الـقـــانـــون الـكـبـيـــر للقـدّيـس أنـدراوس…

 كتب القدّيس أندراوس الكريتي عدد من الميامر إكرامًا لأعياد السيّد الرّب يسوع ووالدة الإله واالقدّيسين.

هذا شكّل ميراثًا ثمينًا في الأدب الآبائي. كذلك تزيينًا لاحتفالات كنيسته وضع، بجدارة منقطعة النظير، عددًا كبيرًا من الأناشيد لا زالت محفوظة في كتبنا الليتورجية إلى اليوم.

- في الأسبوع الأوّل من الصوم الأربعيني المقدّس نقرأ مقاطع من قانون التوّبة للقدّيس أندراوس الأورشليمي اسقف كريت "الدمشقي" وذلك من الإثنين إلى الخميس، ليعاد يُقرأ كاملًا يوم الخميس من الأسبوع الخامس من الصوم المعروف بخميس القانون الكبير، أي قبل أحد القدّيسة مريم المصريّة.1


ملاحظة ليتورجيّة:
وهو أوّل من نظّم الاناشيد الدينيّة بطريقة القانون كما كان االقدّيس رومانس المرنم أوّل من نظمها بطريقة القنـداق.

القانون الكبير:
لهذا القانون وقع مميّز في نفوس المؤمنين كمحرّك إلى التوبة.
في هذا القانون يثير القدّيس اندراوس إلى كل صور العهدين القديم والجديد التي يمكن أن تمثّل نماذج لسبيل الهداية والتوبة.
بالنسبة للمؤمن التائب الذي عاين، في مطلع الصوم الكبير، صورة نفسه في آدم الجالس عند أبوب الفردوس، تحمل هذه الأمثلة، المستمدّة من الكتاب المقدس، على إدراك أنّه إذ يختزل في حياته خطايا العالم كله، لا يسعه التماس الخلاص إلّا بالدموع والنسك والصلاة.
يتألّف القانون من أودية وهي كلمة يونانيّة بمعنى نشيد، في كلّ منها قطع قصيرة يبلغ عددها 52 قطعة.
يغلب في القانون الطابع الغنائيّ لا الطابع القصصيّ الدراميّ كما في القنداق، بمعنى انّ القانون الكبير مثلًا يتكلّم على التوبة والرجوع الى الله والسعي الروحيّ مع إنه يبقى متأثرا بطريقة المرنّم.
تبلّور القانون لاحقًا مع كلّ من القدّيسين يوحنّا الدمشقيّ (675م - 753م)، كوزما أسقف ميوما، وتيودوروس الستوديتي (759م - 826م)، بالإضافة إلى شقيقه في آسيا الصغرى.

ترتيل القانون:

يشرح كتاب التريودي ما يلي:
الأربعاء مساءً نحو الساعة الرابعة من الليل يدق الناقوس، وبعد ان نجتمع في الكنيسة يبتدء الكاهن قائلًا:
تبارك الله كلّ حينٍ ...
وبعد تلاوة مزامير السحر الستّة نرتّل الليلويا وثالوثيّات لحن السبّة (المتفّق بحسب الخدمة) ثم كاثسما المزامير(المتفّقة بحسب الخدمة) وبعد الستيخولجيّا نقول الكاثسماطات للرسل مع الثاوطوكيون التي للحن ذاته ونقرأ سيرة البارّة مريم المصريّة على جزئين، ثم بعد المزمور الخمسين نتبدء حالًا بترتيل القانون بتأن ٍوتخشّع ونصنع على كلّ قطعةٍ ثلاث مطّانيّات ونقول ارحمني يا الله ارحمني.
من القطع: " لقد بدّدت قنية النفس بالبذخ والقبائح، وها أنا مقفر من فضائل حسنة العبادة، لكنّني أهتف متضوّرًا يا أبا الرأفة بادر إليّ متحنّنًا".

الـقـــانـــون الـكـبـيـــر
للقـدّيـس إنـدراوس الكريتي

يُرتل هذا القانون بخشوع مصحوبًا بثلاث سجدات على كلّ قطعة وتقول في مطلع كل قطعة : إرحـمنـي يـا ألله ارحـمنـي


**الأودية الأولى**

باللحن السادس

الأرمس
مُعينًا وساترًا صارَ لي للخلاص. هذا هو إلهي فأمجّدُه، إلهُ أبي فأرفعُهُ، لأنّه قد تمجّد.

طـروبـاريـات
أيّها المسيح، مِن أينَ أبتدئُ أنوحُ على أفعالِ عُمري الشقي وأيَّ ابتداءٍ أضمرُه للمناحةِ الحاضرة؟ لكن بما أنّكَ مُتحنّن، هَبني صفحَ الزّلات.
هلمَّ، أيّتها النفسُ الشّقيةُ معَ بَشَرَتِكِ، اعترفي لبارئ الكل، وابتعدي، إذًا، عن بهيميتك الأولى، وقدِّمي لله معَ التوبةِ دموعًا.
لقد غرتُ من آدمَ أولِ الجبلة، فعرفتُ ذاتي مُتعرِّيًا منَ الله ومنَ الـمُلكِ والنعيمِ الأبديّ بسببِ خطاياي .
ويلي أيّتها النّفسُ الشّقية! لماذا شابهتِ حوّاءَ الأولى؟ لأنّكِ نظرتِ نظَرًا رديئًا، وجُرِّحتِ بكُلومٍ مُرّة، ولمَستِ العود. وذُقتِ الطعامَ غيرَ الواجبِ بجسارة
إنّ الفكرَ الأهوائيَّ الكائنَ في البَشَرَةِ حصلَ لي بَدَلاً من حوّاءَ الحسّيّةِ حوّاءَ عقليّةٍ مُرِيًا إيّايَ الملذّات، وذائقًا الأكلةَ المُرّةَ على الدّوام .
أيّها المخلّص! إنّ آدمَ طُرِحَ بواجبٍ خارجَ عَدْنٍ، لأنّه ما حفِظَ وصيّةً منكَ واحدة، فماذا يحِلُّ بي أنا المتجاوِزَ أقوالَكَ المُحيٍيَةَ دائمًا؟
لقد أكملْتُ قتْلةَ قايينَ الجائرَةَ بعزمي، وصِرتُ قاتلاً بضميرِ نفسي إذ أحيَيتُ الجسد، وتجنّدتُ عليها بأفعالي الخبيثة.
يايسوع! إنّني لم أُشابه هابيل، ولم أُقدِّمْ لكَ قط قرابين مقبولة، ولا أفعالاً إلهيّةً لائقةً بالله، ولا ضحيّةً طاهرة، ولا سيرةً غيرَ مذمومة .
أيّتها النّفسُ الشّقية! إنّنا قدّمْنا لبارىءِ الكلِّ أفعالاً دنسةً وضحيةً ممقوتةً معًا وسيرةً غيرَ صالحةٍ كَمِثلِ قايين. فلذلك قُضيَ علينا أيضا .
أيّها الفاخوري! لقد جبلْتَني منَ الطّينِ حيوانًا ووضعتَ فيَّ بَشَرةً وعِظامًا ونَسَمَةَ حياة. لكن، يا خالقي ومُنقِذي وحاكمي، اقبلْني تائبًا.
أيّها المخلّص! لكَ أعترفُ بخطاياي التي اجترمْتُها وبِكُلومِ نفسي وجسمي التي خزَنَتْها لي باطِناً الأفكارُ القاتلةُ بطريقةٍ لُصوصِيّة .
أيّها المُخلِّص ! وإنْ كنتُ قد خطِئتُ، إلاّ أنّي أعرفُ أنّكَ مُحِبٌّ للبشر، لأنّكَ تضرُبُ بحنوٍّ وتترأف بحرارة. تنظرُني باكيًا فتُبادِرُ إليَّ كأبٍ داعياً إيايَ أنا الشاطر.
أيّها المخلّص! لا تَرْمِني أنا الطريحَ أمامَ أبوابِك، ولو في الشّيخوخة، ولاَتطرَحْني في الجحيمِ مقفَرًا، لكنْ امنحْني قبْلَ النّهايةِ صَفْحَ الزّلاّت بما أنّكَ مُتعطِّفٌ على البشر.
أنا هو الوقِعُ فيما بينَ اللُّصوصِ الّذينَ هُم أفكاري. وقد جُرِّحتُ الآنَ منهم بجُملتي، وامتلأتُ كُلوما. لكنْ أنتَ أيّها المسيحُ المخلِّص أشرِفْ عليَّ وطَبِّبني .
إنَّ الكاهنَ تَقدَّمَ فأبصرَني وجازَ عنّي، واللاويَّ إذْ عاينني في المصاعِب، أعرَضَ عنّي، وأنا عارٍ . لكن يا يسوعُ المُشرقُ منْ مريم، قِفْ بي ، وتَرأّفْ عليّ .
يا حَمَلَ اللهِ الرَّافِعَ خطايا الجميع، إرفَعْ عنّي غُلَّ الخطيئةِ الثّقيل، وامنَحْني دموعَ التّخَشُّع، بما أنَّكَ مُتَعَطِّف.
الوقتُ وقتُ توبة. إليكَ أتقدّمُ يا صانِعي. فارفَعْ عنّي غُلَّ الخطيئةِ الثّقيل، وهَبني دُموعَ التَّخشُّعِ بما أنَّكَ مُتعَطِّف.
أيّها المخلِّص! لاترفُضْني ولا تطرحْني من أمام وجهِك. إرفعْ عنّي غُلَّ الخطيئةِ الثّقيل، وامنحني صَفْحَ الزّلاّتِ بما أنّكّ متعطِّف .
أيّها المخلّص! إغفِرْ لي زلاّتي الّتي صنعْتُها باختياري وغيرِ اختياري، الظّاهرةِ والمكتومة، المعروفةِ وغيرِ المعروفة. واصفحْ عن جميعِها بما أنّكَ الإله .
أيّها المخلِّص! لقد أهمَلتُ أوامرَكَ منذُ شبابي، وأجزتُ عمري كلَّهُ بالآلامِ مُتَوانيًا مُضجَعا، فلهذا أهتِفُ إليكَ أيّها المخلّص، في حينِ الانقضاءِ خلّصْني منعِما .
لقد بدّدتُ قِنيةَ نفسي بالخطيئة. وها أنا مُقفَرٌ منْ فضائلِ حُسنِ العِبادة. لكنّني أهتِفُ مُتَضوِّراً: يا واهبَ الرّحمةِ، بادِرْ إليّ مُتحَنِّنا. يا يسوع ! إليكَ أخُرُّ ساجِدًا. خطِئتُ، فاغفِرْ لي .
يا يسوع! إنّني أَخُرُّ ساجِدًا. خَطِئتُ فاغفر لي! إرفَعْ عنّي غُلَّ الخطيئةِ الثّقيل، واقْبَلْني تائبًا، بما أنَّكَ إلهٌ مُتَعطِّف .
لا تدخُلْ معي في المحاكَمة، مُحضِرًا أعمالي، دائِنًا وَثَبَاتِ أهوائي، طالِبًا عنها الجواب. لكنْ أعرِضْ عن مساوئي برأفتِك، أيّها القادِرُ على كلّ شيء، ونَجِّني .
أيّتها البارّة تَشَفْعي فينا
امنحيني يا مريمُ نِعمةً منيرةً صادِرةً منَ العِنايةِ العُلويّةِ الإلهيّة، لكي أنجوَ منْ ديجور الأهـواءِ وأَمدَحَ بنشاطٍ أخبارَ سيرتِكِ الُمبهِجَة .
أيّتها البارّة تشفَّعي فينا
لقد بادرتِ نحوَ المسيحِ خاضِعَةً لنواميسِهِ الإلهيّة. وغادرتِ كلَّ وَثَباتِ اللذاتِ الشّرِسة، وبكُلِّ الورعِ صَنَعْتِ جميعَ الفضائلِ كَواحدة .
يا قدِّيسَ الله تشَفَّعْ فينا
يا أندراوسُ الشّريفُ، نتضرّعُ إليكَ أنْ تُنقِذَنا بوسائِلِكَ من آلام المهانةِ وتجعلَنا الآن مُساهِمينَ مَلَكوتَ المسيح نحن الذين نمدَحُكَ بِشوقٍ وإيمان.
المجدُ للآبِ والابنِ والرّوحِ القدس
أيّها الثّالوثُ الفائقُ الجوهر، المسجودُ له في وحدانيّة، إرفَعْ عنّي غُلَّ الخطيئة الثقيل، وامنَحْني، بما أنَّكَ مُتحَنِّنٌ، عَبَراتِ خشوع .
الآن وكلَّ أوانٍ وإلي دهرِ الدّاهرين، آمين!
يا والدةَ الإله رجاءَ وشفيعةَ الّذين يمدحونَكِ! إرفعي عنّي غُلَّ الخطيئةِ الثّقيل. وبما أنّكِ سيّدةٌ طاهِرة اقبليني تائبا.

