لعازر والقبور الثلاثة
ليس من العاديّات أن يُدفَنَ إنسانٌ مرّتَين وأن يقوم من الموت بعد أربعة أيّام!
إنّه لعازر صديق الربّ يسوع من بيت عنيا، أخو مريم ومرتا. يرد خبره في يوحنا 11.
١- في العازاريّة، القدس أي بيت عنيا سابقًا:
يقع قبر لعازر على بعد ميلَين من أورشليم، على المنحدر الجنوبي الشرقي من جبل الزيتون، في بلدة العازاريّة من الضفّة الغربيّة.
في التراث أنّ العازاريّة هي نفسها "بيت عنيا" المذكورة في الإنجيل.
ينزل الزائر في درج يؤدّي إلى غرفة مربّعة للصلاة، ثمّ ينزل في درج آخر ليصل إلى قبر لعازر.
إنّ الكنائس الّتي بنيَت مرارًا فوق هذا المكان منذ أوّل المسيحيّة تدلّ على تكريمه.
يذكره المؤرّخ أوسابيوس القيصريّ منذ أوائل القرن الرابع، كما يذكره "الحاجّ من بوردو" وهو رحّالة فرنسيّ من الحقبة عينها.
ويرد ذكر أيضًا لدى إيرونيموس سنة ٣٩٠م، ولدى الرحّالة إيجيريا، وهي سيّدة إسبانيّة حجَّت إلى الأراضي المقدّسة في ٣٨١-٣٨٤م ، واحتفظت بيوميّات رحلاتها إلى هذا المكان.
لقد شهِدَ هذا المكان عجيبة إقامة الرّب يسوع المسيح للعازر.(إنجيل يوحنا ١١)
٢- في قبرص:
يشير التراث الكنسيّ إلى أنّ القدّيس لعازر اضطُرَّ إلى الهروب من اليهود الّذي تآمروا ليقتلوه، فاستقرّ في جزيرة قبرص، حيث أقامه الرسولان بولس وبرنابا أسقفًا على مدينة "كيتيون"، وهي لارناكا الحاليّة. ويقال انه عاش أكثر من ثلاثين عاما بعد أن أقامه الربّ. ودفن هناك للمرة الثانية والأخيرة.
فقد مكان قبر لعازر خلال الفترة من عام ٦٤٩م، وفي سنة٨٩٠م اكتُشفَ قبر في لارنكا يحمل النقش “لعازر الصديق من المسيح“ ، وفيه رفات القدّيس. فلمّا علم الأمبراطور البيزنطيّ لاون السادس المدعوّ "الحكيم"، أمرَ بنقل رفات القدّيس لعازر إلى القسطنطينية.
تمّ ذلك على يد أريثاس أسقف قيصريّة، الّذي يصف في عظتَين من عظاته نقل الرفات المقدّس وإيداعه كنيسة الحكمة المقدّسة.
في المقابل، أرسل الأمبراطور لاون مالاً وبنّائين لتشييد كنيسة ضخمة على اسم القدّيس لعازر فوق الضريح في لارناكا. ويبدو أنّ الأهالي احتفظوا بجزء من الرفات،
وقد بنى الأمبراطور لاون كنيسة أخرى للقدّيس لعازر في القسطنطينيّة.
ويشهد أحد الزوّار اللاتين من القرن السابع عشر أنّ العجائب المستمرّة الّتي يجترحها القدّيس لعازر هي خير برهان على حضوره في المكان.
لمّا سقطت القسطنطينيّة بيد الفرنجة سنة ١٢٠٤م اثناء الحملة الصليبية الرابعة، نهب هؤلاء رفات القدّيس لعازر، من ضمن ما نهبوه، ونقلوه إلى مارسيليا في فرنسا،
في العام ١٩٧٠م نشب حريق في الكنيسة في لارنكا و تضررت الكثير من المناطق الداخلية، بما في ذلك أضرار واسعة النطاق لقسم من الحاجز الأيقوني مع الرموز المقابلة، وفي خلال أعمال ترميم الكنيسة تم اكتشاف تحت المذبح جزء من رفات القدّيس في نابوت مصنوع من رخام، وكان ذلك في ٢ تشرين الثاني عام ١٩٧٢م.
٣- مارسيليا أو أوتان:
تتضارب المعلومات حول قبر لعازر في فرنسا بين مارسيليا Marseilles ومدينة أوتان Autun.
تعود كاتدرائيّة القدّيس لعازر في مدينة أوتان Autun إلى القرن الثاني عشر وكان يُحفظ بداخلها رفات للقدّيس لعازر في قبر،ٍ على ما كانوا يقولون، وكان يُحسب هذ القبرِ محجةّ يقصدها الحجاج، إلّا أنّه تعرّض للهدم في العام ١٧٦٦م ولكنّه بقي في ذاكرة الكنيسة اللاتينيّة. ويقول بعضهم إن الرفات في أوتان هو لقديّس آخر اسمه لعازر، ولكنّ الكاتدرائيّة هي للعازر صديق المسيح.
بالمقابل أُعتمد قبر كاتدرائيّة مارسيليا كضريح للرفات. كما يرد في بعض المخطوطات أن رفات القدّيس لعازر وصل إلى مارسيليا مع تلاميذ القدّيس بوليكاربوس أسقف إزمير (٩٦ – ١٥٥م).
ملاحظة
اسم لعازر هو أرامي -عبري ومعناه "الله مؤازري".
نعم الله أصبح إنسانًا ودعي يسوع أي الكائن من ذاته الذي يخلّص.
عندما تجسّد الله لم يفقد شيئًا من ألوهيّته. بالعكس تمامًا، دعانا إلى الألوهة وقدّس الطبيعة البشريّة وهو يؤازرنا بمحبّته اللامتناهية.
فالمجد لك يا رّب المجد لك.