إزمير أو سميرنا



إزمير:

كانت تدعى في الأساس «سميرنا»، وهي تُعد من المدن القديمة في آسيا الصغرى. 
تذكر «سميرنا» في سفر الرؤيا (الرسالة الثانية من الرسائل السبعة الموجّهة إلى كل من أفسس وسميرنا وبرغامس وثياتيرا وساردس وفيلادلفيا ولاوديكية).

سميرنا اسم يوناني معناه "مر"، وهى مدينة في غرب آسيا الصغرى على بُعد 40 ميل شمالي أفسس.

 سميرنا، كانت نَصيرة الإيمان المسيحي في روما، من قبل ما تصبح روما الأعظم في شرق البحر المتوسط. ففي الغالب وصل الإنجيل إلى سميرنا في وقت مُبكر، واحتمال وصلها من أفسس على يد بولس الرسول، كما يقول: "وكان ذلك لمدة سنتين. حتى سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في آسيا. من يهود ويونانيين" (أع ١٠:١٩).

المدينة وسفر الرؤيّا:

h «وأكتب إلى ملاك كنيسة سميرنا. هذا يقوله الأوّل والآخر الذي كان ميتًا فعاش. أنا أعرف أعمالك وضيقتك وفقرك. مع إنّك غني. وتجديف القائلين أنّهم يهود وليسوا يهودًا بل هم مجمع الشيطان. لا تخف البتّة ممّا أنت عتيد أن تتألمّ به. هوذا إبليس مزمع أن يلقي بعضًا منكم في السجن لكي تجرّبوا، ويكون لكم ضيق عشرة أيّام. كن أمينًا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة. من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس، من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني» (٨:٢-١١).

كانت تعاني الكنيسة في سميرنا من اضطهاد ومقبلة على فترة اضطهاد طويلة. اضّطهدها اليهود أوَّلًا ومن ثم الرومان. بدأ الإضطّهاد على يد نيرون، وفي زمن كتابة السفر على يد دومتيانوس.

مُعاناة كنيسة سميرنا جاءت من جماعة يهود يظنون أنهم هم أصحاب الإيمان السليم، وتقدموا بوشاية ضد المسيحيين عند الأباطرة الرومان، لذلك قيل عنهم: "وتجديف القائلين: انهم يهود وليسوا يهوداً. بل هم مجمع الشيطان". حيث كانت جماعة اليهود في سميرنا لهم نفوذ وسطوة، أكثر من يهود آسيا عموماً. ونقدر أن نعتبر أن كراهية اليهود الأصليين للمسيحيين كانت بسبب أن الكثير من الذين اعتنقوا المسيحية هناك (في سميرنا) كانوا من اليهود وليس من الوثنيين. وهناك محاولات أخرى من الاضطهاد تنتظر كنيسة سميرنا، لأنه قال: "هوذا الشيطان مُزمع أن يُلقى بعضاً منكم في السجن"، والسجن بالطبع مُقدمة لعذابات كثيرة.

كشف الرّب يسوع المسيح «الأَوَّلُ وَالآخِرُ والَّذِي كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ» للقدّيس يوحنا الإنجيلي كاتب سفر الرؤيا، أن هذا الاضطهاد سيمتد لفترة طويلة على يد عشرة أباطرة«يكون لكم ضيق عشرة أيام»: اليوم هنا هو فترة حكم أحد الأباطرة العشرة، وهذا ما حدث تاريخيًا. 

فلقد بدأ الاضطهاد الروماني ضد الكنيسة المسيحية على يد نيرون وانتهى على يد دقلديانوس، وتولّى بينهما عدد من الأباطرة الذين اضطهدوا المسيحية، وكان عددهم عشرة.

معزّي هذه الكنيسة في سميرنا هو الله نفسه الذي أصبح إنسانًا، الذي صُلب وقام. هو يعرف حالتهم ويكرّر لهم ما جاء في إنجيل يوحنّا:«قد كلّمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا: انا قد غلبت العالم». (يوحنّا ٣٣:١٦). ويؤكّد لهم أن من كان أمينًا لا يغلبه الموت الثاني لأن الموّت الأوّل غلبه يسوع في قيامته، والموت الجسدي الثاني، أي موت كلّ واحد منّا، هو رقاد وانتقال قيامة:«لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر. بل أريكم ممن تخافون: خافوا من الذي بعدما يقتل له سلطان أن يلقي في جهنم» (لوقا ٤:١٢-٥).