**الأوديـة الثّـانيـة**
الأرمـس
إسمعي، يا سماءُ، فأتكلّمَ وأُسبِّحَ المسيحَ الذي قَدِمَ بالجسَدِ منَ البتول.

طـروبـاريّـات
إسمعي، يا سماءُ، فأتكلّمَ، وأَصْغي أيّتها الأرضُ لِصَوتٍ تائِبٍ إلى الله ومُسبِّحٍ إيّاه.
إصغَ إليّ بناظرِكَ الرّحيم، يا إلهي ومُخلِّصي، واقْبَلْ اعترافي الحارَّ جِدّاً .
لقد خطِئتُ أكثرَ من جميعِ النّاس. وحدي إليكَ خطِئت. لكن تَرَأَّفْ على صُنعتِكَ كإلهٍ، أيّها المخلّص.
أيّها الرّبُّ المتحنِّن، لقد شملتْني مَهاوِلُ الأسواء، لكن امدد يدَكَ إليّ كما مددتَها لبطرس.
أيّها المخَلّصُ الرّؤوف! إنّني أُقرِّبُ لكَ أنا أيضاً دموعَ الزّانية. فاصْفَحْ عنّي بمراحِمِك .
لقد سوَّدتُ جمالَ نفسي بِلَذَّاتِ الأهواء، وصيَّرْتُ جميعَ عقلي تراباً بالكُلِّيَّة .
لقد مزَّقتُ الآنَ حُلَّتي الأولى الّتي نسَجَها ليَ الخالقُ بِدءًا. ومن ثمَّ حصلتُ طريحاً عاريا.
لقد تَسَرْبلتُ طَمْرًا مُمَزَّقًا الّذي نسَجَتْهُ ليَ الحيّةُ بمَشورَتِها. وها أنا خَجِلٌ خازٍ.
إنّني قد نظرتُ إلى جَمالِ الغرسَة، وانخَدعَ قلبي بها. ولذلكَ صِرتُ خازياً عُريانا
لقد جَلَدَني على ظَهري رؤساءُ الأسواءِ كافةً، وأطالوا اثمَهم عليّ .
لقد أَضعتُ بهائي المصنوعَ قديمًا من جمالِ الخُلقةِ الأولى، وها أنا الآنَ مُلقًى مُجرَّدًا خازيا.
إنَّ الخطيئةَ خاطتْ لي وأنا أيضًا الملابسَ الجلديَّةَ لمّا عرَّتْني بِدْءًا، منَ الحلّةِ المنسوجةِ من الله.
لقد توشّحْتُ سِربالَ الخِزيِ كورقِ التّينةِ توبيخًا لأهوائي ذات السّلطةِ الذّاتيّة.
لقد زيَّنتُ ذاتي بثوبٍ مُبقَّعٍ ومُخضَّبٍ بجريِ دمِ الحياةِ الأهوائِيَّةِ والمُحِبَّةِ اللّذَّةَ بقباحة .
أيّها المُخلِّص! إنّني قد وسَّخْتُ ثوبَ جسدي، ودنّسْتُ ما بحسَبِ الصّورةِ والمثال.
لقد سقطتُ تحت وِقرِ الأهواءِ والفسادِ الهيولي. ومِن ثَمَّ يَضغطُ عليَّ العدوّ .
أيّها المُخلِّص ! إنَّني فضَّلتُ العيشةَ الهيوليّةَ الوادَّةَ القِنية، على عَدَمِ القِنية، فحصلتُ الآنَ مَوثوقاً بالفعلِ الثّقيل.
لقد زيَّنتُ صنمَ البَشَرةِ بسِربالِ الأفكار، المُتَنوِّعِ الأشكال، فحصَلتُ مَشجوباً مُدانا .
لقد اعتنَيتُ بجَمالِ الزّينةِ الخارجيّةِ فقط باهتمامٍ، مُهمِلاً الصّورةَ الدّاخليّةَ.
لقد صوّرتُ قباحةَ آلامي بالنّهَضاتِ المحبّةِ اللذّات، فأفسدْتُ عقلي كلَّه.
لقد سَوَّدتُ حُسنَ الصّورةِ القديمةِ بالأهواء. فاطلُبْني، يا مُخلِّص، كالدِّرهمِ وقتًا ما لتجدَني .
أهتِفُ نحوَكَ كالزّانية: قد خَطِئتُ بمفردي. وحدي إليكَ خطئت. فاقبلْ دموعي أنا أيضاً كطيبٍ يا مُخلِّص! إنّني قد زَلِقتُ مِثلَ داود بإباحة، وتَلطَّختُ بحَمْأَةِ الفُجور. فاغسِلْني أنا أيضًا بالعَبَرات، يا مُخلِّص.
أهتِفُ إليكَ كالعشَّار: اغفرْ لي أيّها المُخلِّصُ اغفرْ لي، لأنّه لم يَخطأْ إليكَ أحدٌ من ذُرِّيَّةِ آدمَ كما خطئتُ إليك .
أيّها المخلِّص! إنّني لستُ أمتلِكُ دموعًا ولا توبةً ولا خُشوعا. فامنَحني إيّاها أنت بما أنّكَ الإله.
يا ربُّ يا ربّ ! لا تُغلِقْ بابَكَ في وجهي في ذلكَ الحين، بل افتَحْهُ لي أنا التّائبَ إليك .
أيّها المُحبُّ البشر! يا مَن يَشاءُ الكلَّ أنْ يخلُصوا! أنتَ ادْعُني. وبما أنّكَ صالِحٌ اقبَلْني تائبا .
أيّها المُخلِّص! أنصِتْ إلى تنهُّداتِ نفسي، واقبَلْ قطراتِ مُقلتيّ، وخلِّصني.
أيّتها الفائق قدسها والدة الإله خلّصينا.
أيّتها البتولُ الطّاهرةُ والدةُ الإله الكُلِّيَّةُ المديحِ وحدَكِ ، ابتهلي بحرارةٍ في خلاصِنا

أرمس آخر
أنظروا انظروا: إنّي أنا هو الله، المُمطِرُ المنَّ والمُنبِعُ الماءَ مِنَ الصَّخرةِ قديمًا لشعبي في القفر ، بيميني وحدَها وقوَّتي.

طروباريات
أنظروا انظروا: إنّي أنا هو الله، هكذا يهتِفُ الرّبّ. فاسمعي يا نفسُ، وبايني الخطيئةَ الأولى، وخافيه كقاضٍ، وكديّانٍ وإله .
ويحَكِ أيّتها النّفسُ الكثيرةُ الخطايا! مَن شابهتِ سوى قاينَ القديم ولامخَ ذاك، إذ أمتِّ راجمةً جسمَكِ بالأفعال القبيحة ، وقتلتِ عقلَكِ بالوثَبَات البهيميَّة .
يا نفسُ ! لقد تجاوزتِ جميعَ الّذينَ قَبلَ النّاموسِ. فشيتُ لم تُضارعيه، وأنوشُ لم تَغاري منه، ولا ماثَلتِ أخنوخَ بانتقالِه، ولا نُوح، بل وُجِدتِ مُقفَرَةً من حياة الصّديقين. يا نفسُ! أنتِ وحدَكِ فتحتِ شلالاتِ سُخطِ إلهِك، غرّقتِ كُلَّ بَشَرَتِكِ كأرضٍ، وأفعالَكِ وحياتَكِ ، ولبِثتِ خارِجَ الكنيسةِ المُخلِّصة.
إنَّ لامخَ انتحبَ قائلاً: إنّني قتلتُ رجلاً لجرحي وشابّاً لشدخي. وأنتِ، يا نفسُ، ما تَرعَبينَ، إذْ قد تدنّستِ مُوسِّخةً الجسدَ والعقل.
واحَيرَتاه! كيفَ غرتُ من لامخَ القاتلَ الأوّل، فقتلتُ النّفسَ كرجلٍ والعقلَ كشابّ، وأمتُّ الجسدَ كأخٍ نظيرَ قايين القاتل، بالوَثَباتِ المُحبّةِ للّذةِ جدّاً .
يا نفسُ! لقد تفلسفتِ في أن تبني بُرجًا، وتُشيِّدي حِصنًا بشهَواتِك، إلا أنّ الخالقَ شتّت آراءَكِ، وحطّمَ تحايلاتكِ إلى الحضيض.
لقد جُرِّحتُ وتهشّمتُ، ها نِبالُ العدوّ الّتي قد وَسَمَتْ نفسي وجسمي. ها الجِراحاتُ والقُروحُ والعاهاتُ تُعلِن بِصوتٍ عظيمٍ كلوم أهوائي الاختياريّة.
إنّ الرّبَّ أمطر منْ لدن الرّبِّ وقتًا ما نارًا وأحرقَ إثمَ السّدوميينَ الهائِج، وأنتِ أضرَمْتِ نـارَ جَهنّم الّتي أنتِ عَتيدةٌ أن تَحترقي فيها بمرارة.
إعرفوا وانظروا أنّي أنا هو اللهُ الفاحِصُ القلوبَ والمعَذِّبُ الأفكارَ والمُبَكِّتُ الأفعالَ والمُلهِبُ الخطايا والحاكمُ لليتيمِ والمُتواضِعِ والمِسكين .
أيّتها البارّةُ تَشفَّعي فينا
يا مريم! لمّا كنتِ غارقةً في لُجَّةِ الشُّرور، بَسطّتِ ذِراعَيكِ نحوَ الإله الرّؤوف، لذلكَ مَدَّ نحوكِ يدَ مَعونةٍ بمحبّتهِ للبشرِ كما مدّها لبطرس، مؤثِراً توبتَكِ بالكُلّية.
أيّتها البارّةُ تشَفَّـعي فينا
لقد بادرْتِ بِحِرصٍ وشوقٍ كليّ نحـوَ المسيحِ، حائِدةً عنطريقِ المآثِمِ السّالِفة، وترَبَّيتِ في قِفارٍ غيرِ مَسلوكة، وأكْمَلتِ أوامرَه الإلهيةَ بطهارةٍ ونقاوة.
يا قِدّيسَ الله تشَفَّعْ فينا
يا نفسُ! لِنُشاهِـدْ ونَنظُرْ محبّةَ الإلهِ السّيّدِ للبشر، ونَجثُ لهُ قبلَ الانقضاءِ بدُموعٍ هاتفين : أيّها المخلِّص، بشفاعةِ أندراوسَ ارحمْنا .
المجدُ للآبِ والابنِ والرُّوحِ القدس
أيّها الثّالوثُ الّذي لا بِدءَ له، غيرُ المَخلوق، والوَحدانيّةُ غيرُ المُتجَزِّئَة، اقبَلْني تائِبا. وخَلِّصْني ، إذْ قد خَطِئْت. لأنّي أنا جَبْلَتُك، فلا تُعْرِضْ عنّي، بل ارثِ لي ، وأنقِذْني منْ نارِ الدّينونة .
الآنَ وكُلَّ أوانٍ وإلى دهرِ الدّاهرينَ، آمين!
أيّتها السّيّدةُ الطّاهرةُ والدةُ الإله، يا رجاءَ المبادِرينَ نَحوكِ وميناءَ الحاصِلينَ في تَقاطُرِ الأمواج، إستعطِفي لي ابنَكِ الرّحيمِ الخالق، بطلباتِك.

