القدّيس الشهيد لونجينوس قائد المئة ورفقته
القدّيس الشهيد لونجينوس قائد المئة ورفقته:
يذكر إنجيل متى في الإصحاح 27، أنّه بعد أن أسلم يسوع الروح وانشق حجاب الهيكل إلى اثنين والأرض تزلزلت والصخور تشقّقت والقبور تفتّحت وقام كثير من أجساد القدّيسين الراقدين، خاف قائد المئة والذين معه، عند الصليب، خوفًا شديدًا وقالوا: «حقًا كان هذا ابن الله»(متى54:27)
قصّته بعد الصلب:
أمّا تفاصيل ما حصل بعد صلب السيّد، فالتراث يفيد بأن لونجينوس واثنين من رفاقه، جرى تكليفهم أيضًا بحراسة القبر، فشهدوا الأحداث التي سبقت قيامة السيّد وتلتها.
ولما أراد اليهود رشوتهم ليقولوا أن تلاميذ يسوع أتوا ليلاً وسرقوا جثته، رفضوا ذلك، وقاموا فتركوا الجنديّة وانتقلوا سرًّا إلى بلاد الكبادوك، مسقط رأس لونجينوس، بعدما اقتبلوا المعموديّة على أيدي الرسل.
خاف اليهود أن يعمد لونجينوس إلى نشر أخبار عن يسوع تسيء إليهم، فحرّضوا بيلاطس عليه، فكتب إلى طيباريوس قيصر، فأمر بالبحث عنه هو ورفيقيه وإعدامهم بتهمة الفرار من الجنديّة.
انطلقت كوكبة من الجند إلى بلاد الكبادوك لتنفّذ أمر القيصر دون أن تكون لها أيّة دراية لا بمكان لونجينوس ولا بمواصفاته.
وعرض أن توقّف الجند في بقعةٍ للراحة كان لونجينوس مقيمًا فيها، فاستضافهم. وأثناء الحديث كشف عمّال القيصر أنّهم في صدد البحث عن قائد المئة الفار ذاك ورفيقيه. فأيقن لونجينوس أن ساعة استشهاده قد دنت. فزاد في إكرام الجنود، ثم تركهم ينامون وأخذ يعد نفسه للموت. وفي صباح اليوم التالي، ذهب باكرًا وأخبر رفيقيه بما جرى، فاتفق الثلاثة على كشف هويّتهم للجنود واقتبال الاستشهاد. وهكذا كان.
استشهاده:
وقف لونجينوس أمام طالبي نفسه وقال لهم أنّه هو إيّاه من تبحثون عنه. لم يصدّق الجنود آذانهم أوّل الأمر. ثم تحوّل شكهم إلى دهشة فشعور بالأسى. لكن لونجينوس ورفيقيه أصرّوا على تنفيذ إرادة القيصر. وبعد أخذ ورد، قام الجنود فقطعوا هامات الثلاثة وأرسلوا برأس لونجينوس إلى بيلاطس، بناء لطلب هذا الأخير، بعدما أصرّ اليهود على أن تعطى لهم علامة تؤكّد موته.
فلما استلم اليهود الهامة وتأكّدوا أنّه هو إيّاه لونجينوس، ألقوها في حفرةٍ كانت تلقى فيها قمامة المدينة.
ظهوره لمرأة:
ويشاء التدبير الإلهيّ، حسبما يقول التراث، أن تحجّ امرأة غنية من بلاد الكبادوك إلى الأرض المقدّسة برفقة وحيدها للتبرّك والتماس الشفاء من عمى أصابها. وما أن بلغت المدينة حتى مات ابنها وتركها وحيدة حزينة لا حول لها ولا قوّة إلا بالله.
في تلك الليلة بالذات ظهر القدّيس لونجينوس للمرأة في الحلم فعزّى قلبها ووعدها بأن تشفى من عماها، وأن ترى ابنها مكلّلاً بالمجد في السماء، إن هي ذهبت إلى حفرة القمامة خارج المدينة وأخرجت هامته من هناك.
وبالفعل أفاقت المرأة من نومها، ونادت من دلّها على الحفرة. ما أن وصلت طلبت أن تبقى بمفردها، وأخذت تتلمس المكان بيديها، والقدّيس لونجينوس يقودها، إلى أن وقعت على الجمجمة فانفتحت عيناها للحال، وشاهدت، بأم العين، وحيدها إلى جانب القدّيس لونجينوس في السماء، فتعزّت تعزيّة كبيرة.
كما يقال أنّها عادت إلى بلادها ومعها هامة القدّيس وجثمان ابنها حيث بنت كنيسة ووضعتهما فيها.