بيان مشترك



2014-10-28

بيان مشترك بمناسبة الزيارة السلامية لصاحب الغبطة 
يوحنا العاشر بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق إلى كنيسة اليونان 

23 – 27 تشرين الأوّل 2014

 

قام صاحب الغبطة يوحنا (العاشر) بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق بزيارته الأولى السلامية إلى كنيسة اليونان من 23 – 27 تشرين الأول تلبية لدعوة صاحب الغبطة إيرونيموس الثاني رئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان، حيث رافقه وفد من أنطاكيّ من المطارنة والكهنة والشمامسة والعلمانيين.

خلال الزيارة اطلع صاحب الغبطة من قبل رئيس الأساقفة إيرونيموس الثاني والمطارنة أعضاء مجمع كنيسة اليونان على واقع الكنيسة اليونانية التي تشهد ازدهاراً ملحوظاً وحياة روحية مشعة وتوقف عند معاناة الشعب اليوناني الذي يعاني من ضائقة اقتصادية خانقة تهدد الإنسان في لقمة عيشه. كذلك ثمن صاحب الغبطة و الوفد الأنطاكي الجهود التي تقوم بها الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية من خلال مؤسسة أبوستولي ( الخدمة البشارية) في خدمة المحتاجين وبلسمة جراح المتألمين وتعزية الحزانى ودعوا لها وللقيمين عليها وللمحسنين إليها بأن يزيدهم الله من نعمه وخيراته وأن يقويهم في خدمة إخوة يسوع الصغار. ثمّ رفع صاحبا الغبطة الصلاة من أجل أن يقوي الله الشعب اليوناني على اجتياز هذه الأزمة فيبقى مقيماً في الكرامة والعزة اللذين ميزاه عبر التاريخ.

 

وخلال حضوره الجلسة الاستثنائية لمجمع كنيسة اليونان، تدارس صاحب الغبطة والوفد المرافق مع إخوتهم كيفية تفعيل التعاون المشترك بين الكنيستين الشقيقتين على الصعد الرعائية واللاهوتية والاجتماعية وثمنوا التعاون القائم والمستمر بين كنيستيهما من جهة، وبين كنيسة أنطاكيا ودولة اليونان من جهة أخرى، وذلك عبر تبادل الخبرات المشتركة على صعيد الدراسات اللاهوتية، معبرين عن تطلعهم نحو تعاون مستمر في المجال العلميّ والحضاريّ، وفي مجال تعليم اللغة اليونانية، كشهادة أرثوذكسيّة واحدة في عالم اليوم.

 

اتفق الطرفان على ضرورة التحضير الصحيح للمجمع الكبير المقدّس المزمع انعقاده في مدينة إسطنبول (القسطنطينيّة) عام 2016، وشددوا على ضرورة إزالة جميع العوائق التي تحول دون انعقاده. طلب صاحب الغبطة بطريرك أنطاكيا من كل من كنيسة اليونان ووزارة الخارجية اليونانية على حد سواء أن يستمروا في وساطتهم لإيجاد حلّ للأزمة التي افتعلتها بطريركية أورشليم بينها وبين بطريركية أنطاكيا، وذلك حتى لا تشكل هذه المشكلة عائقا أمام انعقاد المجمع المقدس الكبير.

 

ولم يغب هم مسيحيي الشرق ولاسيما أبناء الكرسي الأنطاكي في سوريا ولبنان والعراق عن اجتماع صاحب الغبطة بالمجمع اليوناني المقدس. وقد حمل صاحب الغبطة هذا الهم أيضا إلى فخامة رئيس جمهورية اليونان، ورئيس حكومتها ووزير خارجيتها، وأطلعهم على معاناة المسيحيين الذين ينوؤون تحت هول الإرهاب والتكفير وانعدام الحرية وانسداد آفاق الحلول السلمية في منطقتهم. وقد أكد غبطته أن هذه المنطقة تتقاذفها مصالح الأمم لتغيير حدودها وطمس حضارتها وتقاسم ثرواتها مستخدمة شعوب المنطقة بمختلف أديانهم وطوائفهم وانتماءاتهم كدروع بشرية ووقود لتأجيج هذه الخلافات. وبهذا الشأن عبرت كنيسة اليونان عن مرارتها لموقف الدول المتقدمة تجاه كل ما يحصل اليوم في منطقة الشرق الأوسط.

 

وقد استعرض صاحب الغبطة مع جميع المسؤولين الذين التقاهم تداعيات الأزمة التي تعصف بالمنطقة على الكنيسة وأبنائها بشكل خاص، الذين دمرت بيوتهم وكنائسهم وأديرتهم وهجروا هم أنفسهم. وخلال لقاءاتهم توقف رئيسا الكنيستين عند جرح الكنيسة الأنطاكية النازف وعبرا عن ألمهما الشديد من جراء اختطاف مطراني حلب بولس ويوحنا منذ ما يزيد على عام ونصف. هذه الفاجعة لم يعرف لها تاريخ المنطقة السلاميّ مثيلاً. والأسوأ من ذلك أن المجتمع الدولي يواجه مصير المطرانين المخطوفين بصمت مخزٍ ذات وقع مؤلم على المؤمنين.

 

ثمن آباءُ المجمع اليوناني المقدس والمسؤولون الرسميون الذين التقاهم صاحب الغبطة مواقفَ الكنسية الأنطاكية وثوابتها الوطنية التي لا تقارب الأزمة في الشرق بمنطق طائفي ضيق بل باعتبارها حرباً بين عظماء الأرض الذين يستخدمون الأديان في صراعهم. وقد أكد رئيس أساقفة اليونان على هذا الشيء، قائلاً: " إن كنيسة اليونان كانت، وهي الآن، وستكون دوماً بجانب الكنيسة الأنطاكية الشقيقة في سعيها من أجل إيقاف الحروب وإحلال السلام بهدف المصالحة بين سكان البلد على اختلاف انتماءاتهم الدينية. وإنكم تعرفون جيداً أن كل من يعبد الله الخالق لا يرغب في الحرب التي تدعمها للأسف الأفكار التعصبية المتطرفة المسنودة من مراكز دينية غريبة".

 

وحضرت سوريا وجراحها، ولبنان وهمومه، والعراق وفلسطين في صلوات صاحبي الغبطة ومرافقيهم في كل الأماكن التي زاروها ولاسيما كنيسة القديس يوحنا الروسي في جزيرة إيفيا. وصلوا خلال احتفالهم بالقداس الإلهي بمناسبة عيد القديس ديمتريوس المفيض الطيب من أجل أن يعم السلام في هذه البلدان وأن يعزي الله أبناءها ويشددهم في محنتهم.

 

في النهاية، شكر صاحب الغبطة أخيه رئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان والحكومة اليونانية والشعب على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن التنظيم وعلى وسام الشرف الذي منحه إياه مجمع كنيسة اليونان المقدس، مهدياً هذا الوسام لجميع المعذبين من أبنائه في الكرسي الأنطاكي.