**الأوديـة الثّـالثـة**
الأرمس
أيّها المسيح! شدّدْ كنيستَكَ على صخرةِ وصاياكَ غيرِ المُتَزعزِعة.

طـروبـاريـات
يا نفسُ، إنَّ الرّبَّ أمطرَ بِدءاً ناراً من لَدُن الرّبّ، وأحرقَ أرضَ السّدومييين .
يا نفسُ! انجيِ إلى الجبلِ مثلَ لوطَ ذاك، وإلى سيغور اسبقي فاخلُصيِ .
يا نفسُ! اهربي من الحريق، من سعيرِ سدوم، وفُرّي من إفسادِ اللهيبِ الإلهي .
أيّها المخلّص! لكَ أعترفُ: خطِئتُ إليكَ بما يفوقُ القياس. لكنْ أغضِ واتركْ لي كمتحنّن .
خطِئتُ إليكَ، أنا بمفردي خطئتُ أكثرَ من الكلّ. فلا تُغفِلْ عنّي، أيّها المسيحُ المخلّص.
أنتَ هو الرّاعي الصّالح، فاطلبْني أنا الخروف، ولا تُعرِضْ عنّي أنا إذا ما ضلَلت.
أنتَ هو يسوعُ الحُلو، أنتَ هو جابلي، وبكَ يا مخلّصي أتبرَّر.
أيّها الإلهُ الثّالوثُ القدّوسُ ارحْمنا
أيّها الثّالوثُ الأحد، خلِّصْنا منَ الضَّلالةِ والتَّجارِبِ والمِحَن.
أيّتها الفائقُ قُدسُها والدةُ الإلهِ خلِّصينا
افرحي أيّتها البطنُ القابِلُ الإله! افرحي يا سُدَّةَ الرَّبّ! افرحي يا أُمَّ حياتِنا!

أرمـس آخـر
أيّها المسيح! ثبِّتْ قلبي المُتزعزع على صخرة وصاياك. لأنكَ أنتَ وحدَكَ قُدوسٌ وربٌّ.

طـروبـاريـات
لقد امتلكتُكَ ينبوعًا للحياة، يا مبيدَ الموت! فأهتفُ نحوَكَ من صميمِ قلبي قبلَ النِّهاية: قد خطِئتُ فاغفِرْ لي وخلِّصْني.
قد خطِئتُ إليكَ يا ربّ، قد خطئتُ، فاغفِرْ لي لأنَّهُ لا يُوجَدُ خاطىءٌ منَ البشرِ إلاّ تجاوزتُه أنا بهفَواتي .
أيّها المخلِّص! إنَّني قد شابهتُ الفاجرينَ الذينَ كانوا في عهدِ نوح، ووَرِثتُ ما قُضِيَ بهِ عليهِم بطوفانِ الغرق.
يا نفسُ! لقد شابهتِ حامَ الضَّارِبَ أباه، ولم تستُري مَخازي قريبِكِ راجِعةً إلى الوراء .
أيّتها النفسُ الشقيّة! بَرَكةَ سامْ لم تَرِثي، والسُّكنى الواسِعَةَ مثلَ يافِثَ لم تملُكي في أرضِ الاغتفار .
يا نفسُ! اخرجيِ مِن أرضِ حرَّانَ الخطيئة، وهلُمِّيِ إلى الأرضِ الّتى يَسيلُ منها بَقاءٌ دائمُ الحياة، الّتى وَرِثَها إبراهيم.
يا نفسُ ! قد سمعتِ أنَّ إبراهيمَ تركَ قديماً أرضَ آبـائِـهِ وصارَ غريباً متنقلا. فشابهي عزمَه .
إنَّ رئيسَ الآباءِ أضافَ الملائكةَ عند البلّوطةِ الّتى بمفري، فوَرِثَ بعدَ الشَّيخوخةِ طريدةَ الميعاد.
أيّتها النفسُ الشقيَّة! قد عَرَفْتِ أنَّ إسحقَ قُرِّبَ للرّبِّ ضحيّةً جديدةً سرِّيّةً بجُملَتِه، فضارعِي عزمَه .
يا نفسُ! قد سمعتِ بطردِ إسمعيلَ بما أنَّهُ كانَ ولدَ الأمَة. فانتبهيِ واحذري أَلاِّ يُصيبَكِ مثلَهُ لفُجورِكِ وفِسقِك.
يا نفسُ! قد شابهتِ هاجرَ المصريّةَ قديماً، إذ قد تعبَّدْتِ بالعزْمِ وولدتِ إسمعيل الجديدَ أي العُتوّ.
يا نفسُ! قد عرفتِ سلّمَ يعقوبَ البادِئةَ مِنَ الأرضِ إلى السماء. فلِمَ لا تمتلكين حُسنَ العبادةِ أساسًا وطيدا ؟
يا نفسُ! ضارعيِ كاهنَ اللهِ والمَلكَ المُنفرد، تمثالَ وشبهَ سيرةِ المسيحِ في العالمِ بيَن الناس.
أيّتها النفسُ الشقيَّة! ارْجعيِ وتنهَّدي قبلَ انقضاءِ موسمِ العمر، وقبلَ أن يُغلِقَ الرّبُّ بابَ حجرةِ العرس.
يا نفسُ! لا تصيري عامودَ ملحٍ بالتِفاتِكِ إلى الوراء. فليُرهِبْكِ نموذجُ السادوميين. فاخلُصيِ إلى أعلى سيغور.
يا نفسُ ! اهربيِ مثل لوط من حريقِ الخطيئة. فرّي من سدومَ وعمورة. أهربيِ من لهيبِ كلِّ شهوةٍ بهيمية .
ارحمني يـا ربّ! إليكَ أهتِفُ: ارحمـني متى جئتَ مـع ملائكتِكَ لتوفيَ كلَّ أحدٍ استحقاقَ أعمالِه.
أيّها السّيّد ! لا ترفضْ طِلبَةَ الّذينَ يُسبِّحونَكَ، بل ترأَفْ، يا مُحبَّ البشر، وامنحْ الغُفرانَ للطَّالبينَ إيَّاهُ مِنكَ بإيمان.
أيّتها البارَّةُ تَشَفَّعيِ فينا
أيّتها الأمُّ! إنَّني مضبوطٌ بعاصِفِ واضطرابِ الزَّلاَّت، لكنْ أنتِ خلِّصيني وأدخِليني إلى ميناءِ توبةٍ الهيَّة.
أيّتها البارَّةُ تَشَفَّعي فينا
أيّتها البارَّة! قدِّميِ الآنَ توسُّلاتٍ ابتهاليّةً نحوَ والدةِ الإلهِ الكليَّةِ التحنُّن، ومن ثَمَّ افتحيِ لي السبُلَ الإلهَّية.
يا قدّيس الله تشفع فينا
يا أندراوس رئيسَ كهنةِ كريت، امنحني بوسائِلِكَ حَلَّ الخطايا بما أنَّكَ مُرشِدٌ عظيمٌ للتَّوبة.
المجدُ للآبِ والابنِ والرُّوحِ القدُس
أيّها الأحدُ البسيطُ غيرُ المخلوق، الطّبيعةُ الّتى لا بَدء لها، المسبَّحةُ في ثلاثةِ أقانيم! خلِّصْنا نحن السّاجِدينَ بإيمانٍ لعِزَّتِك.
الآنَ وكلَّ أوانٍ وإلى دهرِ الدَّاهرين آمين
يا والدةَ الإله! يا من ولدتِ في زمنٍ خِلواً من رَجلٍ، الابنَ المولودَ من الآبِ بلا زمان، ولبِثتِ بتولاً ومُرضِعة، فيا له من عَجَبٍ مستغرَب!

**الأوديـة الـرابعـة**

الارمـس
يا ربّ! سمِعَ النبُّي بقُدومِكَ وأنَّكَ مُزمِعٌ أن تُولَدَ من البتول، وتظهر للناس، فجَزِعَ هاتِفًا: إنِّي سمعتُ سَماعَكَ ففزعتُ. المجدُ لقُدْرتِكَ يا ربّ!

