القديس البار خريستوذولوس العجائبي
ولد في إحدى قرى بيثينيا قرابة العام 1020م. درس وتعلم، بنعمة الله، أن يستخف بالعابرات ويطلب الباقيات. رغب ذووه في تزويجه عنوة فلم يشأ. فرّ إلى جبل الأوليمبوس، تتلمذ هناك لشيخ معروف بحكمته وعلمه الإلهي. لبس الثوب الملائكي وتسمى خريستوذولوس. اقتدى بمعلمه في كل شئ. اعتبره ايقونة حيّة للمسيح. أذوى جسده بالأصوام وأخذ يُمضي ليال بطولها في الصلاة.
رقد الشيخ بعد ثلاث سنوات من وصوله. حجّ إلى رومية فإلى الأرض المقدسة حيث عايش النساك في صحاري فلسطين القاحلة. انضم إلى أحد الديورة فصار مثلاً يحتذى. انتقل إلى آسيا الصغرى برفقة بعض الرهبان بعدما خّيم شبح غزوة تركية وشيكة لفلسطين. لجأ إلى جبل لاتروس الرهباني. كان لا يقتات سوى من خبز الشعير والماء إلا في الأعياد الكبرى. أسس ديراً في جزيرة كوس. ازداد إقبال الناس عليه فانتقل إلى جزيرة باتموس بعدما منحه إياها الأمبراطور ألكسيوس الأول كومنينوس (1081 – 1118م) وعفاه من الضريبة وأمر بما يلزمه ورهبانه من القمح، سنوياً، من مال الخزينة. لم يكلفه بشئ سوى بالصلاة لأجله ولأجل الامبراطورية.
أسس خريستوذولوس في باتموس ديراً وأنشأ كنيسة على اسم القديس يوحنا اللاهوتي. نظم حياة شركته الرهبانية على القديسين باسيليوس الكبير وسابا المتقدس. وقبل أن تكتمل أسوار الدير، فيما وجه الامبراطور ألكسيوس اهتمامه شطر الغرب لمواجهة البرابرة النورمنديين، تحرك الأتراك من جديد وهددوا شواطئ آسيا الصغرى والجزر فاضطر خريستوذولوس ورهبانه إلى الانتقال إلى أورييوس حيث أسس ديراً مؤقتاً. وإذ أحس بدنو أجله دعا أقرب تلاميذه إليه، سابا، وعينّه على الرهبان من بعده وزوده بتوجيهاته أمراً إياه بالعودة إلى باتموس حالما تسنح الفرصة. فلما كان الاسبوع الثاني من الصوم الكبير من السنة 1093 دعا تلاميذه إليه وباركهم وأملى عليهم عهده وأن يأخذوا جسده معهم متى عادوا إلى باتموس ثم رقد بسلام في 29 آذار من تلك السنة. أضحى دير القديس يوحنا
اللاهوتي في باتموس أحد أبرز المراكز الرهبانية في الأرثوذكسية ومنه خرج العديد من الأساقفة والبطاركة.
طروبارية القديس خريستودولس باللحن الثامن
للبريّة غير المثمرة بمجاري دموعكَ أمرعتَ، وبالتنهُّدات التي من الأعماق أثمرت بأتعابك إلى مئة ضعفٍ، فصرتَ كوكباً للمسكونة متلألئاً بالعجائب، يا أبانا البار خريستوذولُس، فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.