ملاحظة:

صاحب السفر هو القدّيس يوحنا الإنجيلي أي اللاهوتي. كتبه في حوالي سنة ٩٥م في جزيرة بطمس في نهاية حكم دومتيانوس حيث كان منفيًّا. 
تبعد بطمس حوالي 25 ميلًا من شواطىء آسيا الصغرى (تركيا) وتدعى حاليًا بتينو. وهي كانت جزيرة قاحلة لا يسكنها غير المجرمين المنفيّين حيث لا يمكنهم الهرب منها. قضى يوحنا فيها سنة ونصف وعاد بعدها لرعاية كنيسة أفسس بعد استشهاد أسقفها تيموثاوس.

لم يذكر يوحنا اسمه في إنجيله ولكن ذكره هنا خمس مرات (٩،٤،١:١) + (٢:٢١) + (٨:٢٢). دعى نفسه في إنجيله «التلميذ الذي كان يسوع يحبّه» (يو ٢٦:١٩) + (يو ٢٠:٢١)، ولكن كان يلزم ذكر اسم من كتب سفر الرؤيا وذلك لغموضه ونبواءته، ليكون هناك ثقة في من كتبه وثقة فيما هو مكتوب فيه.

يوحنا كان أحد التلميذين اللذين سارا وراء الرّب يسوع (هو أندراوس) بعد شهادة القدّيس يوحنا المعمدان إذ كان يوحنا تلميذًا للمعمدان(يو ٣٥:١).

ليوحنا الإنجيلي أيضًا ثلاث رسائل، وهو كان من عائلة غنيّة احترفت صيد السمك وكان عندهم عمّال، لكنّه ترك كلّ شيء وأصبح تلميذًا للرّب. «فدعاهما -يسوع- للوقت فتركا أباهما زبدي في السفينة مع الأجرى وذهبا وراءه» (مرقس ٢٠:١).

 

سميرنا في التاريخ:

ARCHANGE MICHEL سميرنا هي مدينة مجاورة لشاطئ خليج إزمير، الذي هو امتداد لبحر إيجة، وهي اليوم الميناء الرئيسي لتركيا في جزئها الآسيوي.

قام اليونانيّون قديمًا ببناء الأكروبولس (قلعة تحتوي على عدّة مقدّسات) على قمّة جبل باقوس التي تمّ بناء المدينة عليه، ولكن مع كلّ هذا لم يتبقَّ لها أي آثار تقريبًا. أحد هذه المقدّسات كانت للشاعر اليوناني هوميروس، وبحسب أقوال سكان سميرناه العتيقة فإن هوميروس قد ولد في مدينتهم.

في نهاية القرن السادس قبل الميلاد دُمِّرت المدينة بواسطة الملك ألياتس. ولكن في القرن الثالث قبل الميلاد وُجدت مرة أخرى كمدينة يونانية في آسيا، بواسطة ليسيمانوس. وصارت من أكثر المدن ازدهارًا في آسيا الصغرى. فقد كانت الميناء الطبيعي في الطريق القديم للتجارة. وتحت الإمبراطورية الرومانية، صارت سميرنا أكثر شهرة بسبب فخامة مبانيها الحكومية.

في عام ١٤٢٤م أصبحت المدينة جزءًا من الإمبراطوريّة العثمانية، وكان معظم سكّانها مسيحيّين من اليونانيّين والأرمن وأقليّة من اليهود. 
في عام ١٩١٩م، بعد الحرب العالمية الأولى، سيطر الجنود اليونانيّون على المدينة وما حولها، حيث أُبرِمت السيادة اليونانية عليها في معاهدة سفر (١٩٢٠م).
في عام ١٩٢٢م، قام مصطفى كمال بإستعادة المدينة بعد أن أشعل النيران في أجزاء كبيرة منها، وفرّ معظم السكان اليونانيّون من سميرنا. 
وبعد مرور عام، صادقت السلطات التركيّة على معاهدة لوزان، بعد أن قامت كلّ من تركيا واليونان بالتوقيع على اتفاقية تبادل السكان على أساس ديني (المسيحيين لليونان والمسلمين لتركيا)، بحيث لم يتبقَ في المدينة أي يوناني. 
في المقابل بقيت أقليّة من أتباع الكنيسة الأرمنيّة الأرثوذكسيّة ومن الشوام.