طـروبـاريـات
أيّها الديّانُ العادلُ المحبُّ البشر! لا تَغفِلْ عن أعمالِك، ولا تُعرِضْ عـن جبلتِك، وإنْ كنتُ قد خطِئتُ وحديكإنسانٍ بما يَتجاوزُ كُلَّ إنسان. لكنْ بما أنَّكَ ربُّ الكلِّ، فلكَ السّلطانُ أن تَغفِرَ الخطايا.
يا نفسُ! إنّ الانقضاءَ قد دنا، والرّحيلَ قد قَرُبَ، ولمَ تهتمّي ولمَ تستعدّيِ. العمرُ ينصرمُ، فانهضيِ. الديَّانُ قريبٌ على الأبواب. زمانُ الحياةِ يَجري كالمنامِ والزَّهر، فلماذا نضطربُ باطلا؟
يا نفسُ! انتبهيِ وتصَفَّحيِ أفعالَكِ الّتى صدرَتْ مِنكِ وأَحضِريها بإزاءِ ناظرَيْكِ وسُحّي قَطَراتِ عَبَراتِكِ، وقولِي أفكارَكِ وأفعالَكِ للمسيح بمجاهرةٍ، فتتزكَي.
أيّها المخلِّص! لمَ يصِر في العالمِ خطيئةٌ ولا فعلٌ ولا رَداءَةٌ إلاَّ واجترَمْتُها أنا، بالعَقلِ والقولِ والعزمِ والموقِفِ والنّيّةِ والعمل، بما لمَ يفعلهُ آخرُ قطّ. من ههنا قد أُدِنتُ، من ههنا قد شُجِبتُ أنا الشقيَّ، من قِبَلِ ضميري الّذي لا يُوجَدُ أكثرَ عنفاً منهُ في العالم. فيـا أيّها الديّانُ والفادي والعالِمُ الكلّ، أشفِقْ عليَّ، ونجّني وخَلِّصْني أنا عبدَك.
يا نفسُ ‍ إنّ السُّلَّمَ الّتى رآها قديمًا المُعظَّمُ في رؤساءِ الآباءِ هي رمزٌ عنِ الصّعودِ العَمليّ والارتقاءِ العلميّ. فإن شِئْتِ إذاً أن تسيري بالعملِ والعلمِ والثّاوريا فتجدَّدي.
إنّ رئيسَ الآباءِ صبَرَ على حرِّ النّهارِ نَظَراً للحاجة، وتكبَّد قِرَّ اللّيل، متحايلاً كلَّ يومٍ، خادِماً بالرِّعاية، مجاهداً خادِماً ليتّخِذَ المرأَتَين.
يا نفسُ ! اعلمي أنّ المرأَتَين هما العملُ والعلمُ بالثّاوريا. امَّا ليَّا فهي العملُ بما أنَّها كثيرةُ الاولاد، وأمَّا راحيلُ فإنَّها العلمُ بما أنَّها جزيلةُ التَّعب، لأن بغيرِ أتعابٍ لا يتقوَّمُ لا علمٌ ولا عمل.
يا نفسُ! اسهري وأَرضي اللهَ مثلَ العظيمِ في رؤساءِ الاباءِ، لتمتلكي عملاً مع علمٍ وتصيري عقلاً ناظراً الى الله. وتَبلُغي بالثّاوريا الى السّحابةِ الّتى لا يُدْخَلُ إِليها، وتصيري تاجرًا خطيرًا.
يا نفسُ! إنَّ العظيمَ في رؤساءِ الآباءِ ولَدَ رؤساءَ الآباءِ الاثنَي عشر فثبَّتَ لكِ سُلَّمًا سِرِّيّةً للصّعودِ العملي واضِعًا بحكمةٍ كلّيَّةٍ الأولادَ مِثلَ مَراقٍ، والمسالِكَ كمَصاعد.
يا نفسُ، لقد غُرتِ منْ عيسو الممقوتِ، فبعتِ بُكوريّةَ الجمالِ الأول مِن ضابطِ عِقبِكِ، وسقطّتِ مِنَ البَرَكةِ الأبوية، وعُرقِلتِ يا شقيّةُ، من جهتين: المعرفة والعمل. فلذلكَ الآن توبي.
عيسو دُعيَ آدوم لأجلِ افراطِ ممارستِهِ الشّبق، لأنَّهُ كان مضروبًا دومًا بسخونةِ الفِسق، مُتدَنِّساً باللذَّات. فسُمِّيَ آدوم الّذي تأويلُهُ حرارةُ النّفسِ المُحِبَّةِ الخطيئة .
يا نفسُ! قد سمعتِ بأنَّ أيوبَ تزَكَّى جالساً على المَزبلة، فلَمْ تَغاري من رجولته، ولا ملَكْتِ ثَباتَ نيّتِه، لكنّكِ حصلتِ عادمةَ الثّباتِ في كل ما عرَفتِهِ وعلِمْتِهِ وجرَّبتِه.
إنّ الّذي كان بِدءًا على الكرسي صارَ الآنَ عاريًا مُقرَّحًا على المَزبلة، والعظيمَ الشهيرَ بكَثرةِ الأولاِد حصلَ بغتةً عادِمَ المنزِلِ وفاقِدَ الأولاد، إذ احتسبَ المَزبلةَ بلاطًا والقُروحَ لؤْلؤا.
إنّ المتسربلَ التاجَ والبِرفيرَ والرُّتبةَ الملوكيّةَ، الإنسانَ الجزيلةَ قنيتُهُ والصّدّيقَ المُوَقَّرَ بالغنى والمواشي، فَقُرَ بغتةً، وعَدِمَ الثَّروَةَ والشّرفَ والمملكة.
إن كانَ ذاكَ وُجدَ صدّيقًا وممدوحًا أكثرَ منَ الكلِّ إلاَّ أنّهُ لمَ ينجُ من مَكامنِ الطّاغية وحُفُراتِه. فأنتِ أيّتها النفسُ الشقيّة، إذ أنتِ محبّةٌ للخطيئةِ، ماذا تصنعيَن إذا عرَضَ أن يحلَّ بكِ شيءٌ من الأشياءِ غيِر المأْمولة.
أيّها المسيح! إنّني قد توسَّختُ بالجسد، وتدنَّستُ بالرّوح، وقد تقرَّحتُ بجملتي، لكنْ بما أنّكَ الطبيبُ الماهر، اشفِهِما لي بالتوبة معًا، إرحضْني، طّهِرْني، إغسلني، أوضِحني أيّها المخلِّص، أنقى من الثّلج.
أيّها المسيحُ الكلمة! أنتَ بذلتَ جسدَكَ ودمَكَ عنِ الكلِّ لمَّا صُلبت. فجسدُكَ منحتَهُ لكي تعيدَ بهِ جبلتي، ودمُكَ لترحضَني بهِ. وأسْلَمْتَ روحَكَ لكي تُدخِلَني إلى والدِك.
أيّها الرؤوف! لقد صنعتَ خلاصاً في وَسَطِ الأرضِ لكيما نخلص، وصُلبتَ بإرادتِك على خشبةٍ، وفتحتَ عَدْنًا الّتى كانتْ مُغلَقة. والبرايا العُلويّةُ والسُّفليّةُ والأممُ قاطِبةً إذ خَلُصوا يسجدونَ لك.
ليصِرْ لي الدَّمُ النابِعُ منْ جنبِكَ حميمًا والماءُ القاطِرُ منهُ للغفرانِ مشروبًا، لكيما أتطهّرَ بكِلا الأمرين مصطبغًا بأقوالكَ المُحييةِ وشارِبًا إياها كصبغة ومشروبْ .
أنا عُريانٌ من حُجرةِ العُرس، ومُجَرَّدٌ من العرسِ ومن العشاءِ معًا. ومصباحي قد انطفأَ بما أنّه عادِمُ الزَّيت. والحُجرةُ قد أُغلِقَتْ في وجهي وأنا راقدٌ، والعشاءُ قَد أُكلَ، رُبطَتْ يداي ورجلاي، وأُلقيتُ خارجًا.
أيّها المخلّص! إنّ الكنيسةَ امتلكَتْ جنبَكَ المتسربِلَ الحياةَ كأساً الّتى فاضَ لنا منها يَنبوعٌ مُضاعَفٌ للغُفرانِِ والمعرفةِ رسماً للعهدينِ العتيقِ والجديدِ معًا.
إنّ زمانَ حياتي قصيرٌ ومُفعمٌ عناءً وخبثا، لكنِ اقْبَلْني بالتّوبة، وادْعنُي بالمعرِفة، لئَلاَّ أصيَر للغريبِ قنيةً ومأكلا. فأنتَ أيّها السّيّدُ تَرَأّفْ علىَّ .
أنا متشامِخٌ بالكلامِ الآن، وقلبي جسورٌ سدًى وباطلا. لكنْ لا تَشجُبْني معَ الفرِّيسي، بلْ بالحري هَبْني أيّها الرؤوفُ وحدكَ والدّيّانُ العادِلُ، تواضعَ العشّار وأحصِني معُه.
أيّها الرؤُوف! قد علِمتُ أنَّني خطئتُ وأهنتُ وِعاءَ بَشَرَتي. لكنِ اقبلني بالتّوبة وادْعُني بالمعرفةِ، لئَلا أصيرَ للغَريبِ قنيةً وماكلا. فانتَ أيّها المخلِّصُ ترأَفْ عليَّ.
أيّها العطوف! إنّني صِرتُ كَصنمٍ بجملتي منجِّساً نفسي بالأهواء. لكن اقبلني بالتّوبة، وادْعُني بالمعرفةِ لئلا أصيرَ للغريبِ قِنيةً ومأكلاً. فأنتَ أيّها المخلِّصُ ترأفْ عليَّ .
صوتُكَ ما سمعتُه، وكتابُكَ خالفتُه، أيّها المشترع. لكن اقبلني بالتّوبة، وادْعنُي بالمعرِفةِ لئلاَّ أصيرَ للغريبِ قِنيةً ومأكلاً. فأنتَ أيّها المخلِّص، ترأَّفْ عليَّ.
أيّتها البارَّةُ تَشفَّعيِ فينا
أيّتها البارَّة! لقد سَلكْتِ سيرةَ العديمي الأجسادِ وأنتِ بالجسد، فحظَيتِ من اللهِ بنعمةٍ عظيمةٍ حقَّا، مؤازِرةً الّذينَ يُكرِّمونَكِ بإيمان. لذلكَ نَضْرعُ إليكِ أن تُنقِذينا بطَلِباتِكِ مِن كلِّ المحن.
أيّتها البارّة تشفعّيِ فينا
لقد سقطتِ يا مريمُ إلى قاعِ الرَّذائلِ القبيحة. لكنَّكِ لمَ تُضبَطي منها، بل بادرتِ بفكرٍ ثاقبٍ نحوَ رأسِ الفضائلِ بالعملِ بحالٍ مُستَعجَبة، لذلكَ أَذهلتِ طبيعةَ الملائكة.
يا قدّيس اللهِ تشفَّعْ فينا
يا أندراوس فخرَ الآباء! لا تفتُرْ مبتهِلاً في صلواتِكَ إلى الإلهِ الثّالوثِ الفائِقِ سمُّوه، بما أنَّكَ ماثِلٌ لديه، لكي ننجوَ منَ العُقوبات، نحن الّذينَ بشوقٍ نَدعوكَ لنا شفيعاً إلهياً ، يا جمالَ كريت.
المجد للآبِ والابنِ والرّوحِ القدُس،
أتكلَّمُ في لاهوتكَ أنّكَ في الجوهرِ غيرُ مُنقسِم، وفي الأشخاصِ غيرُ ممتَزِج، وأنّ اللاهوتَ الأحدَ الثّالوثيَّ متساوٍ بالملك والعرش ، وأهتِفُ نحوَكَ بالتّهليلِ العظيمِ المسبَّحِ بهِ في العلاءِ بتثليث.
الآنَ وكلَّ أوانٍ وإلى دهرِ الدّاهرين آمين !
ولدتِ وأنتِ عذراءُ ولبثتِ في الأمريْنِ معاً بتولاً بالطّبيعة، فالمولودُ جدَّدَ ناموسَ الطّبيعة، والحشا وَلَدَ بغيرِ نفاس، لأن حيثُ يشاءُ الإلهُ يُغلَبُ نِظامُ الطبيعة لأنَّهُ يفعلُ ما يشاء.

