البطريرك يوحنا العاشر في زيارة رعائيّّة لأبرشية…
استقبلت حماه شعبيًا ورسميًا غبطة البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.
الزيارة الرعائيّة التي تكتسب طابعًا هامًا في هذه الأيام، ابتدأت باستقبال غبطته على مشارف المدينة حيث كان في استقباله متروبوليت حماه وتوابعها ايليّا (صليبا) ومتروبوليت حمص وتوابعها جورج (أبو زخم).
كما حضر أيضًا محافظ حماه غسان خلف وأمين فرع الحزب الدكتور محمد العمادي وفعاليّات حماه الرسمية ورجال الدين الإسلامي والمسيحي وممثّلون عن مديرية الأوقاف.
وقبيل وصوله إلى دار المطرانية ترجّل غبطته وأُستقبل شعبيُا أمام كاتدرائية القدّيس جاورجيوس، وعزف كشّاف القدّيس جاورجيوس مرحبًّا بالبطريرك الذي أُستقبل بأغصان الزيتون. وبعد صلاة الشكر رحّب المطران صليبا بغبطته مؤكّدًا فرح الأبرشيّة باستقبال السيّد البطريرك.
ورّد غبطته بكلمةٍ جاء فيها:
صاحب السيّادة،
السادة الرسميّون،
إخوتي وأحبتي،
حماك الله يا حماه وحمى فيك أهلك الطيبّين!
من دمشق أحمل لكم سلام المحيّة والأحبّة. ومن الكنيسة المريمية أنقل محبّة جارة بردى إلى جارة العاصي.
سلامي لكم يا أبناءنا في حماه.
وسلامي هذا سلام تحيّةٍ لحماه بكلّ أبنائها. سلامي فيها لكلّ نفس تغرف مع نواعيرها مكايّيل المحبّة لكلّ ذرّة من تراب سوريا وتراب المشرق.
سلامي لكم تحيّة وطن يتوق إلى سلام ربوعه ويسأل الرحمة لشهدائه.
سلامي لكم سلام ربيع الخليقة، يسوع. الذي أسأله أن يبارككم ويبارك أهلكم وأولادكم.
سلامي إلى الأبرشية التي أعطت إغناطيوس الرابع وإلى الطيبة الرسولية التي تزين جباه أبنائها وتنبض في قلوبهم دفق الحب لله وللوطن.
نجتمع اليوم لنلتقي راعيًّا ورعيّة.
نجتمع في ضيافة سيّدنا إيليّا الذي عرفته وعرفت فيه ذلك الراعي الذي أبى ويأبى إلّا أن يكون إلى جانب أبنائه.
سيّدنا إيليا الذي يختصر بشخصه محبّة أنطاكية لكلّ بنيها.
سيّدنا إيليّا، الشيخوخة الروحية والهمة الشبابية المتّقدة الآتي مع العاصي من لبنان ليكون على رأس خدمة هذه الأبرشية المباركة.
سيّدنا إيليّا ابن القرية الوادعة، كفر صارون، سليل الكورة جارة الأرز. ومن هنا سلامنا للكورة ولأهل الكورة وللبنان.
ومن مطرانية حماه أبعث بالبركة الرسولية إليكم يا أبناء هذه الأبرشيّة المحروسة بالله، الذين سنلتقيكم في هذه الأيام المباركة وسنسأل وإياكم معونة رّب القوّات السماويّة وشفاعة الأم العذراء، أمًّا رؤومًا تحمي أبناء سوريا.
نجتمع لنقول إن إرادة البقاء في سوريا وفي أرض سوريا عليها أن تغلب كلّ رياح الدنيا. قلتها كثيرًا ومن حماه أعيدها. نحن وإخوتنا المسلمون رئتا هذا المشرق. ونحن لا نعرف في المسلمين وفي المسيحيين إلا نسيجًا واحدًا ينبذ كلّ تطرّف وتكفيرٍ وإرهاب يطال المسجد والكنيسة، ويطال الشيخ والمطران.
نحن لا ندّعي بأننا مجتمع مثالي ولكنّنا نسعى لأن نتمثّل خصال الخيّرين.
نحن لا ندّعي أن الشوائب لا تعتري مجتمعنا، ولكنّنا نرفض أن نترك اللب ونلحق القشور. نحن اليوم لنصلّي هنا ونقول إن جنّة الله تُفتح لنا عندما نفتح قلوبنا لبذرة صوته الحيّ، وهو الضمير الذي لا يخطئ بوصلته مهما تعدّدت الأديان ومهما اختلفت المشارب.
اليوم هو عيد المعلّم. ومن هنا أرسل معايدتي القلبية لكلّ المعلمين. وأغتنم الفرصة لأقول إن كنز كنوزنا هي التربية القويمة. هذه التربية القويمة التي يتلقّنها التلميذ في المنزل ويحرثها المدرّس في المدرسة هي السبيل الأوّل إلى سلام النفس البشرية وسلام النفس البشرية، أو كما يسمّيها الآباء، التصالح مع الذات هو قوام التصالح والسلام مع البارئ. وهي في الوقت عينه دعامة قوّة الوطن وثبات المجتمع، ومجد الكنيسة بتمجّد الله في أعمال أبنائها.
ومعلّمنا الإنجيلي علّمنا الصلاة. وهو نفسه صلّى وسلّم إلينا "أيقونة" الصلاة، مريم العذراء التي نكرّمها مسيحيين ومسلمين.
نصلّي إليها ونطلب الرأفة بسوريا.
نصلّي إليها وإلى طفلها الإلهيّ من أجل السلام في بلد عرف عنه حبّه للسلام.
نصلّي من أجل هذه الأرض ومن أجل ناسها الخيّرين الذين سئموا كلّ أنواع التطرّف والإرهاب والخطف الأعمى والذين عاشوا ويعيشون رغم ظلام الأيام تحت سقف الوطن الواحد بدون تفرقة.
نصلّي أن يرحم الله شهداءنا الأبرار ويرحم النفوس التي التاعت بفقدان الأحبة. ّ
نصلّي من أجل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب الذين يصمت العالم صمتًا غريبًا ومخزيًا عن قضّيتهم المعلّقة منذ ما يقارب العامين.
ومن حماه أتوجّه بالتحيّة لسيادة الدكتور بشارالأسد رئيس الجمهورية العربية السورية وإلى كلّ الشعب السوري طالبًا من الله أن يديم رحمته على سوريا ويعيدها إلى سابق أمانها.
ومن جديد، حماك الله يا حماه وحمى فيك أهلك الطيّبين! وبوركت نفوسٌ شربت من العاصي وتعلّمت أن تكون عصيّةً أمام حراب الزمن الحاضر، وأن يكتحل محياها بنور القيامة المجيدة. وشكراً.
وبعد الصلاة صافح غبطته المؤمنين الذين توافدوا للقاء غبطته في صالة الكنيسة