البطريرك يوحنا العاشر من قبرص: نصلّي من أجل…

2015-05-10


تابع بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر زيارته الكنسيّة والرسميّة إلى قبرص فزار مساء السبت مطرانيّة تماسو حيث جرى له استقبال كبير في كنيسة القدّيس نيقولاوس. وفي صلاة الشكر رحّب مطران تماسو أليشع بغبّطته والوفد المرافق مؤكّدًا على دور كنيسة أنطاكية في الشهادة للمسيح ماضيًا وحاضرًا. 

وبعد تماسو كانت لغبطته زيارة إلى دير ماخيرا، حيث أُستقبل غبطته من قبل رئيس الدير الأسقف ابيفانيوس والآباء الرهبان. الزيارة كانت مناسبة أكّد البطريرك من خلالها على عمق العلاقة التي تربطه بالدير طالبًا من آباء الدير الصلاة من أجل كنيسة أنطاكية. 

 

203

 

وصباح الأحد ترأّس البطريرك مع رئيس الأساقفة خريسوستوموس الثاني قداسًا إلهيًا مهيبًا في كنيسة الآجيا صوفيا في العاصمة نيقوسيا. وقد شارك في القدّاس من المطرانان غطاس هزيم (بغداد والكويت)، وأفرام معلولي الوكيل البطريركي ومطارنة من كنيسة قبرص ولفيف الآباء الكهنة والشمامسة والشعب. 


بعد نهاية القدّاس رحّب رئيس الأساقفة بغبطته مشيدًا بالعلاقة التاريخيّة التي تربط الكنيستين الأنطاكيّة والقبرصيّة ومنوّهًا بالدور الأنطاكي في الشهادة للمسيح والمسيحية في هذه الأيام العصيبة. وختم مصلّيًا من أجل السلام في الشرق الأوسط في سوريا خصوصًا.

وفي نهاية كلمته قلّد البطريرك وسام القدّيس برنابا من الدرجة الأولى.

من جهّته، ألقى البطريرك يوحنا كلمةً جاء فيها:

"أنا آت إليكم بتقليد كنسي يختصر وحدة الإيمان رغم تعدد الثقافات. هي زيارة سلاميّة تشد عرى الأخوة وتؤكّد أن الشهادة ليسوع المسيح تتوسّل كلّ حضارات العالم وتتوسد كلّ المجتمعات لتكون شهادة واحدة تصهر قلوب محبّيه في أنطاكية وقبرص وفي كلّ أصقاع الدنيا في بوتقة الكأس الواحدة، التي تختصر وحدة الأسرار، إكسيرِ الحياة الأبديّة للجميع.

أحمل إليكم محبّة كنيستنا المصلوبة والقائمة. 
أحمل إليكم محبّة دمشق وشموخ جبل لبنان. 


آتيكم متّشحًا بغيرة أبناء الاسكندرون وبقوّة إيمان أنطاكية الانتشار. 
آتيكم بخلجات قلوب أبناء كنيسة أنطاكية التي تئن تحت مسامير صليب هذا المشرق والتي ومن رحم عذابها ستكتب قدر رسوخها في هذا المشرق وستلوي بمسامير صليب ربّها كلّ مسامير الدنيا".

وأضاف:

264 "لا يخفى على أحد منّا تاريخ قبرص وتاريخ الكنيسة التي سلّمت دفتها إلى حكمتكم. إن هذا البلد الجميل صورة لا تمحى عن إرادة البقاء المسيحيّة في هذا المشرق وهو في الوقت عينه يختصر في أرثوذكسيّتنا محبّة الوطن والالتصاق به هويًة وكينونًة. نحن نتعلّم منكم ومن شعبكم الطيب أن إرادة الشعوب تعلو ولا يعلى عليها. ونتعلم أيضًا أن الانتماء الديني البنّاء هو اللبنة الأولى في بناء المجتمعات. في قبرص نتيقّن ونتلمس أن الأوطان لا تحد بالإثنيات، وأن الإثنيات هي نسيج متماسك في جسد وطنٍ واحد. وفي هذه الأرض نتعلّم كيف أن الأرثوذكسيّة حافظ لهويّة وطن ولتاريخ أرض، مهما رُسمت حدود ومهما تعالت جدران. 