**الأودية الخامسة**

الارمس
منَ اللّيلِ أَدّلجُ ضارِعًا، أيّها المحبُّ البشر! فأنِرني، وأرشِدْني إلى أوامرك، وعلّمني، يا مخلِّص، أن أصنعَ إِرادتَك.

طـروبـاريـات
لقد أجزتُ عُمري دائماً في اللّيل، لأنّ ليلَ الخطيئةِ حصَلَ لي ظلامًا وضبابًا حالكًـا، لكن بما أنّكَ المخلِّص، أظهِرني للنّهارِ ابنًا.
لقد ضاهَيتُ أنا الشقيَّ رؤوبين، فصنعتُ رأْياً متجاوزًا ومخالفًا للناموسِ ضِدَّ الإلهِ العليّ، ودنّستُ مَضجعي كما دنّسَ ذاك مضجعَ أبيه.
أيّها المسيحُ الملك! لكَ اعترف: قد خطئتُ إليكَ ثَّم خطئتُ إذ بعتُ ثمرةَ الطّهارةِ والعفَّةِ كما فعلَ قديماً بيوسفَ إخوتُهُ.
النّفسُ البارَّةُ باعَها إخوتُها، ودُفِعَ ذاكَ الحلو للعُبوديَّةِ رسمًا للرّب. فأنتِ، يا نفسُ، بُعتِ بجملتِكِ لشرورِك.أيّتها النّفسُ الشّقيّةُ المرذولة، ضارِعي يوسفَ الصدّيقَ ذا العقلِ العفيف، ولا تصيري فاجرةً بالوَثَباتِ البهيميّةِ متجاوزةً الشّريعةَ دائمًا.
أيّها السّيّدُ والرّب! وإن كان يوسفُ قد سكنَ الجُبَّ وقتًا ما إلاَّ أنّهُ صارَ رَسمًا لدفنِكَ وانبعاثك. فأنا إذًا، أيَّ شيءٍ أُقدِّمُ لكَ نظيرَ ذلك ؟
يا نفسُ! قد سمعتِ بسفَطِ موسى أنّهُ كانَ مُتموِّجًا قديمًا في مياه النّهرِ وامواجِهِ كَفي سريرِهِ هاربًا مِن مكيدةِ الرّأْيِ الفرعوني المُرَّة .
أيّتها النفسُ الشّقيَّة! إذ قد سمعتِ وقتًا ما أنّ القَوابِلَ كنَّ يَقتلنَ كلَّ طفلٍ ذكرٍ قبلَ البلوغِ أي عملِ العِفَّة، فأنتِ ارضَعيِ الِحكمةَ مِثلَ موسى العظيم .
أيّتها النفسُ الشّقيَّة! إنّكِ ما ضربتِ قاتِلةَ العقلِ المصري كما فعلَ موسى العظيم . فأخبِريني ، إذًا ، كيفَ تَقطُنيَن بالتّوبةِ قَفْرَ الأهواء .
إنّ موسى المعظّمَ قطنَ البراري. فهلمّ ، يا نفسُ ، وشابِهي سيرتَهُ لتحصلي على مُعايَنةِ ظُهورِ الإلهِ في العَوسجة.يا نفسُ! ماثلي عصا موسى الّتى فلَقتْ البحر، وجمَّـدتِ العمق، رسمًا للصّليبِ الإلهى ، لكي تستطيعي بهِ أنتِ أيضاً أن تُكمِّلي العَظائم .
يا نفسُ! هرونُ قدَّم للهِ نارًا بلا عيبٍ ولا غشّ. لكن حفني وفنحاسَ قدَّما مِثلَكِ للهِ سيرةً غريبةً دنسة .أيّها السّيّد! إنَّني قد حصلتُ ثقيلَ العزم، وغرَّقتُ نفسي وجسمي وعقلي كما غرقَ فرعونُ المرُّ بواسطةِ يانيس ويامبريس ، لكن اعْضُدني .
لقد جُبِلَ عقلي بالطّينِ أنا الشقيّ، فأتضرعُ إليك بحمِيمِ عَبَراتي أيّها السّيّد : مثلَ الثّلجِ بَيِّضْ حلّةَ بَشَرتي .أيّها المخلِّص! إنّني إذا تصفّحتُ أعمالي، أجدُ أَني قد تجاوزتُ كلَّ إنسان بالخطايا، لكوني قد خطئتُ بعقلٍ ومعرفة ، لا بجهلٍ وغباوة .
إرثِ لي يا ربّ، إرث لي. أنا جِبْلَتَكَ. خطئتُ، فاغفُر لي أنتَ الطّاهرُ بالطّبيعةِ وحدَك ، وليسَ أحدٌ سِواكَ يُوجَدُ خِلوًا منْ دنس .
أيّها المخلّص! أنتَ الّذي لم تَزلْ إلهًا ولأجلي تَصوَّرتَ مِثلي، وأريتَني عجائب، إذ طَهَّرتَ البُرص، وشدَّدتَ المفلوجين، وأوقفتَ فيضَ نزيفِ دمِ النّازِفةِ بلَمسِ هُدْبِ ثوبِك.
أيّتها النّفسُ الشّقيّة! ضارِعي نازِفةَ الدّم، وتقدَّمي واضْبُطي هُدبَ ثوبِ المسيح، لتُنقَذي مِنَ الكلوم، وتسمعي منهُ: ايمانُكِ خلَّصَكِ.
يا نفسُ! غايري المنحنيةَ إلى الحضيض، وتقدَّمي. وخُرِّي على قدمَيْ يسوع، ليُقوِّمَكِ ، وتسلُكين باستقامةٍ في سبيلِ الرّبّ .
أيّها السّيّد! وإن كنتَ بئْرًا عميقة، فأفِضْ لي ينابيعَ من جدوالِكَ الطّاهرة، لكيما أشربَ مِثلَ السّامريَّة، ولا أعطشُ أيضًا، لأنّكَ تُدفِقُ مجارى الحياة.
أيّها السّيّدُ والرّبّ! فلتصِرْ لي دموعي سِلوانًا حتّى أغسِلَ أنا ايضاً حدقَتي نفسي، وأنظرَكَ أيّها النّورُ الّذي قبلَ الدّهورِ نَظَراً عقليًّا.
أيّتها البارّة تشفَّعي فينا
لقد ارْتحتِ بشوقٍ لا يُقدَّرُ أيّتها السَّعيدةُ لأنْ تَسجُدي لعودِ الحيـاة ، فنلتِ بُغية قصدِك. لذلكَ أهِّيلني أنا أيضاًأنْ أحظى بالمجدِ العلّوي .
أيّتها البارّة تشفَّعي فينا
أيّتها البارّة! لقد جُزتِ سُيولَ الأردن، فصادفتِ راحةً لا يَعقبُها أَلَمٌ بفِرارِكِ من لذَّةِ الجسد. فبوسائلِكِ خلّصينا مِنها ونجِّينا.
يا قدّيسَ الله تَشفَّعْ فينا
يا أندراوس الحكيم! بما أنَّكَ مقدَّمٌ بالتفضيلِ فيما بيَنَ الرُّعاة، أتوسَّلُ إليكَ بشوقٍ وخوفٍ كثيرٍ، لكي أنالَ بشفاعاتِكَ الخلاصَ والحياةَ الأبديَّة .
المجدُ للآبِ والابنِ والرُّوحِ القدُس
إيّاكَ نُمجِّد، أيّها الثّالوثُ الإلهُ الأحد: قدوسٌ قدوسٌ قدوسٌ أنتَ الآبُ والابنُ والرّوحُ القدُس، الجوهرُ البسيطُ الفردُ، المسجودُ لهُ سرمدا .
الآنَ وكلَّ أوآنٍ وإلى دهرِ الدّاهِرين آمين!
أيّتها الأمُّ البتولُ الّتى لا رَجُلَ لها. البِكر! منكِ لبِسَ عجنتي الإلهُ البارئ الدهورَ وأتحدَ بذاتهِ طبيعةَ البشر .

**الاودية السادسة**

الأرمس
صرختُ من كلِّ قلبي إلى الإلهِ الرؤوف، فاستجابَ لي من الجحيمِ السُّفلى، وأصعدَ من الفسادِ حياتي .

