لماذا تدعوني صالحًا؟
لماذا تدعوني صالحًا؟ ليس أحد صالحًا إلّا واحد وهو الله.
صالح في اليونانية هو أغاثي Αγαθη - αγαθος، ومشتق منه صلاح.
كلمة صالح تعني الكثير في الكتاب المقدّس، فنقرأ مثلًا الحوار الذي دار بين الشاب الغني والرّب يسوع إذ إقترب الغني من يسوع وسأله: " «أيّها المعلّم الصالح أيّ صلاح أعمل لتكون لي الحياة الابدية؟ فقال له (يسوع): «لماذا تدعوني صالحًا؟ ليس أحد صالحًا إلّا واحد وهو الله" (متى 16:19-17).
لا سمح الله أن يكون الرّب يسوع في جوابه هنا يقول أنّه ليس صالحًا أو بالأحرى ينكر أنّه الله المتجسّد، بل على العكس تمامًا، جوابه للغني هو نوع من الكشف الإلهي لألوهيته.
لنلاحظ ، يسوع لم يقل للشاب "لا تدعوني صالحًا" بل قال: "لماذا تدعوني صالحًا؟" وهنالك فرق شاسع بين (لا) النافية و(لماذا) التي للإستفهام.
إذًا فقد قصد الرّب يسوع تسليط الضوء على عمق هذه العبارة وصفتها الإلهيّة:
- هل تعيّ حقًا أيّها الشاب ما تقوله؟ أي هل تعيّ أنّك واقف أمام الله الذي صار إنسانًا؟
فالصلاح هنا يتخطّى العبارات البشرية والألقاب التي تُطلق على المعلّمين.
وهذا ما مشابه تمامًا لما سأله الرّب يسوع لتلاميذه:" من يقول الناس إنّي أنا ابن الإنسان؟» (متى 13:16)
فيسوع يطلب منّا أن نتلفّظ عن يقين أنّه الله المتجسّد.
فإن كان الشاب يقصد الصلاح الإلهي فهذا يعني أنّه يعترف أن يسوع هو الله.
فقول يسوع" أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا11:10) هو شهادة وتأكيد على كونه الفادي المخلّص.
وهذا ما تنادي به المسيحية وتشهد له "الكلمة صار جسدًا " (يوحنا14:1) و "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (تيموثاوس الأولى 3 : 16).
الله وحده الكليّ الصلاح وها هو " حلّ بيننا " وهو وحده المنَّزه عن الخطأ، ولم يستطع أحد ولا حتى أعدائه أن يذكر له علَّة واحدة، "من منكم يبكّتني على خطيةٍ"؟ (يوحنا 8 : 46). من منّا أو في التاريخ والحاضر والمستقبل يستطيع أن يقول عن نفسه هذا الكلام؟ لا أحد، لا الأمس ولا اليوم ولا غدًا.
ويتابع يسوع ليقول: ليس للشيطان أي نصيب معه " لان رئيس هذا العالم يأتي وليس له في شيء" ( يوحنا 30:14)
كذلك التلاميذ والرسل شهدوا لطهارته. "الذي لم يفعل خطيئة ولا وُجد في فمه مكْرٌ" (1 بطرس 2: 22). " قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطأة وصار أعلى من السموات" (عبرانين 7: 26).
وأجمل شهادة أتت في الظهور الإلهيّ والتجلّي: "هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ"
الصلاح دعوةٌ لكل البشر، والكتاب المقدّس منذ القدم يطلعنا على أناسٍ دعيوا بالصالحين : "وكان هذا الرجل (أيّوب) كاملًا ومستقيمًا" (أيوب 1 :1).
إذًا هي دعوة غير مستحيلة إذا حقًا ثبتنا بالله وعملنا بوصاياه.
صحيح أن "الجميع زاغوا وفسدوا معًا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد" (رومية 12:3)، إلّا أن طريق التوبة هي قيامة وحياة جديدة.
فالنعمل على تحقيق مشيئة الله فينا: " فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" (إنجيل متى 5 : 48).
2024-10-06
القداس الإلهي في كنيسة الصليب…
2024-10-08
بيان صادر عن المجمع الأنطاكي…
2024-10-10
نداء الأرثوذكس في لبنان "دعوا…
2024-10-16
كلمة البطريرك يوحنا العاشر في…
2024-10-31
شبكة الفصح للسنة الميلاديّة ٢٠٢٥