نتمّنى توحيد قبرص التي يخضع قسمها الشمالي للدوّلة التركيّة منذ اثنين وأربعين عامًا، ونصلّي من أجل إيجاد حل سلمي لهذه القضيّة".

وفيما يتعلّق بالمجمع الأرثوذكسي الكبير قال غبطته:
" نحن نرى أن هذا المجمع ينبغي أن يكون جوابًا على قضايا اليوم، وألا يكون تعوّيمًا لأرشيف الماضي، على أهمّيته. الحريّ به أن يكون كلّمة تسمعها أذن إنسان اليوم فتجد فيها جوابًا مسيحيًا أرثوذكسيَا على كثير من تساؤلات يتزاحم فيها عالم اليوم المتسارع. وكلّ هذا يقتضي ضرورة التحضير المدروس له. نحن نعلّق على هذا المجمع أملاً كبيرًا ونأمل أن يضع من صلب اهتماماته قضيّة الوجود المسيحي في الأرض الأولى. 

إن وجه المسيح بحضور المسيحيّين في الشرق الأوسط هو قضيّة تمس جوهر المسيحيّة. يكفي العالم أساقفًة فخريين!! 

وليكن فخرَنا حضورُ المسيحيّة في المشرق. 
وليكن حضورنا في الأرض الأولى حضورًا قويًّا فعليًّا ومنفتحًا على الجميع في آن. 
إن من أهم واجبات قادة العالم المسيحي هو الحفاظ على اسم المسيح في الشرق الأوسط. وهذا يتم بالدفع الفوري نحو إغلاق كلّ منافذ الصراع فيه، وإحلال روح السلام ولغة الإنسانية مكان لغة المصالح والتجاذب".

وتناول غبطته الوضع العام في سوريا ولبنان والمنطقة وقضيّة المطرانين المخطوفين قائلاً: "الأزمة في سوريا تجتاز عامها الخامس والعالم يتفرّج. ونحن هنا لنُسمع صوت معاناة شعبنا. 

كفانا قتلاً وادعاءاتٍ. 
كفانا إرهابًا وقتلاً وإجرامًا أعمى واستيرادًا لإيديولوجيات متطرّفة تمتهن الدين وتحاكم الناس لمجرّد كونهم مسيحيّين أو على هذا المذهب أو ذاك، وكلّ ذلك تحت مسمى الحرية والديمقراطية. نحن لم نعرف هذه الروح في سوريا. كفانا خطفًا وتهجيرًا وتقطيعًا لأوصال بلادٍ، لا تدّعي الكمال، ولكنّها عُرفت بإسلام متسامحٍ وبعيشٍ واحد بين كلّ أطيافها. 

مطرانا حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي يختصران بقضيّتهما مأساة كلّ المخطوفين ويختصران مأساة الشعب السوري بأسره ومأساة شعبنا الأنطاكيّ، وهما القابعان في الخطف منذ أكثر من عامين وسط تعتيم دولي مريب. كنائس ومساجد ومرافق ومدن وأوابد تُدمّر وسط تواطؤ الخارج أو تفرّجه، وكلّ هذا يجري تحت مسميّات واهية، سئمناها وسئمنا فواتيرها الغالية. 

من هنا نطلق صرختنا مجددًا من أجل السلام في سوريا والاستقرار في لبنان الذي يرزح تحت الفراغ الدستوري في سدّة الرئاسة. 
كما نرفع الصوت من أجل العراق المستنزف من الإرهاب، ومن أجل اليمن الذي يدفع كما غيره ضريبة قساوة هذه الأيام. 

ونصلّي من أجل السلام في المشرق وفي العالم كلّه".

> أنقر عنا لقراءة كلمة صاحب الغبطو بالكامل