طـروبـاريـات
أيّها المخلِّص! لك أقرِّبُ بنقاوةٍ دموعَ عينّي والزّفَراتِ الّتى منَ العمقِ بهتافِ القلب: اللهمَّ ! خطئْتُ إليكَ فاغفِرْ لي .
يا نفسُ ! قد جنحتِ عن ربِّكِ مثلَ داثان وابيروم، فلئَلاَّ تبتلعَكِ هاويةُ الارض، اصرخي من صميمِ القلب : ارثِ لي .
يا نفسُ ! قد شابهتِ أفرامَ وصرتِ مثلَ عجلةٍ شاردة. فسَلِّمي عمرَكِ كالغزال من الشِّباكِ مجنحَّةً بالعملِ والعقلِ والثاوريا.
يا نفسُ! إنَّ يدَ موسى ثبَّتَت لنا كيفَ يقتدرُ اللهُ أن يُبيِّضَ السِّيرةَ المنبرصةَ ويُطَهِّرَها، فلا تيأَسي من ذاتِكِ ولو انْبرصتِ .
أيّها المخلِّص! إنَّ أمواجَ زلاّتي قد تراكمتْ عليّ وغمرَتْني بغتةً كما جرى في البحرِ الأحمرِ للمصريين ونُخبةِ قُوَّادِهِم.
يا نفسُ! قد حوَيتِ العزمَ العديمَ الشُّكرِ كمثلِ اسرائيلَ قديماً. لأنَّكِ بعدمِ تمييزٍ فضّلتِ نهمَ الأهواءِ المحبَّ اللذَّةَ على المنِّ الإلهى.
يا نفسُ! لقد فضلّتِ اللحومَ الخنزيريّةَ والقدورَ والطّعامَ المصريَّ على الطّعامِ السَّماوي كمثلِ ذاكَ الشَّعبِ غيِر الشَّكورِ في القَفرِ قديمًا.
يا نفسُ! لقد فضَّلتِ آبارَ التّصوُّراتِ الكنعانية على ينبوعِ الصّخرةِ الّتى منها نهرُ الحكمةِ ككأْسٍ يَسكُبُ مجاري التّكلُّمِ في اللاهوت .
أيّها المخلِّص! إنّ موسى خادمَكَ مُذ ضربَ الصّخرةَ بالعصا سبقَ فصوّرَ راسمًا بذلكَ جنبَكَ المحيي الّذي نغترِفُ منهُ كافةً مشروبَ الحياة .
يا نفسُ! فتِّشي وجُسِّي أرضَ الميراثِ ايمَّا هي كمثلِ يشوعَ بنِ نون، واقْطُني فيها بموجِبِ الشَّريعةِ الحسنة.
يا نفسُ! انْهضي وحاربي أهواءَ البَشَرةِ كما حاربَ يشوعُ عماليقَ . واغلبي الجبعونيينَ أعني الأفكارَ الخدَّاعة دائماً .
يا نفسُ ! جوزي طبيعةَ الزَّمانِ السائلةَ كالسَّفينةِ قديمًا وامْلُكي أرضَ الميعاد. هكذا يأْمُرُ الله .
أيّها المخلِّص! كما خلَّصتَ بطرسَ إذ هتف: بادِرْ إليَّ وخلِّصني، هكذا امْدُدْ يدَك، ونجِّني منَ الوحشِ، ومن عمقِ الخطيئةِ أَصعِدْني .
أيّها المسيحُ السّيّد! قد عرفتُكَ ميناءً صاحيًا ، فبادِرْ ونجنّي منَ اليأسِ ومِنْ أقصى أعماقِ الخطيئة .
أيّها المخلِّص! أنا هو الدِّرهمُ المَلَكيُّ الّذي أضعتَهُ قديمًا. فأَضىءْ سِراجَـكَ، أيّها الإلهُ الكلمـة، أعني سـابِقَك ، واطلُبْ صورتَكَ لتجدَها.
أيّتها البارَّة تشفعي فينا
يا مريم! لقد أفضتِ على الدّوامِ مجاري الدُّموعِ لتُطفئي سعيرَ الأهواءِ الملتهبةِ بالنفس. فبها امنحيني نعمةً أنا عبدَك.
أيّتها البارَّة تشفعي فينا
أيّتها الامّ! لقدِ امتلكتِ عدمَ الهوى السَّماوي بسيرتِكِ العاليةِ على الأرض. فلذلك، توسلّي من أجلِ مـادحيكِ لكي ينجوا من الأهواءِ بشفاعتكِ.
يا قديسَ الله تشفعْ فينا
أيّها الأبُ الشريفُ أندراوس، إذ قد عرفتُكَ راعيًا ومتقدّماً لكريت، وشفيعًا للمسكونةِ، فأبادرُ إليكَ وأصرخُ اجْتذبْني من عُمقِ الخطيئة.
المجدُ للآب والابن والرّوح القدُس
إنّ الآبَ والابنَ والرُّوحَ القدسَ الإلهىَّ يقول: إنني ثالوثٌ بسيطٌ غيرُ متجزّىءٍ، مُنْقَسمٌ في الأشخاص واحَدٌ متحدٌ في الطّبيعة .
الآن وكل أوانٍ وإلى دهرِ الداهرين آمين.
يا والدةَ الإله! إنّ حشاكِ ولَدَ لنا إلهًا متصورًا مثلَنا . فبما أنَّهُ خالقُ الكُلِّ تضرَّعي إليه لنتزكى بشفاعتكِ .
قنداق
باللحن السادس
يا نفسُ يا نفسُ! انهضي لماذا ترقُدين؟ فقد قَرُبَ الانقضاء، وأنتِ مزمعةٌ أن تنزعجي. فانْتبهي لكي يترأفَ عليكِ المسيحُ الإلهُ الحاضرُ في كلِّ مكان، والمالىءُ الكلّ.

**الاودية السابعة**

الارمس
قد خطِئنا وأثمنا، وظلَمْنا أمامكَ، وما حفِظنا، ولا صنعْنا كما أمرتَنا، لكن لا تُسْلِمْنا حتّى الغاية، يا إلهَ آبائنا.

طروباريات
قد خطئتُ وأذنبتُ وخالفتُ وصيتكَ، لأنّني تمادَيتُ في الخطـايا، وأضفت إلى قروحي كلومًـا. لكن، بما أنّكَ مُتحنِّنٌ، ارحمني، يا اله أبائنا.
يا ديّاني! لك أعترفُ بخفايا قلبي. فانظرْ لمذلَّتي وشاهدْ حزني، واصغَ الآن لدينونتي. وبما أنّكَ مُتحنِّنٌ ارحمني ، يا إلهَ آبائِنا.
يا نفسُ! إنّ شاولَ، لمَّا أضاعَ وقتًا ما حميرَ أبيهِ، وجدَ مملكةً ليُنادَى بهِ مَلكًا عليها خلواً مِن تَقَصُّد. لكن انظُري لئَلاَّ تُفضِّلي شهواتِكِ البهيميّةَ على مُلكِ المسيح من دونِ أن تشعري بذلك.
يا نفسُ! إنّ داودَ أبا الإله، وإن كان خطئَ مضاعفًا إذ رُشقَ بسهمِ الفِسق، وطُعنَ بحربةِ جريرةِ الفتك، لكن أنتِ مريضةٌ بما هو أثقلُ الأفعال، بوَثَبات نيَّتِك .
إنّ داودَ وقتًا ما أقرنَ بإثمهِ إثمًا. إذ مزجَ الزِّنا بالقتل، وللحينِ أوضحَ التّوبةَ مضاعفة. لكنْ أنتِ، يا نفسُ، صنعتِ شرّاً من ذلك، ولم تتوبي إلى الله .
إنّ داودَ وقتًا ما انتصبَ كعمودٍ، وكتبَ تسبيحًا كفي صورةٍ، ليوبِّخَ بهِ العملَ الّذي عمِلهُ هاتفًـا: ارحمْني، لأنّي إليكَ وحدَكَ خطئتُ. أنتَ إلهُ الكلِّ فطَهِّرْني.
لمّا كانَ التّابوتُ يُسيَّرُ على محملِه. وإذ تهجّمَ زانُ ذاكَ ولمَس العجلَ فقط، لمَّا سقطَ، حلّ بهِ سُخطُ الله. فاهربي يا نفسُ من تجاسرِه، ووقِّري الإلهياتِ جيداً .
يا نفسُ! قد سمعتِ كيف انتصب أبيشالوم ضدّ الطّبيعة. وقد عرفتِ أعمالَهُ الدّنسةَ الّتى أهانَ بها مضجعَ داودَ أبيهِ. إِلاَّ أنّكِ ضارعتِ وَثَباتِهِ الأهوائيّةَ المحبّةَ اللذَّات.
يا نفسُ! لقد أخضعتِ رتبتَكِ غيرَ المستعبَدة، لبَشَرتِكِ، لأنّكِ وَجدتِ العدوَّ أشيطوفالَ آخر، فدخلتِ في آرائِه. لكنَّ المسيحَ شتَّتَها لتَخلُصي أنتِ أكيدًا.
إنّ سليمانَ ذاك العجيبَ المملوءَ نعمةً وحكمةً، لمَّا صنعَ وقتًا ما شرًّا قدّامَ الله ابتعدَ منهُ، الّذي قد شابهتِهِ يا نفسُ بسيرتِكِ المنبوذةِ جدًّا .
سليمان، لمَّا اجتُذبَ بلذَّاتِ أهوائِهِ تدنَّس. ويلي! إنّ عاشقَ الحكمةِ صارَ هائمًا بالنّساءِ الزّواني مغتربًا عنِ الله، الّذي ماثلتِهِ يا نفسُ، بعقلِكِ، باللّذاتِ القبيحة.
يا نفسُ! لقد غُرتِ من رَحبعامَ الّذي خالفَ الرّأيَ الأبويَّ ومعهُ يربعامُ العبدُ الرّديءُ العاصي. لكنِ اهربي من مُضارعتِهما، واهتفي إلى الله: خطئتُ فترأَفْ عليّ.
يا نفسُ! لقد غُرتِ من آخابَ في الأدناس. ويحي! وصرتِ موطِناً للأوساخِ البشريّة، وإناءً قبيحًا للأهواء، لكن تنهَّدي من عُمقِ قلبِكِ وقولي للهِ خطاياكِ.
إنّ إيليا وقتًا ما أحرقَ المائةَ رجلٍ المنسوبينَ إلى ايزابل، عندما أبادَ كهنةَ الخزيِ لتبكيتِ آخاب، لكنِ اهربي، يا نفسُ، من مُضارعةِ الفريقيَن وتقوّي وتأَيَّدي .
يا نفسُ ! لقد أُغلقَتِ السّماء في وجهِك، ودَهمكِ جوعُ الإله لمَّا لم تُذعني لقولِ إيليا التسبيتي، مثلَ آخابَ وقتاً ما. لكن شابهي الصارفيّة وغذّي نفسَ نبّي.
يا نفسُ ! لقد جمعتِ بعزمِكِ أوزارَ منسَّى، ونصبتِ الأهواءَ كرذائل، وأكثرتِ منَ الأفعالِ المغضِبة. لكن، غاري من توبتِهِ بحرارة، وامتلكي الخشوعَ دائما.
لكَ أسجـدُ وأُقرِّبُ أقوالي كدمـع! خطئتُ بما لم تخطأْ بهِ الزّانية، وأثمتُ بما لم يجترمْهُ آخرُ على الأرض. لكن ترَأَّفْ على جبلتِكَ أيّها الرّبُّ وادعنُي راحمًا.
أيّها المخلِّص! لقد طمرتُ صورتَك، ونقضتُ وصيّتَك، واسودَّ كلُّ جمالي. ومصباحي انطفأَ بالأهواء. لكن برأفتِكَ امنحني البهجة، كما يُرتِّلُ داود.
يا نفسُ! ارجعي، وتوبي، واكشِفي المكتومات، وقولي للهِ العارفِ كلَّ شيء: أيّها المخلِّص، أنتَ وحدَكَ تعْلمُ خفاياي. لكن أنتَ ارحمني نظيرَ رحمتِك، كما يرتِّلُ داود .
إنّ أيامي قد فنيتْ كحلمِ يقَظة. لذلك أذرفُ الدمعَ كحزقيَّا على فراشي، لتُزادَ سنو حياتي. لكن أيُّ إشعيا سيقف بكِ، يا نفسُ، سوى إلهِ الكلّ؟
أيّتها البارَّة تشفعي فينا
تقدَّمتِ فهتفتِ نحو امِّ الإلهِ الطّاهرة، فلاشَيتِ جنون الأهواءِ العنيفةِ المزعجةِ بشدَّة، وأخزيتِ العدوَّ المسبِّبَ السّقطة. لكن امْنحيني الآنَ أنا عبدَكِ معونةً في الأحزانِ والنوائب.
أيّتها البارَّةُ تشفعِّي فينا
أيّتها الأم! إنّ الّذي اقتفيتِ أثرَهُ، وارتضيتِ بهِ، وجنحتِ نحوَهُ، هو أوجدَ لكِ التوبة، ومنحكِ إياها، بما أنّهُ الإلهُ العطوفُ وحدهُ. لذلكَ توسَّلي إليه بغيِر فتورٍ، لكي ننجوَ من الآلامِ والمحن.
يا قدّيسَ اللهِ تشفَّعْ فينا
أيّها الأبُ إندراوس! أتوسَّلُ إليك: ثبِّتْني بشفاعاتِكَ على صخرةِ الإيمان، وحوِّطْني بالخوفِ الإلهي، وامنحني التّوبة، وأنقذْني من فُخاخِ الأعداءِ الطالبينَ هلاكي.
المجدُ للآبِ والابنِ والرّوحِ القدُس .
أيّها الثّالوثُ البسيطُ غيرُ المنقسم، الوحدانيّةُ القدُّوسةُ المتساويةُ الجوهر، الإلهُ الثّالوثُ المسبَّحُ كَنورٍ وأنوارٍ وقدوسٍ أحدٍ وثلاثة! فسبّحي يا نفسُ ، ومجّدي إلهَ الكلِّ الّذي هو حياةٌ وحيوات.
الآنَ وكلَّ أوانٍ وإلى دهرِ الداهرين آمين
يا والدةَ الإله! نسبِّحُكِ، ونباركُكِ، ونسجدُ لكِ، لأنّكِ وَلدتِ أحدَ الثّالوثِ غيرَ المنقسم ابنًا وإلهًا، ففتحتِ لنا السّماويّاتِ نحن الأرضيين.

