضطراب وعنف تدفع فاتورتَه الباهظة أرواحُ المدنيين.
واضطلع الآباء على أحوال بلاد الانتشار وبشكل خاص الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في فنزويلا والبرازيل والأرجنتين، وهم يرجُون لحكوماتها وشعبها الانتقالَ إلى الاستقرار المنشود بما يخفف من الصعوبات الحياتية ويفتح المجال لاستعادة الدور الريادي لهذه الدول عبر مساهمة أبنائنا في كل ذلك.
ينوه آباء المجمع بالجهود التي يبذلها شعب اليونان وكنيسة اليونان في رعاية القادمين اليه هربًا من ويلات الحروب، وذلك بالرغم من الأزمة والصعوبات الاقتصادية والمالية التي يعاني منها الشعب اليوناني. كما يرحب آباء المجمع بالإعلان المشترك للبابا فرنسيس والبطريرك المسكوني برثلماوس ورئيس أساقفة اليونان إيرونيموس بشأن اللاجئين والمهاجرين وطالبي حق اللجوء ويدعون معهم المجتمع الدولي وقادة العالم «لاستعمال جميع الوسائل، لضمان بقاء الأفراد والجماعات، بما فيهم المسيحيين، في أوطانهم والتمتع بالحق الأساسي بالعيش بسلام وأمان». كذلك ثمّن آباء المجمع في السياق نفسه المواقف التي تضمنها إعلان هافانا المشترك بين البابا فرنسيس والبطريرك كيريل، بطريرك موسكو وكل روسيا ولاسيما في ما يخص السلام في الشرق الأوسط والوجود المسيحي الشاهد فيه.
يرفع الآباء صلواتهم من أجل أن يسبغ الرب الإله روح سلامه على العالم أجمع وأن يبارك أبناءهم ويحفظهم في الوطن وبلاد الانتشار ويمد البشرية بأسرها بوافر رحمته الإلهية.