**الاودية الثامنة**

الأرمس
أيّتها الخليقة، معَ كلِّ نسمةٍ، سبِّحوا وباركوا الّذي تمجّدُه أجنادُ السّموات، وترتعبُ منهُ الشاروبيم والسارافيم، وارفعوهُ إلى جميعِ الأدهار .

طروباريات
أيّها المخلّص! قد خطِئتُ فارحمني. أنهِضْ عقلي إلى الرِّجعة، واقبلني تائبًا وترأَّفْ عليَّ، صارخًا: إليكَ وحدَكَ خطِئتُ وأثِمتُ فارحمني وخلصني.
إنّ إيليا الرّاكبَ على المركبةِ اعتلى فوقَ مركبةِ الفضائلِ وقتًا ما، فحصلَ متسامياً عنِ الأرضيّات. فتصوَّري إذًا، يا نفسُ، ارتقاءَهُ.
إنّ جريَ الأردنّ، وقتًا ما، قد وقف ههنا وهنا من وِشاحِ إيليا بواسطةِ أليشع. فأنتِ، يا نفسُ، لم تساهمي في هذهِ النّعمةِ بسببِ شبَقِك.
إنّ اليشعَ، لمَّا اقتبل وقتًـا ما وِشاحَ إيليا، أخذَ منَ الرّبِّ نعمةً مُضاعفة، فأنتِ يا نفسُ لم تساهمي في هذهِ النِّعمةِ بسببِ شبَقِك .
يا نفسُ ! إنّ الصومانيّةَ وقتاً ما أضافتِ الصّدّيقَ بعزمٍ صالح. وأنتِ ما آويتِ غريبًا ولا عابرَ سبيل. فلذلكَ ستُطرَحيَن خارِجَ الخدرِ نائحة.
أيّتها النفسُ الشّقيّة! لقد ضارعتِ جيحزي بعزمِهِ الدّنسِ كلَّ حين. فاطرحي محبَّتَهُ للفضّةِ ولو في الشّيخوخة، واهربي من نارِ جَهنَّم بإقلاعِكِ عن شرورِك .
يا نفسُ! إنَّكِ غرتِ من عوزيّا، فحوَيتِ بَرَصَهُ فيكِ مضاعفًا، لأنَّكِ تفتكرينَ أفكارًا غيرَ لائقة، وتصنعيَن المآثم، فغادري ما أنتِ فيهِ، وبادري نحوَ التّوبة .
يا نفسُ! قد سمعتِ بأهلِ نينوى أنّهم تابوا إلى اللهِ بالمُسوحِ والرّمادِ فلم تشابهيهِم، بل ظهرتِ أشدَّ غباوةً من كلِّ الّذينَ خطئوا قبلَ النّاموسِ وبعدَ الناموس.
يا نفسُ! قد سمعتِ أنّ إرميا، إذْ كانَ في جُبِّ الحمأةِ كانَ يهتِفُ نائحًا على مدينةِ صهيونَ ملتمساً الدّموع. فشابهي سيرتَهُ النحيبيّةَ فتخلُصي.
إنّ يونانَ لمَّا سبقَ فعرَفَ رِجعةَ أهلِ نينوى هربَ إلى ترسيس، لأنّهُ إذ كانَ نبيًّا عرفَ تحنُّناتِ الله. فغاري منهُ إذًا يا نفسُ، لئَلا تُكذّبي النبوَّة.
يا نفسُ! قد سَمِعتِ كيف دانيالُ سدَّ أفواهَ السِّباع إذ كانَ في الجُبِّ، وقد عرفتِ الفتيانَ الذين كانوا صُحْبةَ عازاريا كيف أطفأوا بالإيمانِ سعيرَ الأتونِ المضطرمِ جدًّا.
يا نفسُ! ها قد أحضرتُ لكِ جميع أخبارِ العهدِ العتيقِ نموذجًا. فماثلي أعمالَ الصّدّيقيَن المحبوبة من الله، وفُرّي هرباً من خطايا الأشرارِ أيضاً .
أيّها المخلّص! الدّيّانُ العادل! ارحمني ونجنّي من النّارِ والوعيدِ المنتظرِ أن اتكبَّدَهُ في الدّينونةِ بحقّ. واغفرْ لي قبلَ النّهايةِ بواسطةِ التّوبةِ والفضيلة.
أيّها المخلِّص! أهتِفُ نحوَكَ مثلَ اللّص: اذكرني. ومثلَ بطرسَ أبكي بمرارة. ونظيرَ العشّارِ أصرخُ: اعفُ عنّي. وكالزّانيةِ أذرفُ الدّمع، فاقْبلِ انتحابي كما قبلتَ وقتًا ما انتحابَ الكَنعانية.
أيّها المخلِّص! اشفِ انحلالَ نفسي الذّليلة. أيّها الطّبيبُ وحدَك، ضَعْ لي مَرهمًا وخمرًا وزيتًا الّتى هي أفعالُ التوبة. وهَبْ لي تخشُّعاً معَ دموع .
إنّني أتشبَّهُ بالكنعانية وأهتفُ: يا ابنَ داودَ ارحمني. أَلمسُ الهُدبَ مثلَ نازفةِ الدّم. أبكي نظيرَ مريمَ ومرثا على لعازر.
أيّها المخلِّص! قارورةُ دموعي أسكبُها على رأسِكَ مثلَ طيبٍ، وأهتفُ نحوَكَ مثلَ الزَّانيةِ الملتمسةِ الرحمة، وأُقرّبُ لكَ التضرُّعَ طالبًا أن أنالَ مغفرةً.
أيّها المخلِّص! وإن كانَ لم يخطأ أحدٌ كما خطئتُ أنا نحوك، لكن اقبلني تائبًا بورع، وهاتفاً بشوق: إليكَ وحدَكَ خطِئتُ وأثِمت، فارحمني .
أيّها المخلَّص! ارثِ لجبلتك. أُطلبْ، كراعٍ، الخروفَ الضالّ، إذ قد تاه. واختطفْهُ منَ الذّئب. واجعلني خروفًا في صيرةِ أغنامك.
أيّها المسيحُ المتحنِّن! إذا ما جلستَ ديَّانًا شفوقاً وأوضحتَ مجدَكَ المرهوب، فيالهُ من خوفٍ حينئذٍ، حيثُ أَتّونُ النّارِ يتاجَّجُ سعيُره، والكلُّ يرتعدونَ منْ مِنبرِكَ المَخوف .
أيّتها البارَّةُ تشفعِّي فينا.
إنّ أُمَّ النّورِ الّذي لا يغيبُ، أنارتْكِ وأطلقتْكِ من ديجورِ الأهـواء. فلذلك يا مريم، بما أنّكِ تلألأتِ بنعمةِ الرّوح، أضيئي الّذين بإيمانٍ يكَرّمونَكِ.
أيّتها البارَّة تشفعِّي فينا .
أيّتها الأُم! زوسيماسُ الإلهيّ، لمَّا شاهدَ فيكِ عجبًا غريبًا انذهلَ، لأنّهُ عاينَ ملاكاً بجسمٍ، فامتلأَ بجُملتِهِ اندهاشًا، مسبِّحًا المسيحَ إلى الادهار.
يا قدّيسَ اللهِ تشفَّعْ فينا
يا أندراوسُ الموَقَّر، شرفُ كريت! أتضرَّعُ إليك، بما أنّ لكَ دالَّةً عندَ الرّبّ، تشفَّعْ بي، لكي أنالَ بوسائلِكَ حلَّ رِباطاتِ خطاياي، أيّها المعلمُ فخرَ الأبرار.
نُبارِكُ الآبَ والابنَ والرّوحَ القدُس
أيّهاالآبُ الازلّي والابنُ المساوى لهُ في عدم الابتداء، والرّوحُ المعزّي المستقيمُ الصالح، يا والدَ الإله الكلمة، يا كلمةَ الآبِ الأزلي، أيّها الرّوحُ الحيُّ الخالق، أيّها الثّالوثُ الأحدُ ارحمني ! .
الآنّ وكلَّ أوانٍ وإلى دهرِ الدّاهِرين آمين .
أيّتها الطّاهرة! إنّ بِرفيرةَ عمَّانوئيل العقليّةَ الّتى هي البَشَرةُ نُسجَتْ في أحشائِكِ باطناً كمِنْ صِبغةِ حُلّةٍ ملوكيّة. فلذلكَ، بما أنّكِ والدةُ الإله بالحقيقةِ نكرّمُكِ.

**الأودية التاسعة**

الارمس
إنّ الوِلادةَ لا تُفسَّر، لأنّ الحبَلَ بغيِر زرعٍ ولا فساد، من أمٍّ غيرِ عارفـةٍ خِبرةَ رجل، لأنّ وِلادةَ الإلهِ قـد جدَّدتِ الطّبائع. فلذلك، بإيمانٍ مستقيم، تعظِّمُكِ كلُّ الأجيال، بما أنّكِ أمٌّ عروسُ الله.

طروباريات
إنّ العقلَ قد تجرَّح، والجسمَ قد ضني، والرّوحَ قد اعتلّ، والنّطقَ قد ضَعُف، والعمرَ قد أُميت، والنجازَ على الأبواب. فماذا تصنعينَ أيّتها النفسُ الشّقيّةُ إذا ما جاءَ القاضي ليستفحصَ اموركِ ؟
يا نفسُ! قد أوردتُ لكِ من موسى، تكوينَ العالمِ ومنهُ كلُّ كتابٍ قانوني يؤَرِّخُ لكِ جميعَ المقسِطينَ والظّالمين. فلم تشابهي الأوّلينَ منهم، لكنكِ ضارعتِ الثانينَ إذ خطئتِ إلى الله.
الناموسُ قد ضَغُفَ والإنجيلُ قد بطَل، وكلُّ كتابٍ قد أُهِمَل منكِ ، والأنبياءُ قد كلّوا، وكلُّ كلامٍ صِدّيق، وكلومُكِ قد تكاثرت، يا نفسُ، حيثُ لا يُوجَدُ طبيبٌ يَشفيكِ.
يا نفسُ! قد أحضرتُ لكِ نموذجاتِ الكتابِ الجديدِ لتقودَكِ للتّخشُّع. فغاري، إذًا، من الصّدّيقين، واجنحي عنِ الخطأة، واستعطفي المسيحَ بالصّلواتِ والأصوامِ والطّهارةِ والوقار .
المسيحُ تأنَّسَ وماثلني بالبَشَرة، وأكملَ كلَّ المختصَّاتِ بالطبيعةِ باختيارهِ خلوًا من خطيئة، مُظهِرًا لكِ يا نفسُ مثالَ وصورةَ تنازلهِ .
المسيحُ تأنَّسَ ودعا اللّصوصَ والزَّواني إلى التّوبة. فتوبي يا نفسُ! لأن ها قد فتُحَ بابُ المُلك، وسيتقدَّمُ فيخطِفُهُ الفرّيسيونَ والعشارونَ والزُّناةُ إذا عادوا راجعين.
المسيحُ خلّصَ المجوس، واستدعى الرُّعاةَ، وأوضحَ محفِلَ الأطفال شهداءَ، وشرَّفَ سمعانَ الشّيخَ والعجوزَ الأرملةَ، الّذينَ لم تغاري منهم يا نفسُ، لا في أفعالِهم ولا في سيرتِهم. لكن ، ويحٌ لكِ إذا حوكمتِ.
إنّ الرّبَّ إذ صامَ في القفرِ أربعينَ يومًا جاعَ أخيرًا مُظهرًا بذلكَ الطّبعَ البشريّ. فلا تسترخي يا نفسُ، وإن غارَ عليكِ العدوّ، بل صادِميهِ بالصّلاةِ والصّومِ فيندفعَ عنكِ بالكلّيّة.
إنّ المحَّالَ جرَّبَ المسيحَ إذ أراهُ الحجارةَ لتصيرَ خبزًا، وأصعدَهُ إلى الجبلِ مُريًا إياهُ ممالكَ العالمِ كلِّها في رشقةِ نظر: فارعبي، يا نفسُ، من هذهِ المكيدة، وانتبهي كلَّ ساعةٍ ضارعةً إلى الله. إ
نّ مِصباحَ المسيح، اليمامةَ المُحِبَّةَ القفر، الصّوتَ الهاتف، صرخ منادياً بالتّوبة. وهيرودس معَ هيروديا تعدَّيا الشّريعة. فاحذري يا نفسُ أَلاَّ تُقتَنصي بشِباكِ الأثمة، بل اعتنقي التوبة.
إنّ سابقَ النّعمةِ قطنَ البريّة. وأهلُ اليهوديةِ بأسرهم والسامرة لمّا سمعوا بادروا بنشاط، واعترفوا بخطاياهم، واصطبغوا، الّذين لم تشابهيهم يا نفسُ اصلاً.
إنّ الزّواجَ مُكرَّمٌ ومَضجَعَهُ بلا دنس، لأنّ المسيحَ قد سبقَ فباركَ كليهما إذ أكلَ بالبَشَرةِ وحوَّلَ الماءَ خمرًا في عرسِ قانا. وأوضحَ أوّلَ آيةٍ لكيما تنتقلي أيّتها النفس. المسيحُ شدّدَ المخلَّعَ لمَّا حملَ سريره. وأنهضَ الشّابَّ المائتَ ابنَ الأرملةِ، وغلامَ رئيسِ المائة، ولمَّا ظهرَ للسّامريّةِ سبقَ فصوَّرَ لكِ، يا نفسُ، العبادةَ بالرّوح.
أيّتها النّفسُ الشّقيّة، إنّ الرّبَّ شفي نازفةَ الدّمِ بلمسِ ثوبه، وطهّرَ البرص، وأنارَ العميان، وأقامَ العُرج، وأبرأ بكلمتِهِ الصُّمَّ والخُرسَ والمنحنيةَ إلى الأرضِ لتَخلُصي أنتِ.
المسيحُ الكلمةُ كانَ يُبشّرُ المساكينَ شافيًا الأمراض. وأبرأ الـمُقعَدينَ . وآكلَ العشّارينَ. وخاطبَ الخطأة. وردَّ، بلمسِ يدِهِ، ابنةَ ياييرس بعد انتقالِها.
إنّ العشّارَ خَلُصَ، والزّانيةَ تعفّفتْ. والفرّيسي تعظّمَ فشُجِب. فالواحدُ قالَ: اغفر لي. والأخرى صرختْ: ارحمني. وامَّا ذاك فتشامخَ هاتفًا: أشكرُكَ يا ألله وتَوابعَ أقوالِ الجهالة.
إنّ زكَّا كانَ عشّارًا لكنّهُ معَ ذلكَ خلُص. وسمعانُ الفرّيسيّ غَلِطَ. والزّانيةُ حظيَتْ بالحلِّ والصّفحِ مِنَ الّذي لهُ قُدرةٌ أن يغفِرَ الخطايا. فلهذا، احرصي يا نفسُ أن تُغايري.
أيّتها النّفسُ الشّقيّة! ما شابهتِ الزّانيةَ الّتى أخذتْ قارورةَ الطّيبِ وضمّخَتْ بهِ، معَ دموعِها، قدمَي الرّبّ، ومسحتْهما بشعرِها، فمزَّقَ لها صكَّ خطاياها السالفة .
يا نفسُ! لقد عرفتِ كيف لُعنَتِ المدنُ الّتى أبدى لها المسيحُ بشارتَهُ فارهبي النّموذَج. ولا تصيري نظيرَها، كونُ السّيّدِ مثّلَها بصادومَ وحكمَ عليها بالهبوطِ إلى الجحيم.
يا نفسُ! قد سمعتِ بإيمانِ الكَنعانيّةِ الّتى بواسطتِها شُفِيتْ ابنتُها بكلمةِ الله. فلا تَظهري باليأس أشرَّ منها. لكن كما صرخَتْ تلكَ نحوَ المسيح، هكذا اهتفي من داخلِ قلبك: يا ابن داودَ خلِّصْنني .
ترأَّفْ عليّ يا ابنَ داود وخلصني! إرحمني يا من شفيتَ المجانينَ بكلمة. قُلْ نحوي بنغمةٍ عطوفةٍ كما قلتَ للّص: الحقَّ أقولُ لكَ إنّكَ ستكونُ معي في الفردوس إذا وافيتُ بِمجدي.
إنّ اللّصَّ الواحدَ ثَلَبَك، والآخرَ تكلَّمَ في لاهوتِك، لأنَّهما كِليهما عُلِّقا على الصّليبِ معك. لكن يا جزيلَ التحنُّن، كما فتحتَ للّصِّ المؤمنِ الّذي عرفَكَ إلهًا افتح لي أيضًا بابَ مُلكِكَ المجيد .
إنّ البرايا، لمّا رأتْكَ مصلوباً تضايقت. فالجبالُ معَ الصّخورِ تفطّرَتْ مِنَ الخوف. والأرضُ تزلزلتْ، والجحيمُ تعرَّتْ، والنّورُ أظلمَ في اليومِ الّذي أبصروكَ فيه، يا يسوعُ مصلوبًا بالجسد.
لا تطلبْ منّي ثِماراً لائقةً بالتّوبة، أيّها المخلّصُ وحدَك، لأنّ قوّتي قد فنيَتْ فيَّ، لكن امنحْني على الدّوامِ قلبًا منسحقًا ومسكَنةً روحانيّة، حتى أُقرِّبَهما لكَ كضحيّةٍ مقبولة .
يا ديّاني والعالِمُ بي، المزمِعُ أن توافيَ أيضًاً مع ملائكتِكَ لتدينَ العالمَ بأسره! انظرْ إليَّ حينئذٍ بناظرِكَ لرَّحيمِ وترأَّفْ علـيّ يا يسوع، أنا الّذي خطئتُ إليكَ أكثرَ من كـلِّ البشر.
أيّتها البارّةُ تشفَّعي فينا
يا مريمُ، لقد أذهلتِ بسيرتِكِ الغريبةِ طُغمات الملائكةِ بأسرِها، وجميعَ محافلِ البشر، لمّا تجاوزتِ حدودَ الطّبيعة، وسِرتِ بعدمِ الهيولى. وبواسطةِ ذلكَ عبرتِ الأردنَّ بالقدَمينِ كفاقدةِ الجسم.
أيّتها البارّةُ تشفَّعي فينا
أيّتها الأمُّ البارّة! استعطفي لنا الخالقَ، نحن الّذين نُكَرِّمُكِ، لكي ننجوَ منَ الأسواءِ والأحزانِ المحيطةِ بنا، حتى إذا خَلُصْنا منَ التّجاربِ، نُعظِّمُ بغيِر فتورٍ، الرّبَّ الّذي مجَّدَكِ.
يا قدّيسَ اللهِ تشفَّعْ فينا
يا إندراوسُ الموقَّر، والأبُ المثلّثُ الغِبطة. يا راعي كريت! لا تكفَّ مبتهلاً من أجلِنا نحن المادحيَن إيّاك، لكي ننجوَ من كلِّ سُخطٍ وفساد، ونخلُصَ من المآثمِ، بما أنّنا مكرمون بإيمان تذكارَك.
المجدُ للآبِ والابنِ والرّوحِ القدُس .
إيّاكَ أُسبِّحُ أيّها الثّالوثُ المتساوي الجوهر الواحدُ المثّلثُ الأقانيم ممجِّدينَ الآبَ ومعظِّمينَ الابنَ وساجدينَ للرّوحِ الّذي هو بالحقيقةِ واحدٌ بالطّبيعة، وإلهٌ وحياةٌ وحياءاتٌ ومُلكٌ لا يزول.
الآن وكلَّ أوانٍ وإلى دهر الداهرين آمين.
يا والدةَ الإله الطّاهرة! احفظِي مدينتَكِ، لأنّها بكِ مالكةٌ بإيمان، وبكِ تتأيدُ وبكِ تظفرُ، وبكِ تدحضُ كلَّ محنةٍ وتَسبي المحاربينَ إيَّاها، وتصونُ الخاضعينَ لها.

ثم الارمس ايضاً
إنّ الوِلادةَ لا تُفسَّر، لأنّ الحبَلَ بغيِر زرعٍ ولا فساد، من أمٍّ غيرِ عارفـةٍ خِبرةَ رجل، لأنّ وِلادةَ الإلهِ قـد جدَّدتِ الطّبائع. فلذلك، بإيمانٍ مستقيم، تعظِّمُكِ كلُّ الأجيال، بما أنّكِ أمٌّ عروسُ الله